الباحث القرآني

﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى ما مَرَّ مِنَ الإضْلالِ والتَّكْفِيرِ والإصْلاحِ وهو مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِأنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الباطِلَ وأنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِن رَبِّهِمْ﴾ أيْ ذَلِكَ كائِنٌ بِسَبَبِ اتِّباعِ الأوَّلِينَ الباطِلَ واتِّباعِ الآخِرِينَ الحَقَّ والمُرادُ بِالحَقِّ والباطِلِ مَعْناهُما المَشْهُورُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهُ عَنْ مُجاهِدٍ تَفْسِيرَ ( الباطِلَ ) بِالشَّيْطانِ. وفي البَحْرِ قالَ مُجاهِدٌ: الباطِلُ الشَّيْطانُ وكُلُّ ما يَأْمُرُ بِهِ ﴿والحَقَّ﴾ هو الرَّسُولُ والشَّرْعُ، وقِيلَ: الباطِلُ ما لا يُنْتَفَعُ بِهِ، وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ كَوْنَ ذَلِكَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ( وبِأنَّ ) إلَخْ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، والتَّقْدِيرُ الأمْرُ ذَلِكَ أيْ كَما ذُكِرَ مُلْتَبِسًا بِهَذا السَّبَبِ. والعامِلُ في الحالِ إمّا مَعْنى الإشارَةِ وإمّا نَحْوَ أثْبَتُهُ وأحَقُّهُ فَإنَّ الجُمْلَةَ تَدُلُّ عَلى ذَلِكَ لِأنَّهُ مَضْمُونُ كُلِّ خَبَرٍ وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّ فِيهِ ارْتِكابًا لِلْحَذْفِ مِن غَيْرِ داعٍ لَهُ، والجارُّ والمَجْرُورُ أعْنِي ( مِن رَبِّهِمْ ) في مَوْضِعِ الحالِ عَلى كُلِّ حالٍ، والكَلامُ أعْنِي قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنَّ﴾ إلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿مِن رَبِّهِمْ﴾ تَصْرِيحٌ بِما أشْعَرَ بِهِ الكَلامُ السّابِقُ مِنَ السَّبَبِيَّةِ لِما فِيهِ مِنَ البِناءِ عَلى المَوْصُولِ، ويُسَمِّيهِ عُلَماءُ البَيانِ التَّفْسِيرُ، ونَظِيرُهُ ما أنْشَدَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ لِنَفْسِهِ: ؎بِهِ فُجِعَ الفُرْسانُ فَوْقَ خُيُولِهِمْ كَما فَجُعِتْ تَحْتَ السُّتُورِ العَواتِقُ ؎تَساقَطَ مِن أيْدِيهِمُ البَيْضُ حَيْرَةً ∗∗∗ وزَعْزَعَ عَنْ أجْيادِهِنَّ المُخانِقُ فَإنَّ فِيهِ تَفْسِيرًا عَلى طَرِيقِ اللَّفِّ والنَّشْرِ كَما في الآيَةِ وهو مِن مَحاسِنِ الكَلامِ ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلُ ذَلِكَ الضَّرْبِ البَدِيعِ ﴿يَضْرِبُ اللَّهُ﴾ أيْ يُبَيِّنُ ﴿لِلنّاسِ﴾ أيْ لِأجْلِهِمْ ﴿أمْثالَهُمْ﴾ أيْ أحْوالَ الفَرِيقَيْنِ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ وأوْصافَهُما الجارِيَةَ في الغَرابَةِ مَجْرى الأمْثالِ، وهي اتِّباعُ المُؤْمِنِينَ الحَقَّ وفَوْزُهم وفَلاحُهُمْ، واتِّباعُ الكافِرِينَ الباطِلَ وخَيْبَتُهم وخُسْرانُهُمْ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ بِضَرْبِ الأمْثالِ التَّمْثِيلُ والتَّشْبِيهُ بِأنْ جَعَلَ سُبْحانَهُ اتِّباعَ الباطِلِ مَثَلًا لِعَمَلِ الكُفّارِ والإضْلالَ مَثَلًا لِخَيْبَتِهِمْ واتِّباعَ الحَقِّ مَثَلًا لِعَمَلِ المُؤْمِنِينَ وتَكْفِيرَ السَّيِّئاتِ مَثَلًا لِفَوْزِهِمْ والإشارَةُ بِذَلِكَ لِما تَضَمَّنَهُ الكَلامُ السّابِقُ، وجُوِّزَ كَوْنُ ضَمِيرِ ( أمْثالَهم ) لِلنّاسِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب