الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ﴾ عَطْفٌ عَلى اَلْخِطابِ اَلسّابِقِ والآيَتانِ أعْنِي قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وكَمْ أرْسَلْنا﴾ اِعْتِراضٌ لِإفادَةِ اَلتَّقْرِيرِ والتَّسْلِيَةِ كَما سَمِعْتَ، والمُرادُ ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ اَلْعالَمَ لَيُسْنِدُّنَ خَلْقَهُ إلى مَن هو مُتَّصِفٌ بِهَذِهِ اَلصِّفاتِ في نَفْسِ اَلْأمْرِ لا أنَّهم يَقُولُونَ هَذِهِ اَلْألِفاظَ ويَصِفُونَهُ تَعالى بِما ذُكِرَ مِنَ اَلصِّفاتِ ذَكَرَهُ اَلزَّمَخْشَرِيُّ فِيما نُسِبَ إلَيْهِ. وهَذا حَسَنٌ ولَهُ نَظِيرٌ عُرْفًا وهو أنَّ واحِدًا لَوْ أخْبَرَكَ أنَّ اَلشَّيْخَ قالَ كَذا وعَنى بِالشَّيْخِ شَمْسَ اَلْأئِمَّةِ ثُمَّ لَقِيتَ شَمْسَ اَلْأئِمَّةِ فَقُلْتَ: إنَّ فُلانًا أخْبَرَنِي أنَّ شَمْسَ اَلْأئِمَّةِ قالَ: كَذا مَعَ أنَّ فُلانًا لَمْ يَجْرِ عَلى لِسانِهِ إلّا اَلشَّيْخُ ولَكِنَّكَ تَذْكُرُ ألْقابَهُ وأوْصافَهُ فَكَذا هَهُنا اَلْكُفّارُ يَقُولُونَ: خَلَقَهُنَّ اَللَّهُ لا يُنْكِرُونَ ثَمَّ أنَّ اَللَّهَ عَزَّ وجَلَّ ذَكَرَ صِفاتِهِ أيْ أنَّ اَللَّهَ تَعالى اَلَّذِي يُحِيلُونَ عَلَيْهِ خَلْقَ اَلسَّمَواتِ والأرْضِ مِن صِفَتِهِ سُبْحانَهُ كَيْتَ وكَيْتَ، وقالَ اِبْنُ اَلْمُنِيرِ: إنَّ ﴿العَزِيزُ العَلِيمُ﴾ مِن كَلامِ اَلْمَسْؤُولِينَ وما بَعْدُ مِن كَلامِهِ سُبْحانَهُ. وفي اَلْكَشْفِ لا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ اَلْوَجْهِ وهَذا في اَلْحاصِلِ فَإنَّهُ حِكايَةُ كَلامٍ عَنْهم مُتَّصِلٍ بِهِ كَلامُهُ تَعالى عَلى أنَّهُ مِن تَتِمَّتِهِ وإنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَفَوَّهُوا بِهِ، وهَذا كَما يَقُولُ مُخاطِبُكَ: أكْرَمَنِي زَيْدٌ فَنَقُولُ: اَلَّذِي أكْرَمَكَ وحَيّاكَ أوْ لِجَماعَةٍ آخَرِينَ حاضِرِينَ اَلَّذِي أكْرَمَكم وحَيّاكم فَإنَّكَ تَصِلُ كَلامَهُ عَلى أنَّهُ مِن تَتِمَّتِهِ ولَكِنْ لا تَجْعَلُهُ مِن مَقُولِهِ، والأظْهَرُ مِن حَيْثُ اَللَّفْظِ ما ذَكَرَهُ اِبْنُ اَلْمُنِيرِ وحِينَئِذٍ يَقَعُ اَلِالتِفاتُ في ﴿فَأنْشَرْنا﴾ بَعْدَ مَوْقِعِهِ، ونَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى حِكايَةً عَنْ مُوسى عَلَيْهِ اَلسَّلامُ: ﴿لا يَضِلُّ رَبِّي ولا يَنْسى﴾ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأخْرَجْنا بِهِ أزْواجًا مِن نَباتٍ شَتّى﴾ وفي إعادَةِ اَلْفِعْلِ في اَلْجَوابِ اِعْتِناءٌ بِشَأْنِهِ ومُطابَقَتُهُ لِلسُّؤالِ مِن حَيْثُ اَلْمَعْنى عَلى ما زَعَمَ أبُو حَيّانَ لا مِن حَيْثُ اَللَّفْظِ قالَ: لِأنَّ مَن مُبْتَدَأٌ فَلَوْ طابَقَ في اَللَّفْظِ لَكانَ بِالِاسْمِ مُبْتَدَأً دُونَ اَلْفِعْلِ بِأنْ يُقالَ: اَلْعَزِيزُ اَلْعَلِيمُ خَلَقَهُنَّ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب