الباحث القرآني

سُورَةُ ( اَلشُّورى ) وتُسَمّى سُورَةَ (حم عسق، وعسق) نَزَلَتْ عَلى ما رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ وابْنِ اَلزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وأطْلَقَ غَيْرُ واحِدٍ اَلْقَوْلَ بِمَكِّيَّتِها مِن غَيْرِ اِسْتِثْناءٍ، وفي اَلْبَحْرِ هي مَكِّيَّةٌ إلّا أرْبَعَ آياتٍ مِن قَوْلِهِ تَعالى:﴿قُلْ لا أسْألُكم عَلَيْهِ أجْرًا إلا المَوَدَّةَ في القُرْبى﴾ إلى آخِرِ أرْبَعِ آياتٍ، وقالَ مُقاتِلٌ: فِيها مَدَّنِيٌّ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ﴾ إلى ﴿الصُّدُورِ﴾ واسْتَثْنى بَعْضُهم قَوْلَهُ تَعالى: ﴿أمْ يَقُولُونَ افْتَرى﴾ إلَخْ، قالَ اَلْجَلالُ اَلسُّيُوطِيُّ: ويَدُلُّ لَهُ ما أخْرَجَهُ اَلطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ في سَبَبِ نُزُولِها فَإنَّها نَزَلَتْ في اَلْأنْصارِ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿ولَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ﴾ إلَخْ فَإنَّها نَزَلَتْ في أصْحابِ اَلصُّفَّةِ رَضِيَ اَللَّهُ تَعالى عَنْهُمْ، واسْتَثْنى أيْضًا ﴿والَّذِينَ إذا أصابَهُمُ البَغْيُ﴾ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن سَبِيلٍ﴾ حَكاهُ اِبْنُ اَلْفُرْسِ، وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اَللَّهُ تَعالى ما يَدُلُّ عَلى اِسْتِثْناءِ غَيْرِ ذَلِكَ عَلى بَعْضِ اَلرِّواياتِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ اَلْإطْلاقُ بِاعْتِبارِ اَلْأغْلَبِ وعَدَدُ آياتِها ثَلاثٌ وخَمْسُونَ في اَلْكُوفِيِّ وخَمْسُونَ فِيما عَداهُ والخِلافُ في حم عسق وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كالأعْلامِ﴾ كَما فَصَّلَهُ اَلدّانِي وغَيْرُهُ، ومُناسِبَةُ أوَّلِها لِآخِرِ اَلسُّورَةِ قَبْلَها اِشْتِمالُ كُلٍّ عَلى ذِكْرِ اَلْقُرْآنِ وذَبِّ طَعْنِ اَلْكَفَرَةِ فِيهِ وتَسْلِيَةِ اَلنَّبِيِّ صَلّى اَللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ. " بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ ﴿حم﴾ ﴿عسق﴾ لَعَلَّهُما اِسْمانِ لِلسُّورَةِ وأُيِّدَ بَعْدَهُما آيَتَيْنِ والفَصْلُ بَيْنَهُما في اَلْخَطِّ وبِوُرُودِ تَسْمِيَتِها (عسق) مِن غَيْرِ ذِكْرِ (حم)، وقِيلَ: هُما اِسْمٌ واحِدٌ وآيَةٌ واحِدَةٌ وحَقُّهُ أنْ يُرْسَمَ مُتَّصِلًا كَما في (كهيعص) لَكِنَّهُ فَصَّلَ لِيَكُونَ مُفْتَتَحَ اَلسُّورَةِ عَلى طَرْزِ مُفْتَتَحِ أخَواتِها حَيْثُ رُسِمَ في كُلٍّ مُسْتَقِلّا وعَلى اَلْأوَّلِ هُما خَبَرانِ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وقِيلَ: (حم) مُبْتَدَأٌ و(عسق) خَبَرُهُ وعَلى اَلثّانِي اَلْكُلُّ خَبَرٌ واحِدٌ، وقِيلَ: إنَّ (حم عسق) إشارَةٌ إلى هَلاكِ مَدِينَتَيْنِ تُبْنَيانِ عَلى نَهْرٍ مِن أنْهارِ اَلْمَشْرِقِ يَشُقُّ اَلنَّهْرُ بَيْنَهُما يَجْتَمِعُ فِيهِما كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ يَبْعَثُ اَللَّهُ تَعالى عَلى إحْداهُما نارًا لَيْلًا فَتُصْبِحُ سَوْداءَ مُظْلِمَةً قَدِ اِحْتَرَقَتْ كَأنَّها لَمْ تَكُنْ مَكانَها ويَخْسِفُ بِالأُخْرى في اَللَّيْلَةِ اَلْأُخْرى، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ، وقِيلَ: إنْ (حم) اِسْمٌ مِن أسْماءِ اَللَّهِ تَعالى و(عَيْنٌ) إشارَةٌ إلى عَذابِ يَوْمِ بَدْرٍ و(سِينٌ) إشارَةً إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ و(قافٌ) إلى قارِعَةٍ مِنَ اَلسَّماءِ تُصِيبُ اَلنّاسَ، ورُوِيَ ذَلِكَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أبِي ذَرٍّ، واَلَّذِي يَغْلِبُ عَلى اَلظَّنِّ عَدَمُ ثُبُوتِ شَيْءٍ مِنَ اَلرِّوايَتَيْنِ. وفِي اَلْبَحْرِ ذَكَرَ اَلْمُفَسِّرُونَ في (حم عسق) أقْوالًا مُضْطَرِبَةً لا يَصْلُحُ مِنها شَيْءٌ ضَرَبْنا عَنْ ذِكْرِها صَفْحًا، وما ذَكَرْناهُ أوَّلًا قَدِ اخْتارَهُ غَيْرُ واحِدٍ، ومِنهم مَنِ اِخْتارَ أنَّها مُقَطَّعاتٌ جِيءَ بِها لِلْإيقاظِ، وقَرَأ اِبْنُ عَبّاسٍ وابْنُ مَسْعُودٍ (حم سق) بِلا عَيْنٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب