﴿ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلى النّارِ﴾ ظَرْفٌ عامِلُهُ قَوْلٌ مُضْمَرٌ مَقُولُهُ تَعالى: ﴿ألَيْسَ هَذا بِالحَقِّ﴾ أيْ ويُقالُ: (يَوْمَ يُعْرَضُ) إلَخْ، والظّاهِرُ أنَّ الجُمْلَةَ مُعْتَرَضَةٌ، وقِيلَ: هي حالٌ، والتَّقْدِيرُ وقَدْ قِيلَ، وفِيهِ نَظَرٌ، وقَدْ مَرَّ آنِفًا الكَلامُ في العَرْضِ بِطُولِهِ، والإشارَةُ إلى ما يُشاهِدُونَهُ حِينَ العَرَضِ مِن حَيْثُ هو مِن غَيْرِ أنْ يَخْطُرَ بِالبالِ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ تَذْكِيرِهِ وتَأْنِيثِهِ إذْ هو اللّائِقُ بِتَهْوِيلِهِ وتَفْخِيمِهِ، وقِيلَ: هي إلى العَذابِ بِقَرِينَةِ التَّصْرِيحِ بِهِ بُعْدٌ، وفِيهِ تَهَكُّمٌ بِهِمْ وتَوْبِيخٌ لَهم عَلى اسْتِهْزائِهِمْ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعالى ووَعِيدِهِ، وقَوْلِهِمْ: ﴿وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ .
﴿قالُوا بَلى ورَبِّنا﴾ تَصْدِيقٌ بِحَقِّيَّتِهِ وأكَّدُوا بِالقَسَمِ كَأنَّهم يَطْمَعُونَ في الخَلاصِ بِالِاعْتِرافِ بِحَقِّيَّةِ ذَلِكَ كَما في الدُّنْيا وأنّى لَهم. وعَنِ الحَسَنِ أنَّهم لَيُعَذَّبُونِ في النّارِ وهم راضُونَ بِذَلِكَ لِأنْفُسِهِمْ يَعْتَرِفُونَ أنَّهُ العَدْلُ.
﴿قالَ فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ بِسَبَبِ اسْتِمْرارِكم عَلى الكُفْرِ في الدُّنْيا، ومَعْنى الأمْرِ الإهانَةُ بِهِمْ فَهو تَهَكُّمٌ وتَوْبِيخٌ وإلّا لَكانَ تَحْصِيلًا لِلْحاصِلِ، وقِيلَ: هو أمْرٌ تَكْوِينِيٌّ والمُرادُ إيجابُ عَذابٍ غَيْرِ ما هم فِيهِ ولَيْسَ بِذاكَ،
{"ayah":"وَیَوۡمَ یُعۡرَضُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَیۡسَ هَـٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ"}