الباحث القرآني

(p-64)﴿إنّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ جَوابٌ لِلْقَسَمِ، والجَعْلُ بِمَعْنى اَلتَّصْيِيرِ اَلْمُعَدّى لِمَفْعُولَيْنِ لا بِمَعْنى اَلْخَلْقِ اَلْمُعَدّى لِواحِدٍ لا لِأنَّهُ يُنافِي تَعْظِيمَ اَلْقُرْآنِ بَلْ لِأنَّهُ يَأْباهُ ذَوْقُ اَلْمَقامِ اَلْمُتَكَلَّمِ فِيهِ لِأنَّ اَلْكَلامَ لَمْ يَسْبِقْ لِتَأْكِيدِ كَوْنِهِ مَخْلُوقًا وما كانَ إنْكارُهم مُتَوَجِّهًا عَلَيْهِ بَلْ هو مَسُوقٌ لِإثْباتِ كَوْنِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا مُفَصَّلًا وارِدًا عَلى أسالِيبِهِمْ لا يَعْسُرُ عَلَيْهِمْ فَهْمُ ما فِيهِ ودَرَكُ كَوْنِهِ مُعْجِزًا كَما يُؤْذِنُ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ أيْ لِكَيْ تَفْهَمُوهُ وتُحِيطُوا بِما فِيهِ مِنَ اَلنَّظَرِ اَلرّائِقِ والمَعْنى اَلْفائِقِ وتَقِفُوا عَلى ما يَتَضَمَّنُهُ مِنَ اَلشَّواهِدِ اَلنّاطِقَةِ بِخُرُوجِهِ عَنْ طَوْقِ اَلْبَشَرِ وتَعْرِفُوا حَقَّ اَلنِّعْمَةِ في ذَلِكَ وتَنْقَطِعَ أعْذارُكم بِالكُلِّيَّةِ والقَسَمُ بِالقُرْآنِ عَلى ذَلِكَ مِنَ اَلْأيْمانِ اَلْحَسَنَةِ اَلْبَدِيعَةِ لِما فِيهِ مِن رِعايَةِ اَلْمُناسَبَةِ والتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ لا شَيْءَ أعْلى مِنهُ فَيُقْسَمَ بِهِ ولا أهَمَّ مِن وصْفِهِ فَيُقْسَمَ عَلَيْهِ كَما قالَ أبُو تَمّامٍ: ؎وثَناياكَ إنَّها إغْرِيضُ ولِآلِ قَوْمٍ وبَرْقٍ ومِيضِ بِناءً عَلى أنَّ جَوابَ اَلْقَسَمِ قَوْلُهُ: إنَّها إغْرِيضُ، واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ اَلْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وأطالُوا اَلْكَلامَ في ذَلِكَ، وأُجِيبَ بِأنَّهُ إنْ دَلَّ عَلى اَلْمَخْلُوقِيَّةِ فَلا يَدُلُّ عَلى أكْثَرَ مِن مَخْلُوقِيَّةِ اَلْكَلامِ اَللَّفْظِيِّ ولا نِزاعَ فِيها. وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ اَلْحَنابِلَةَ يُنازِعُونَ في ذَلِكَ ولَهم عَنِ اَلِاسْتِدْلالِ أجْوِبَةٌ مَذْكُورَةٌ في كُتُبِهِمْ، وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ طاوُسٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى اِبْنِ عَبّاسٍ مِن حَضْرَمَوْتَ فَقالَ لَهُ: يا اِبْنَ عَبّاسٍ أخْبِرْنِي عَنِ اَلْقُرْآنِ أكَلامٌ مِن كَلامِ اَللَّهِ تَعالى أمْ خَلْقٌ مِن خَلْقِ اَللَّهِ سُبْحانَهُ قالَ: بَلْ كَلامٌ مِن كَلامِ اَللَّهِ تَعالى أوَما سَمِعْتَ اَللَّهَ سُبْحانَهُ يَقُولُ: ﴿وإنْ أحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ فَقالَ لَهُ اَلرَّجُلُ أفَرَأيْتَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿إنّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ قالَ: كَتَبَهُ اَللَّهُ تَعالى في اَللَّوْحِ اَلْمَحْفُوظِ بِالعَرَبِيَّةِ أما سَمِعْتَ اَللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿بَلْ هو قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ فَتَأمَّلْ فِيهِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب