الباحث القرآني
﴿قُلْ أإنَّكم لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ في يَوْمَيْنِ﴾ إلى آخِرِ الآياتِ والكَلامُ فِيها كَثِيرٌ ومِنهُ ما لَيْسَ بِالمَشْهُورِ ولْنَبْدَأْ بِما هو المَشْهُورُ وبَعْدَ التَّمامِ نَذْكُرُ الآخَرَ فَنَقُولُ: هَذا إنْكارٌ وتَشْنِيعٌ لِكُفْرِهِمْ، وأنَّ اللّامَ إمّا لِتَأْكِيدِ الإنْكارِ وتَقْدِيمُ الهَمْزَةِ لِاقْتِضائِها الصَّدارَةَ لا لِإنْكارِ التَّأْكِيدِ وإمّا لِلْإشْعارِ بِأنَّ كُفْرَهم مِنَ البُعْدِ بِحَيْثُ يُنْكِرُ العُقَلاءُ وُقُوعَهُ فَيَحْتاجُ إلى التَّأْكِيدِ، وعَلَّقَ سُبْحانَهُ كُفْرَهم بِالمَوْصُولِ لِتَفْخِيمِ شَأْنِهِ تَعالى واسْتِعْظامِ كُفْرِهِمْ بِهِ عَزَّ وجَلَّ، والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالأرْضِ الجِسْمُ المَعْرُوفُ، وقِيلَ: لَعَلَّ المُرادَ مِنها ما في جِهَةِ السُّفْلِ مِنَ الأجْرامِ الكَثِيفَةِ واللَّطِيفَةِ مِنَ التُّرابِ والماءِ والهَواءِ تَجَوُّزًا بِاسْتِعْمالِها في لازِمِ المَعْنى عَلى ما قِيلَ بِقَرِينَةِ المُقابَلَةِ وحُمِلَتْ عَلى ذَلِكَ لِئَلّا يَخْلُوَ الكَلامُ عَنِ التَّعَرُّضِ لِمُدَّةِ خَلْقِ ما عَدا التُّرابَ، ومِن خَلْقِها في يَوْمَيْنِ أنَّهُ سُبْحانَهُ خَلَقَ لَها أصْلًا مُشْتَرَكًا ثُمَّ خَلَقَ لَها صُوَرًا بِها تَنَوَّعَتْ إلى أنْواعٍ، واليَوْمُ في المَشْهُورِ عِبارَةٌ عَنْ زَمانِ كَوْنِ الشَّمْسِ فَوْقَ الأُفُقِ وأُرِيدَ مِنهُ ها هُنا الوَقْتُ مُطْلَقًا لِأنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ قَبْلَ خَلْقِ السَّماءِ والكَواكِبِ والأرْضِ نَفْسِها ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الوَقْتَ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِمِقْدارِ اليَوْمِ المَعْرُوفِ ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ أقَلَّ مِنهُ أوْ أكْثَرَ والأقَلُّ أنْسَبُ بِالمَقامِ، وأيًّا ما كانَ فالظّاهِرُ أنَّ اليَوْمَيْنِ ظَرْفانِ لِخَلْقِ الأرْضِ مُطْلَقًا مِن غَيْرِ تَوْزِيعٍ.
وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: إنَّهُ تَعالى خَلَقَ أصْلَها ومادَّتَها في يَوْمٍ وصَوَّرَها وطَبَقاتِها في آخَرَ، وقالَ في إرْشادِ العَقْلِ السَّلِيمِ المُرادُ بِخَلْقِ الأرْضِ تَقْدِيرُ وجُودِها أيْ حَكَمَ بِأنَّها سَتُوجَدُ في يَوْمَيْنِ مِثْلُهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آلَ عِمْرانَ: 59] والمُرادُ بِكُفْرِهِمْ بِهِ تَعالى إلْحادُهم في ذاتِهِ سُبْحانَهُ وصِفاتِهِ عَزَّ وجَلَّ وخُرُوجُهم عَنِ الحَقِّ اللّازِمِ لَهُ جَلَّ شَأْنُهُ عَلى عِبادِهِ مِن تَوْحِيدِهِ واعْتِقادِ ما يَلِيقُ بِذاتِهِ وصِفاتِهِ جَلَّ جَلالُهُ فَلا يُنَزِّهُونَهُ تَعالى عَنْ صِفاتِ الأجْسامِ ولا يُثْبِتُونَ لَهُ القُدْرَةَ التّامَّةَ والنُّعُوتَ اللّائِقَةَ بِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى ولا يَعْتَرِفُونَ بِإرْسالِهِ تَعالى الرُّسُلَ وبَعْثِهِ سُبْحانَهُ الأمْواتَ حَتّى كَأنَّهم يَزْعُمُونَ أنَّهُ سُبْحانَهُ خَلَقَ العِبادَ عَبَثًا وتَرَكَهم سُدًى، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدادًا﴾ عَطْفٌ عَلى تَكْفُرُونَ داخِلٌ مَعَهُ في حُكْمِ الإنْكارِ والتَّوْبِيخِ، (p-100)وجَعْلُهُ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في ( خَلَقَ ) لا يَخْفى حالُهُ، وجَمْعُ الأنْدادِ بِاعْتِبارِ ما هو الواقِعُ لا بِأنْ يَكُونَ مَدارُ الإنْكارِ هو التَّعَدُّدُ أيْ وتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدادًا وأكْفاءً مِنَ المَلائِكَةِ والجِنِّ وغَيْرِهِمْ والحالُ أنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ لَهُ سُبْحانَهُ نِدٌّ واحِدٌ ﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةً إلى المَوْصُولِ بِاعْتِبارِ اتِّصافِهِ بِما في حَيِّزِ الصِّلَةِ وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ بِالمُشارِ إلَيْهِ لِلْإيذانِ بِبُعْدِ مَنزِلَتِهِ في العَظَمَةِ، وإفْرادُ الكافِ لِما أنَّ المُرادَ لَيْسَ تَعْيِينَ المُخاطَبِينَ، وهو مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ما بَعْدَهُ أيْ ذَلِكَ العَظِيمُ الشَّأْنِ الَّذِي فَعَلَ ما ذُكِرَ في مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ ﴿رَبُّ العالَمِينَ﴾ أيْ خالِقُ جَمِيعِ المَوْجُوداتِ ومُرَبِّيها دُونَ الأرْضِ خاصَّةً فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِن مَخْلُوقاتِهِ نِدًّا لَهُ عَزَّ وجَلَّ،
{"ayah":"۞ قُلۡ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِی یَوۡمَیۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥۤ أَندَادࣰاۚ ذَ ٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











