الباحث القرآني
مِمّا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهم قَوْمُ نُوحٍ﴾ .. إلَخْ، والتَّقَلُّبُ الخُرُوجُ مِن أرْضٍ إلى أُخْرى. والمُرادُ بِالبِلادِ بِلادُ الشّامِ واليَمَنِ فَإنَّ الآيَةَ في كُفّارِ قُرَيْشٍ وهم كانُوا يَتَقَلَّبُونَ بِالتِّجارَةِ في هاتِيكَ البِلادِ ولَهم رِحْلَةُ الشِّتاءِ لِلْيَمَنِ ورِحْلَةُ الصَّيْفِ لِلشّامِ، ولا بَأْسَ في إرادَةِ ما يَعُمُّ ذَلِكَ وغَيْرَهُ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ «فَلا يَغُرَّكَ» بِالإدْغامِ مَفْتُوحَ الرّاءِ وهي لُغَةُ تَمِيمٍ والفَكُّ لُغَةُ الحِجازِيِّينَ، وبَدَأ بِقَوْمِ نُوحٍ لِأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى ما في البَحْرِ أوَّلُ رَسُولٍ في الأرْضِ أوْ لِأنَّهم أوَّلُ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَهم وعَتَوْا عُتُوًّا شَدِيدًا ﴿والأحْزابُ مِن بَعْدِهِمْ﴾ أيْ (p-44)والَّذِينَ تَحَزَّبُوا واجْتَمَعُوا عَلى مُعاداةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ مِن قَوْمِ نُوحٍ كَعادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ فِرْعَوْنَ ﴿وهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ﴾ مِن تِلْكَ الأُمَمِ ﴿بِرَسُولِهِمْ﴾ وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ «بِرَسُولِها» رِعايَةَ اللَّفْظِ الأُمَّةِ ﴿لِيَأْخُذُوهُ﴾ لِيَتَمَكَّنُوا مِن إيقاعِ ما يُرِيدُونَ بِهِ مِن حَبْسٍ وتَعْذِيبٍ وقَتْلٍ وغَيْرِهِ، فالأخْذُ كِنايَةٌ عَنِ التَّمَكُّنِ المَذْكُورِ، وبَعْضُهم فَسَّرَهُ بِالأسْرِ وهو قَرِيبٌ مِمّا ذُكِرَ، وقالَ قَتادَةُ: أيْ لِيَقْتُلُوهُ ﴿وجادَلُوا بِالباطِلِ﴾ بِما لا حَقِيقَةَ لَهُ قِيلَ هو قَوْلُهم: ﴿ما أنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنا﴾ [إبْراهِيمَ: 10] والأوْلى أنْ يُقالَ هو كُلُّ ما يَذْكُرُونَهُ لِنَفْيِ الرِّسالَةِ وتَحْسِينِ ما هم عَلَيْهِ، وتَفْسِيرُهُ بِالشَّيْطانِ لَيْسَ بِشَيْءٍ ﴿لِيُدْحِضُوا﴾ لِيُزِيلُوا ﴿بِهِ﴾ أيْ بِالباطِلِ، وقِيلَ: أيْ بِجِدالِهِمْ بِالباطِلِ ﴿الحَقَّ﴾ الأمْرُ الثّابِتُ الَّذِي لا مَحِيدَ عَنْهُ ﴿فَأخَذْتُهُمْ﴾ بِالإهْلاكِ المُسْتَأْصِلِ لَهم ﴿فَكَيْفَ كانَ عِقابِ﴾ فَإنَّكم تَمُرُّونَ عَلى دِيارِهِمْ وتَرَوْنَ أثَرَهُ، وهَذا تَقْرِيرٌ فِيهِ تَعْجِيبٌ لِلسّامِعِينَ مِمّا وقَعَ بِهِمْ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مِن عَدَمِ اعْتِبارِ هَؤُلاءِ، واكْتَفى بِالكَسْرَةِ عَنْ ياءِ الإضافَةِ في عِقابٍ لِأنَّهُ فاصِلَةٌ، واخْتُلِفَ في المُسَبَّبِ عَنْهُ الأخْذُ المَذْكُورُ فَقِيلَ: مَجْمُوعُ التَّكْذِيبِ والهَمِّ بِالأخْذِ والجِدالِ بِالباطِلِ، واخْتارَ الزَّمَخْشَرِيُّ كَوْنَهُ الهَمَّ بِالأخْذِ، قالَ في الكَشْفِ: وذَلِكَ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وجادَلُوا بِالباطِلِ لِيُدْحِضُوا﴾ هو التَّكْذِيبُ بِعَيْنِهِ والأخْذُ يُشاكِلُ الأخْذَ وإنَّما التَّكْذِيبُ مُوجِبٌ اسْتِحْقاقَ العَذابِ الأُخْرَوِيِّ المُشارِ إلَيْهِ بَعْدُ، ولا يُنْكَرُ أنَّ كِلَيْهِما يَقْتَضِي كِلَيْهِما لَكِنْ لَمّا كانَ مُلاءَمَةُ الأخْذِ لِلْأخْذِ أتَمَّ والتَّكْذِيبُ لِلْعَذابِ الأُخْرَوِيِّ أظْهَرَ أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالأخْذِ تَنْبِيهًا عَلى كَمالِ المُلاءَمَةِ، ثُمَّ المُجادَلَةُ العِنادِيَّةُ لَيْسَ الغَرَضُ مِنها إلّا الإيذاءَ فَهي تُؤَكِّدُ الهَمَّ مِن هَذا الوَجْهِ بَلِ التَّكْذِيبُ أيْضًا يُؤَكِّدُهُ، والغَرَضُ مِن تَمْهِيدِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما يُجادِلُ﴾ وذِكْرُ الأحْزابِ الإلْمامُ بِهَذا المَعْنى، ثُمَّ التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ -: ﴿وهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ﴾ يَدُلُّ عَلى ما اخْتارَهُ دَلالَةً بَيِّنَةً فَلا حاجَةَ إلى أنْ يَعْتَذِرَ بِأنَّهُ إنَّما اعْتَبَرَ هَذا لا ما سِيقَ لَهُ الكَلامُ مِنَ المُجادَلَةِ الباطِلَةِ لِلتَّسَلِّي. انْتَهى. والإنْصافُ أنَّ فِيما صَنَعَهُ جارُ اللَّهِ رِعايَةَ جانِبِ المَعْنى ومُناسَبَةً لَفْظِيَّةً إلّا أنَّ الظّاهِرَ هو التَّفْرِيعُ عَلى المَجْمُوعِ كَما لا يَخْفى
{"ayah":"كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحࣲ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِیَأۡخُذُوهُۖ وَجَـٰدَلُوا۟ بِٱلۡبَـٰطِلِ لِیُدۡحِضُوا۟ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَیۡفَ كَانَ عِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق