الباحث القرآني
﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ﴾ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿نَتْلُوها عَلَيْكَ﴾ حالٌ عامِلُها مَعْنى اَلْإشارَةِ نَحْوُ ﴿وهَذا بَعْلِي شَيْخًا﴾ عَلى اَلْمَشْهُورِ، وقِيلَ: هو اَلْخَبَرُ و”آياتُ اَللَّهِ“ بَدَلٌ أوْ عَطْفُ بَيانٍ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿بِالحَقِّ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ ﴿نَتْلُوها﴾ أوْ مِن مَفْعُولِهِ أيْ نَتْلُوها مُحِقِّينَ أوْ مُلْتَبِسَةً بِالحَقِّ فالباءُ لِلْمُلابَسَةِ ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ اَلْغائِيَّةِ، والمُرادُ بِالآياتِ اَلْمُشارِ إلَيْها إمّا آياتُ اَلْقُرْآنِ أوِ اَلسُّورَةُ أوْ ما ذُكِرَ قَبْلُ مِنَ اَلسَّمَواتِ والأرْضِ وغَيْرِهِما فَتِلاوَتُها بِتِلاوَةِ ما يَدُلُّ عَلَيْها، وفُسِّرَتْ بِالسَّرْدِ أيْ نَسْرُدُها عَلَيْكَ.
وقالَ اِبْنُ عَطِيَّةَ: اَلْكَلامُ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ نَتْلُو شَأْنَها وشَأْنَ اَلْعِبْرَةِ بِها. وقُرِئَ (يَتْلُوها) بِالياءِ عَلى أنَّ اَلْفاعِلَ ضَمِيرُهُ تَعالى والمُرادُ عَلى اَلْقِراءَتَيْنِ تِلاوَتُها عَلَيْهِ صَلّى اَللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِواسِطَةِ اَلْمَلَكِ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وآياتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ هو مِن بابِ قَوْلِهِمْ: أعْجَبَنِي زَيْدٌ وكَرْمُهُ يُرِيدُونَ أعْجَبَنِي كَرَمُ زَيْدٍ إلّا أنَّهم عَدَلُوا عَنْهُ لِلْمُبالَغَةِ في اَلْإعْجابِ أيْ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ هَذِهِ اَلْآياتِ اَلْمَتْلُوَّةِ بِالحَقِّ يُؤْمِنُونَ، وفِيهِ (p-142)دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ لا بَيانَ أزْيَدُ مِن هَذا اَلْبَيانِ ولا آيَةَ أدُلُّ مِن هَذِهِ اَلْآيَةِ، وتَفْخِيمُ شَأْنِ اَلْآياتِ مِنَ اِسْمِ اَلْإشارَةِ وإضافَتِها إلى اَللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وجَعْلِ ﴿نَتْلُوها﴾ حالًا مَعَ ضَمِيرِ اَلتَّعْظِيمِ ثُمَّ تَكْرِيرِ اَلِاسْمِ اَلْجَلِيلِ لِلنُّكْتَةِ اَلْمَذْكُورَةِ وإضافَتِها إلَيْهِ بِواسِطَةِ اَلضَّمِيرِ مَرَّةً أُخْرى، وقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ اَلزَّمَخْشَرِيُّ وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأنَّ فِيهِ مِن حَيْثُ اَلْمَعْنى إقْحامُ اَلْأسْماءِ مِن غَيْرِ ضَرُورَةٍ والعَطْفُ، والمُرادُ غَيْرُ اَلْعَطْفِ مِن إخْراجِهِ إلى بابِ اَلْبَدَلِ لِأنَّ تَقْدِيرَ كَرَمِ زَيْدٍ إنَّما يَكُونُ في أعْجَبَنِي زَيْدٌ كَرَمُهُ بِغَيْرِ واوٍ عَلى اَلْبَدَلِ وهَذا قَلْبٌ لِحَقائِقِ اَلنَّحْوِ، وإنَّما اَلْمَعْنى في اَلْمِثالِ إنَّ ذاتَ زَيْدٍ أعْجَبَتْهُ وأعْجَبَهُ كَرَمُهُ فَهُما إعْجابانِ لا إعْجابٌ واحِدٌ وهو مَبْنِيٌّ عَلى عَدَمِ اَلتَّعَمُّقِ في فَهْمِ كَلامِ جارِ اَللَّهِ.
ومَن تَعَمَّقَ فِيهِ لا يَرى أنَّهُ قائِلٌ بِالإقْحامِ وإنَّما بَيانٌ حاصِلُ اَلْمَعْنى يُوهِمُهُ، وبَيْنَ هَذِهِ اَلطَّرِيقَةِ وطَرِيقَةِ اَلْبَدَلِ مُغايَرَةٌ تامَّةٌ، فَقَدْ ذُكِرَ أنَّ فائِدَةَ هَذِهِ اَلطَّرِيقَةِ وهي طَرِيقَةُ إسْنادِ اَلْفِعْلِ إلى شَيْءٍ والمَقْصُودُ إسْنادُهُ إلى ما عُطِفَ عَلَيْهِ قُوَّةُ اِخْتِصاصِ اَلْمَعْطُوفِ بِالمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مِن جِهَةِ اَلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ صارَ مِنَ اَلتَّلَبُّسِ بِحَيْثُ يَصِحُّ أنْ يُسْنِدَ أوْصافَهُ وأفْعالَهُ وأحْوالَهُ إلى اَلْأوَّلِ قَصْدًا لِأنَّهُ بِمَنزِلَتِهِ ولا كَذَلِكَ اَلْبَدَلُ لِأنَّ اَلْمَقْصُودَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ هو اَلثّانِي فَقَطْ وهُنا هُما مَقْصُودانِ، فَإنْ قُلْتَ: إذا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اَلْوَصْفُ مَنسُوبًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَزِمَ إقْحامُهُ كَما قالَ أبُو حَيّانَ، وما يُذْكَرُ مِنَ اَلْمُبالَغَةِ لا يَدْفَعُ اَلْمَحْذُورَ، وعَلى فَرْضِ تَسْلِيمِهِ فَدَلالَتُهُ عَلى ما ذُكِرَ بِأيِّ طَرِيقٍ مِن طُرُقِ اَلدَّلالَةِ اَلْمَشْهُورَةِ.
أُجِيبَ بِأنَّهُ غَيْرُ مَنسُوبٍ إلَيْهِ في اَلْواقِعِ لَكِنْ لَمّا كانَ بَيْنَهُما مُلابَسَةٌ تامَّةٌ مِن جِهَةٍ ما كَكَوْنِ اَلْآياتِ هَهُنا بِإذْنِهِ تَعالى أوْ مُرْضِيَةً لَهُ عَزَّ وجَلَّ جُعِلَ كَأنَّهُ اَلْمَقْصُودُ بِالنِّسْبَةِ وكُنِّيَ بِها عَنْ ذَلِكَ اَلِاخْتِصاصِ كِنايَةً إيمائِيَّةً ثُمَّ عُطِفَ عَلَيْهِ اَلْمَنسُوبُ إلَيْهِ وجُعِلَ تابِعًا فِيها وبِهَذا غايَرَ اَلْبَدَلَ مُغايِرَةً تامَّةً غَفَلَ عَنْها اَلْمُعْتَرِضُ فالنِّسْبَةِ بِتَمامِها مَجازِيَّةٌ كَذا قَرَّرَهُ بَعْضُ اَلْمُحَقِّقِينَ.
وقالَ اَلْواحِدِيُّ: أيْ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ حَدِيثِ اَللَّهِ أيِ اَلْقُرْآنِ وقَدْ جاءَ إطْلاقُهُ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ﴾ وحَسُنَ اَلْإضْمارُ لِقَرِينَةِ تَقَدُّمِ اَلْحَدِيثِ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وآياتِهِ﴾ عَطْفٌ عَلَيْهِ لِتَغايُرِهِما إجْمالًا وتَفْصِيلًا لِأنَّ اَلْآياتِ هي ذَلِكَ اَلْحَدِيثُ مَلْحُوظُ اَلْأجْزاءِ، وإنْ أُرِيدَ ما بَيَّنَ فِيهِ مِنَ اَلْآياتِ والدَّلائِلِ فَلَيْسَ مِن عَطْفِ اَلْخاصِّ عَلى اَلْعامِّ لِأنَّ اَلْآياتِ لَيْسَتْ مِنَ اَلْقُرْآنِ وإنَّما وجْهُ دَلالَتِها وإيرادِها مِنهُ فَيَكُونُ في هَذا اَلْوَجْهِ اَلدَّلالَةُ أيْضًا عَلى حالِ اَلْبَيانِ والمُبَيَّنِ كَما في اَلْوَجْهِ اَلْأوَّلِ، وقالَ اَلضَّحّاكُ: أيْ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ تَوْحِيدِ اَللَّهِ ولا يَخْفى أنَّهُ بِظاهِرِهِ مِمّا لا مَعْنى لَهُ فَلَعَلَّهُ أرادَ بَعْدَ حَدِيثِ تَوْحِيدِهِ تَعالى أيِ اَلْحَدِيثِ اَلْمُتَضَمِّنِ ذَلِكَ أوْ هو بَعْدَ تَقْدِيرِ اَلْمُضافِ مِن بابِ أعْجَبَنِي زَيْدٌ وكَرْمُهُ، وأيًّا ما كانَ فالفاءُ في جَوابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ والظَّرْفُ صِفَةُ (حَدِيثٍ) وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِيُؤْمِنُونَ قُدِّمَ لِلْفاصِلَةِ.
وقَرَأ اِبْنُ عامِرٍ. وأبُو بَكْرٍ. وحَمْزَةُ. والكِسائِيُّ (تُؤْمِنُونَ) بِالتّاءِ اَلْفَوْقانِيَّةِ وهو مُوافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وفِي خَلْقِكُمْ﴾ بِحَسَبِ اَلظّاهِرِ والصُّورَةِ وإلّا فالمُرادُ هُنا اَلْكَفّارُ بِخِلافِ ذَلِكَ.
وقَرَأ طَلْحَةُ (تُوقِنُونَ) بِالتّاءِ اَلْفَوْقانِيَّةِ والقافِ مِنَ اَلْإيقانِ
{"ayah":"تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَبِأَیِّ حَدِیثِۭ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق