الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذْ يَتَحاجُّونَ في النّارِ﴾ مَعْمُولٌ لِاذْكُرْ مَحْذُوفًا أيْ واذْكُرْ وقْتَ تَخاصُمِهِمْ في النّارِ، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى ما قَبْلَها عَطْفَ القِصَّةِ عَلى القِصَّةِ لا عَلى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ اذْكُرْ ما تُلِيَ عَلَيْكَ مِن قِصَّةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وفِرْعَوْنَ ومُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ ولا عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهم في البِلادِ﴾ [غافِرَ: 4] أوْ عَلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وأنْذِرْهم يَوْمَ الآزِفَةِ﴾ [غافِرَ: 18] لِعَدَمِ الحاجَةِ إلى التَّقْدِيرِ في الأوَّلِ وبُعْدِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ في الأخِيرَيْنِ. وزَعَمَ الطَّبَرِيُّ أنَّ ( إذْ ) مَعْطُوفَةٌ عَلى ﴿إذِ القُلُوبُ لَدى الحَناجِرِ﴾ [غافِرَ: 18] وهو مَعَ بُعْدِهِ فِيهِ ما فِيهِ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى ﴿غُدُوًّا﴾ وجُمْلَةُ ( يَوْمَ تَقُومُ ) اعْتِراضٌ بَيْنِهِما وهو مَعَ كَوْنِهِ خِلافَ الظّاهِرِ قَلِيلُ الفائِدَةِ، وضَمِيرُ يَتَحاجُّونَ عَلى ما اخْتارَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وغَيْرُهُ لِجَمِيعِ كُفّارِ الأُمَمِ، ويَتَراءى مِن كَلامِ بَعْضِهِمْ أنَّهُ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ، وقِيلَ: هو لِآلِ فِرْعَوْنَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ تَفْصِيلٌ لِلْمُحاجَّةِ والتَّخاصُمِ في النّارِ أيْ يَقُولُ المَرْءُوسُونَ لِرُؤَسائِهِمْ: ﴿إنّا كُنّا﴾ في الدُّنْيا ﴿لَكم تَبَعًا﴾ تَباعًا فَهو كَخَدَمٍ في جَمْعِ خادِمٍ. وذَهَبَ جَمْعٌ لِقِلَّةِ هَذا الجَمْعِ إلى أنَّ ( تَبَعًا ) مَصْدَرٌ إمّا بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ إنّا كُنّا لَكم ذَوِي تَبَعٍ أيْ أتْباعًا أوْ عَلى التَّجَوُّزِ في الظَّرْفِ أوِ الإسْنادِ لِلْمُبالَغَةِ بِجَعْلِهِمْ لِشِدَّةِ تَبَعِيَّتِهِمْ كَأنَّهم عَيْنُ التَّبَعِيَّةِ ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا مِنَ النّارِ﴾ بِدَفْعِ بَعْضِ عَذابِها أوْ بِتَحَمُّلِهِ عَنّا، ( ومُغْنُونَ ) مِنَ الغَناءِ بِالفَتْحِ بِمَعْنى الفائِدَةِ، ( ونَصِيبًا ) بِمَعْنى حِصَّةٍ مَفْعُولٌ لِما دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الدَّفْعِ أوِ الحَمْلِ أوَّلَهُ بِتَضْمِينِ أحَدِهِما أيْ دافِعِينَ أوْ حامِلِينَ عَنّا نَصِيبًا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ نَصِيبًا قائِمًا مَقامَ المَصْدَرِ كَشَيْئًا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهم أمْوالُهم ولا أوْلادُهم مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [آلَ عِمْرانَ: 116] . ( ومِنَ اَلنّارِ ) عَلى هَذا مُتَعَلِّقٌ - بِمُغْنُونَ - وعَلى ما قَبْلَهُ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ بَيانٌ - لَنَصِيبًا. .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب