﴿وجَعَلَها﴾ اَلضَّمِيرُ اَلْمَرْفُوعُ اَلْمُسْتَتِرُ لِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ أوْ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ والضَّمِيرُ اَلْمَنصُوبُ لِكَلِمَةِ اَلتَّوْحِيدِ أعْنِي لا إلَهَ (p-77)إلّا اَللَّهُ كَما رُوِيَ عَنْ قَتادَةَ. ومُجاهِدٍ. والسُّدِّيِّ. ويُشْعِرُ بِها قَوْلُهُ: ﴿إنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ﴾ إلَخْ، وجُوِّزَ أنْ يَعُودَ عَلى هَذا اَلْقَوْلِ نَفْسِهِ وهو أيْضًا كَلِمَةٌ لُغَةً ﴿كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ﴾ في ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ فَلا يَزالُ فِيهِمْ مَن يُوَحِّدُ اَللَّهَ تَعالى ويَدْعُو إلى تَوْحِيدِهِ عَزَّ وجَلَّ.
وقَرَأ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ (كِلْمَةً) بِكَسْرِ اَلْكافِ وسُكُونِ اَللّامِ وهي لُغَةٌ فِيها، وقُرِئَ (فِي عَقْبِهِ) بِسُكُونِ اَلْقافِ تَخْفِيفًا و(فِي عاقِبِهِ) أيْ مَن عَقِبَهُ أيْ خَلَفَهُ ومِنهُ تَسْمِيَةُ اَلنَّبِيِّ صَلّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالعاقِبِ لِأنَّهُ آخِرُ اَلْأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ اَلصَّلاةُ والسَّلامُ.
﴿لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِلْجَعْلِ أيْ جَعَلَها باقِيَةً في عَقِبِهِ كَيْ يَرْجِعَ مَن أشْرَكَ مِنهم بِدُعاءِ مَن وحَّدَ أوْ بِسَبَبِ بَقائِها فِيهِمْ، والضَّمِيرانِ لِلْعَقِبِ وهو بِمَعْنى اَلْجَمْعِ، والأكْثَرُونَ عَلى أنَّ اَلْكَلامَ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ لَعَلَّ مُشْرِكِيهِمْ أوِ اَلْإسْنادُ مِن إسْنادِ ما لِلْبَعْضِ إلى اَلْكُلِّ وأوَّلُوا لَعَلَّ بِناءً عَلى أنَّ اَلتَّرَجِّيَ مِنَ اَللَّهِ سُبْحانَهُ وهو لا يَصِحُّ في حَقِّهِ تَعالى أوْ مِنهُ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ لَكِنَّهُ مِنَ اَلْأنْبِياءِ في حُكْمِ اَلْمُتَحَقِّقِ ويَجُوزُ تَرْكُ اَلتَّأْوِيلِ كَما لا يَخْفى بَلْ هو اَلْأظْهَرُ إذا كانَ ذاكَ مِن إبْراهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ.
{"ayah":"وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِیَةࣰ فِی عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ"}