﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهم مُتَقَلِّبُونَ فِيما ذُكِرَ مِنَ العَذابِ.
﴿رَبَّنا أرِنا اللَّذَيْنِ أضَلانا مِنَ الجِنِّ والإنْسِ﴾ يَعْنُونَ فَرِيقَيْ شَياطِينِ النَّوْعَيْنِ المُقَيَّضِينَ لَهُمُ الحامِلِينَ لَهم عَلى الكُفْرِ والمَعاصِي بِالتَّسْوِيلِ والتَّزْيِينِ، وعَنْعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ وقَتادَةَ أنَّهُما إبْلِيسُ وقابِيلُ فَإنَّهُما سَبَبا الكُفْرِ والقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ لا يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ فَإنَّ قابِيلَ مُؤْمِنٌ عاصٍ، والظّاهِرُ أنَّ الكُفّارَ إنَّما طَلَبُوا إراءَةَ المُضِلِّينَ بِالكُفْرِ المُؤَدِّي إلى الخُلُودِ وكَوْنُهم رَئِيسَ الكَفَرَةِ ورَئِيسَ أهْلِ الكَبائِرِ خِلافَ الظّاهِرِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ ويَعْقُوبُ وأبُو بَكْرٍ «أرِنا» بِالتَّخْفِيفِ كَفَخْذٍ بِالسُّكُونِ في فَخِذٍ، وفي الكَشّافِ «أرِنا» بِالكَسْرِ لِلِاسْتِبْصارِ وبِالسُّكُونِ لِلِاسْتِعْطاءِ ونَقَلَهُ عَنِ الخَلِيلِ، فَمَعْنى القِراءَةِ عَلَيْهِ أعْطِنا اللَّذَيْنِ أضَلّانا ﴿نَجْعَلْهُما تَحْتَ أقْدامِنا﴾ نَدُوسُهُما بِها انْتِقامًا مِنهُما، وقِيلَ: نَجْعَلُهُما في الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ لِيَشْتَدَّ عَذابُهُما فالمُرادُ نَجْعَلُهُما في الجِهَةِ الَّتِي تَحْتَ أقْدامِنا، وقُرِئَ في السَّبْعَةِ «اللَّذَيْنِّ» بِتَشْدِيدِ النُّونِ وهي حُجَّةٌ عَلى البَصْرِيِّينَ الَّذِينَ لا يُجَوِّزُونَ التَّشْدِيدَ فِيها في حالِ كَوْنِها بِالياءِ وكَذا في اللَّتَيْنِ وهَذَيْنِ وهاتَيْنِ ﴿لِيَكُونا مِنَ الأسْفَلِينَ﴾ ذُلًّا ومَهانَةً أوْ مَكانًا.
{"ayah":"وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَاۤ أَرِنَا ٱلَّذَیۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِیَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِینَ"}