الباحث القرآني

﴿وإذا حَضَرَ القِسْمَةَ﴾ أيْ قِسْمَةَ التَّرِكَةِ بَيْنَ أرْبابِها وهي مَفْعُولٌ بِهِ، وقُدِّمَتْ لِأنَّها المَبْحُوثُ عَنْها ولِأنَّ في الفاعِلِ تَعَدُّدًا فَلَوْ رُوعِيَ التَّرْتِيبُ يَفُوتُ تَجاذُبُ أطْرافِ الكَلامِ وقِيلَ: قُدِّمَتْ لِتَكُونَ أمامَ الحاضِرِينَ في اللَّفْظِ كَما أنَّها أمامَهم في الواقِعِ، وهي نُكْتَةٌ لِلتَّقْدِيمِ لَمْ أرَ مَن ذَكَرَها مِن عُلَماءِ المَعانِي. ﴿أُولُو القُرْبى﴾ مِمَّنْ لا يَرِثُ لِكَوْنِهِ عاصِبًا مَحْجُوبًا أوْ لِكَوْنِهِ مِن ذَوِي الأرْحامِ، والقَرِينَةُ عَلى إرادَةِ ذَلِكَ ذِكْرُ الوَرَثَةِ قَبْلَهُ ﴿واليَتامى والمَساكِينُ﴾ مِنَ الأجانِبِ ﴿فارْزُقُوهم مِنهُ﴾ أيْ أعْطُوهم شَيْئًا مِنَ المالِ أوِ المَقْسُومِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالقِسْمَةِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِما وهو أمْرُ نَدْبٍ كُلِّفَ بِهِ البالِغُونَ مِنَ الوَرَثَةِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ المَذْكُورِينَ وتَصَدُّقًا عَلَيْهِمْ، وقِيلَ: أمْرُ وُجُوبٍ واخْتُلِفَ في نَسْخِهِ فَفي بَعْضِ الرِّواياتِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ لا نَسْخَ والآيَةُ مَحْكَمَةٌ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في «ناسِخِهِ» وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عَطاءٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ﴿وإذا حَضَرَ القِسْمَةَ﴾ الآيَةَ نَسَخَتْها آيَةُ المِيراثِ فَجُعِلَ لِكُلِّ إنْسانٍ نُصِيبُهُ مِمّا تَرَكَ مِمّا قَلَّ مِنهُ أوْ كَثُرَ. وحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّ المُرادَ مِن أُولِي القُرْبى هُنا الوارِثُونَ، ومِنَ ( اليَتامى والمَساكِينِ ) غَيْرِ الوارِثِينَ وأنَّ قَوْلَهُ سُبْحانَهُ: ﴿فارْزُقُوهم مِنهُ﴾ راجِعٌ إلى الأوَّلِينَ، وقَوْلَهُ تَعالى: ﴿وقُولُوا لَهم قَوْلا مَعْرُوفًا﴾ راجِعٌ لِلْآخِرِينَ وهو بَعِيدٌ جِدًّا، والمُتَبادَرُ ما ذُكِرَ أوَّلًا وهَذا القَوْلُ لِلْمَرْزُوقِينَ مِن أُولَئِكَ المَذْكُورِينَ، والمُرادُ مِنَ القَوْلِ المَعْرُوفِ أنْ يَدْعُوا لَهم ويَسْتَقِلُّوا ما أعْطَوْهم ويَعْتَذِرُوا مِن ذَلِكَ ولا يَمُنُّوا عَلَيْهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب