الباحث القرآني

﴿وما يُلَقّاها﴾ أيْ ما يُلَقّى ويُؤْتى هَذِهِ (p-124)الفِعْلَةَ والخَصْلَةَ الشَّرِيفَةَ الَّتِي هي الدَّفْعُ بِالَّتِي هي أحْسَنُ فالضَّمِيرُ راجِعٌ لِما يُفْهَمُ مِنَ السِّياقِ، وجُوِّزَ رُجُوعُهُ لِلَّتِي هي أحْسَنُ، وحَكى مَكِّيٌّ أنَّ الضَّمِيرَ لِشَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ فَكَأنَّهُ أرْجَعَ لِلَّتِي هي أحْسَنُ وفُسِّرَتْ بِالشَّهادَةِ المَذْكُورَةِ ومَعَ هَذا هو كَما تَرى، وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلْجَنَّةِ ولَيْسَ بِشَيْءٍ. وقَرَأ طَلْحَةُ وابْنُ كَثِيرٍ في رِوايَةٍ «وما يُلاقاها» مِنَ المُلاقاةِ ﴿إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ أيِ الَّذِينَ فِيهِمْ طَبِيعَةُ الصَّبْرِ وشَأْنُهم ذَلِكَ ﴿وما يُلَقّاها إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ ذُو نَصِيبٍ عَظِيمٍ مِن خِصالِ الخَيْرِ وكَمالِ النَّفْسِ كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقالَ قَتادَةُ: ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ مِنَ الثَّوابِ، وقِيلَ: الحَظُّ العَظِيمُ الجَنَّةُ، وعَلَيْهِما فَهو وعْدٌ وعَلى الأوَّلِ هو مَدْحٌ، وكُرِّرَ ﴿وما يُلَقّاها﴾ تَأْكِيدًا لِمَدْحِ تِلْكَ الفِعْلَةِ الجَمِيلَةِ الجَلِيلَةِ ولِأوْحَدِ أهْلِ عَصْرِهِ الَّذِي بَخِلَ الزَّمانُ أنَّ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ صالِحٍ أفَنْدِي كاتِبِ دِيوانِ الإنْشاءِ في الحَدْباءِ في هَذِهِ الآيَةِ عِبارَةٌ مُخْتَصَرَةٌ التَزَمَ الدِّقَّةَ فِيها رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما يُلَقّاها إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ الآيَةَ يُمْكِنُ أنْ يُؤْخَذَ مِنَ الأوَّلِ ما هو مِن أوَّلِ الأوَّلِ لا الثّانِي لِلِاتِّفاقِ فَيَتَحَقَّقُ الأشْرَفُ بَعْدَ إعْطاءِ المَقامِ حَقَّهُ فَيَتَحَقَّقُ الحابِسُ أنَّهُ مَجْدُودٌ فَيَقِفُ عِنْدَ الحَدِّ المَحْدُودِ انْتَهَتْ. وأرادَ واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ أنَّهُ يُمْكِنُ أنْ يُؤْخَذَ مِنَ الأوَّلِ أيْ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما يُلَقّاها إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ ومِنَ الثّانِي وهو قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وما يُلَقّاها إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ ما أيُّ شَكْلٍ هو مِن أوَّلِ ضُرُوبِ الشَّكْلِ الأوَّلِ الأرْبَعَةِ وهو قِياسٌ مِنهُ مُرَكَّبٌ مِن مُوجَبَتَيْنِ كُلِّيَّتَيْنِ يُنْتِجُ مُوجَبَةً كُلِّيَّةً بِأنْ يُقالَ: كُلُّ صابِرٍ هو الَّذِي يُلَقّاها وكُلُّ مَن يُلَقّاها فَهو ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ يُنْتِجُ كُلَّ صابِرٍ هو ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، ولا يُمْكِنُ أنْ يُؤْخَذَ قِياسٌ مِنَ الشَّكْلِ الثّانِي لِلِاتِّفاقِ في الكَيْفِ وشَرْطُ الشَّكْلِ الثّانِي اخْتِلافُ المُقَدِّمَتَيْنِ فِيهِ كَما هو مُقَرَّرٌ في مَحَلِّهِ فَيَتَحَقَّقُ بَعْدَ الأخْذِ وتَرْكِيبِ المُقَدِّمَتَيْنِ الأمْرَ الأشْرَفَ أيِ النَّتِيجَةُ الَّتِي هي مُوجِبَةٌ كُلِّيَّةٌ وهي أشْرَفُ المَحْصُوراتِ الأرْبَعِ لِاشْتِمالِها عَلى الإيجابِ الأشْرَفِ مِنَ السَّلْبِ والكُلِّيَّةُ الأشْرَفُ مِنَ الجُزْئِيَّةِ بَعْدَ إعْطاءِ المَقامِ حَقَّهُ مِن جَعْلِ المَوْصُولِ لِلِاسْتِغْراقِ كَما أُشِيرَ إلَيْهِ لِيُفِيدَ الكُلِّيَّةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ ويَعْلَمُ الحابِسُ أيِ الصّابِرُ أنَّهُ مَجْدُودٌ أيْ ذُو جَدٍّ وحَظٍّ فَيَقِفُ عِنْدَ الحَدِّ المَحْدُودِ ولا يَتَجاوَزُ مِنَ الصَّبْرِ إلى غَيْرِهِ فافْهَمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب