الباحث القرآني

﴿ما خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ﴾ بِما فِيهِما مِن حَيْثُ الجُزْئِيَّةُ مِنهُما ومِن حَيْثُ الِاسْتِقْرارُ فِيهِما ﴿وما بَيْنَهُما﴾ مِنَ المَخْلُوقاتِ ﴿إلا بِالحَقِّ﴾ اسْتِثْناءٌ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ المَفاعِيلِ أيْ إلّا خَلْقًا مُلْتَبِسًا بِالحَقِّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ التَّكْوِينِيَّةُ والتَّشْرِيعِيَّةُ، وفِيهِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ وصِفاتِ كَمالِهِ وابْتِناءِ أفْعالِهِ عَلى حِكَمٍ بالِغَةٍ وانْتِهائِها إلى غاياتٍ جَلِيلَةٍ ما لا يَخْفى، وجُوِّزَ كَوْنُهُ مُفَرَّغًا مِن أعَمِّ الأحْوالِ مِن فاعِلِ ( خَلَقْنا ) أوْ مِن مَفْعُولِهِ أيْ ما خَلَقْناها في حالٍ مِنَ الأحْوالِ إلّا حالَ مُلابَسَتِنا بِالحَقِّ أوْ حالَ مُلابَسَتِها بِهِ ﴿وأجَلٍ مُسَمًّى﴾ عَطْفٌ عَلى (الحَقِّ) بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ وبِتَقْدِيرِ أجَلٍ مُسَمًّى، وقُدِّرَ لِأنَّ الخَلْقَ إنَّما يَلْتَبِسُ بِهِ لا بِالأجَلِ نَفْسِهِ والمُرادُ بِهَذا الأجَلِ كَما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ يَوْمُ القِيامَةِ فَإنَّهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ أُمُورُ الكُلِّ وتُبَدَّلُ فِيهِ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ والسَّماواتُ وبَرَزُوا لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ، وقِيلَ: مُدَّةُ البَقاءِ المُقَدَّرِ لِكُلِّ واحِدٍ، ويُؤَيِّدُ الأوَّلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾ فَإنَّ ما أُنْذَرُوهُ يَوْمُ القِيامَةِ وما فِيهِ مِنَ الطّامَّةِ التّامَّةِ والأهْوالِ العامَّةِ لا آخِرُ أعْمارِهِمْ. وجُوِّزَ كَوْنُ ما مَصْدَرِيَّةً أيْ عَنْ إنْذارِهِمْ بِذَلِكَ الوَقْتِ عَلى إضافَةِ المَصْدَرِ إلى مَفْعُولِهِ الأوَّلِ القائِمِ مَقامَ الفاعِلِ، والجُمْلَةُ حالِيَّةٌ أيْ ما خَلَقْنا الخَلْقَ إلّا بِالحَقِّ وتَقْدِيرُ الأجَلِ الَّذِي يُجازَوْنَ عِنْدَهُ (p-5)والحالُ أنَّهم غَيْرُ مُؤْمِنِينَ بِهِ مُعْرِضُونَ عَنْهُ غَيْرُ مُسْتَعِدِّينَ لِحُلُولِهِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب