الباحث القرآني
وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ ﴿لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها﴾ مُتَعَلِّقٌ بِما يَدُلُّ عَلَيْهِ ما ذُكِرَ مِن كَوْنِ جُنُودِ السَّماواتِ والأرْضِ لَهُ جَلَّ شَأْنُهُ مِن مَعْنى التَّصَرُّفِ والتَّدْبِيرِ، وقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الأفاضِلِ بِأنَّهُ كِنايَةٌ عَنْهُ أيْ دَبَّرَ سُبْحانَهُ ما دَبَّرَ مِن تَسْلِيطِ المُؤْمِنِينَ لِيَعْرِفُوا نِعْمَةَ اللَّهِ تَعالى في ذَلِكَ ويَشْكُرُوها فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ فالعِلَّةُ في الحَقِيقَةِ مَعْرِفَةُ النِّعْمَةِ وشُكْرُها لَكِنَّها لَمّا كانَتْ سَبَبًا لِدُخُولِ الجَنَّةِ أُقِيمَ المُسَبِّبُ مَقامَ السَّبَبِ. وقِيلَ: مُتَعَلِّقٌ بِفَتَحْنا، وقِيلَ: بِأنْزَلَ، وتَعَلُّقُهُ بِذَلِكَ مَعَ تَعَلُّقِ اللّامِ الأُخْرى بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى تَعَلُّقِ الأوَّلِ بِهِ مُطْلَقًا والثّانِي مُقَيَّدًا، وتَنْزِيلُ تَغايُرِ الوَصْفَيْنِ مَنزِلَةَ تَغايُرِ الذّاتَيْنِ وإلّا فَلا يَتَعَلَّقُ بِعامِلٍ واحِدٍ حَرْفا جَرٍّ بِمَعْنًى واحِدٍ مِن غَيْرِ اتِّباعٍ، وقِيلَ: مُتَعَلِّقٌ بِـ ”يَنْصُرْكَ“، وقِيلَ: بِـ ”يَزْدادَ“، وقِيلَ: بِجَمِيعِ ما ذُكِرَ إمّا عَلى التَّنازُعِ والتَّقْدِيرِ أوْ بِتَقْدِيرِ ما يَشْمَلُ ذَلِكَ كَفَعَلَ سُبْحانَهُ ما ذُكِرَ لِيُدْخِلَ إلَخْ، وقِيلَ: هو بَدَلٌ مِن لِيَزْدادَ بَدَلَ اشْتِمالٍ فَإنَّ إدْخالَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ الجَنَّةِ وكَذا ما عُطِفَ عَلَيْهِ مُسْتَلْزِمٌ لِزِيادَةِ الإيمانِ، وبَدَلُ الِاشْتِمالِ يَعْتَمِدُ عَلى مُلابَسَةِ ما بَيْنَ المُبْدَلِ والمُبْدَلِ مِنهُ بِحَيْثُ يُشْعِرُ أحَدُهُما بِالآخَرِ غَيْرَ الكُلِّيَّةِ والبَعْضِيَّةِ، ولَعَلَّ الأظْهَرَ الوَجْهُ الأوَّلُ، وضَمُّ المُؤْمِناتِ هاهُنا إلى المُؤْمِنِينَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ اخْتِصاصِ الحُكْمِ بِالذُّكُورِ لِأجْلِ الجِهادِ والفَتْحِ عَلى أيْدِيهِمْ، وكَذا في كُلِّ مَوْضِعٍ يُوهِمُ الِاخْتِصاصَ يُصَرَّحُ بِذِكْرِ النِّساءِ، ويُقالُ نَحْوَ ذَلِكَ فِيما بَعْدُ كَذا قِيلَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وجَماعَةٌ عَنْ أنَسٍ قالَ: «(أُنْزِلَتْ عَلى النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ في مَرْجِعِهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فَقالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هي أحَبُّ إلَيَّ مِمّا عَلى الأرْضِ ثُمَّ قَرَأها عَلَيْهِمْ فَقالُوا: هَنِيئًا مَرِيئًا يا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعالى لَكَ ماذا يَفْعَلُ بِكَ فَماذا يَفْعَلُ بِنا فَنَزَلَتْ لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ حَتّى بَلَغَ فَوْزًا عَظِيمًا)».
﴿ويُكَفِّرَ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ﴾ أيْ يُغَطِّيها ولا يُظْهِرُها، والمُرادُ يَمْحُوها سُبْحانَهُ ولا يُؤاخِذُهم بِها، وتَقْدِيمُ الإدْخالِ في الذِّكْرِ عَلى التَّكْفِيرِ مَعَ أنَّ التَّرْتِيبَ في الوُجُودِ عَلى العَكْسِ لِلْمُسارَعَةِ إلى بَيانِ ما هو المَطْلُوبُ إلّا عَلى كَذا قالَ غَيْرُ واحِدٍ، ويَجُوزُ عِنْدِي أنْ يَكُونَ التَّكْفِيرُ في الجَنَّةِ عَلى أنَّ المَعْنى يُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ ويُغَطِّي سَيِّئاتِهِمْ ويَسْتُرُها عَنْهم فَلا تَمُرُّ لَهم بِبالٍ ولا يَذْكُرُونَها أصْلًا لِئَلّا يَخْجَلُوا فَيَتَكَدَّرَ صَفْوُ عَيْشِهِمْ، وقَدْ مَرَّ مِثْلُ ذَلِكَ.
﴿وكانَ ذَلِكَ﴾ أيْ ما ذُكِرَ مِنَ الإدْخالِ والتَّكْفِيرِ ﴿عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ لا يُقادَرُ قَدْرُهُ لِأنَّهُ مُنْتَهى ما تَمْتَدُّ إلَيْهِ أعْناقُ الهِمَمِ مِن جَلْبِ نَفْعٍ ودَفْعِ ضُرٍّ، و( عِنْدَ اللَّهِ ) حالٌ مِن ( فَوْزًا ) لِأنَّ صِفَةَ النَّكِرَةِ إذا قُدِّمَتْ عَلَيْها (p-95)أُعْرِبَتْ حالًا، وكَوْنُهُ يَجُوزُ فِيهِ الحالِيَّةُ إذا تَأخَّرَ عَنْ ( عَظِيمًا ) لا ضَيْرَ فِيهِ كَما تُوُهِّمَ أيْ كائِنًا عِنْدَ اللَّهِ تَعالى أيْ في عِلْمِهِ سُبْحانَهُ وقَضائِهِ جَلَّ شَأْنُهُ، والجُمْلَةُ اعْتِراضٌ مُقَرِّرٌ لِما قَبْلَهُ،
{"ayah":"لِّیُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَیُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَ ٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











