الباحث القرآني

ثُمَّ عُمِّمَ، ﴿فَكَيْفَ﴾ يَكُونُ حالُهم ﴿إذا أصابَتْهُمْ﴾ نالَتْهم ﴿مُصِيبَةٌ﴾ نَكْبَةٌ تُظْهِرُ نِفاقَهم ﴿بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ﴾ أيْ بِسَبَبِ ما عَمِلُوا مِنَ الجِناياتِ، كالتَّحاكُمِ إلى الطّاغُوتِ والإعْراضِ عَنْ حُكْمِكَ ﴿ثُمَّ جاءُوكَ﴾ لِلِاعْتِذارِ، وهو عَطْفٌ عَلى (أصابَتْهُمْ) والمُرادُ تَهْوِيلُ ما دَهاهُمْ، وقِيلَ: عَلى (يَصُدُّونَ) وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ ﴿يَحْلِفُونَ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ (جاءُوكَ) أيْ: حالِفِينَ لَكَ بِاللَّهِ ﴿إنْ أرَدْنا﴾ أيْ: ما أرَدْنا بِتَحاكُمِنا إلى غَيْرِكَ ﴿إلا إحْسانًا﴾ إلى الخُصُومِ ﴿وتَوْفِيقًا﴾ بَيْنَهُمْ، ولَمْ نُرِدْ بِالمُرافَعَةِ إلى غَيْرِكَ عَدَمَ الرِّضا بِحُكْمِكَ فَلا تُؤاخِذْنا بِما فَعَلْنا. وهَذا وعِيدٌ لَهم عَلى ما فَعَلُوا، وأنَّهم سَيَنْدَمُونَ حِينَ لا يَنْفَعُهُمُ النَّدَمُ، ويَعْتَذِرُونَ ولا يُغْنِي عَنْهُمُ الِاعْتِذارُ، وقِيلَ: جاءَ أصْحابُ القَتِيلِ طالِبِينَ بِدَمِهِ، وقالُوا: إنْ أرَدْنا بِالتَّحاكُمِ إلى عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - إلّا أنْ يُحْسِنَ إلى صاحِبِنا، ويُوَفِّقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ خَصْمِهِ، فَإذا عَلى هَذا لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ دُونَ الِاسْتِقْبالِ. وقِيلَ: المَعْنِيُّ بِالآيَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، والمُصِيبَةُ ما أصابَهُ وأصْحابَهُ مِنَ الذُّلِّ بِرُجُوعِهِمْ مِن غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، وهي غَزْوَةُ مُرَيْسِيعٍ حِينَ نَزَلَتْ سُورَةُ (المُنافِقِينَ) فاضْطَرُّوا إلى الخُشُوعِ والِاعْتِذارِ عَلى ما سُيَذْكَرُ في مَحَلِّهِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، وقالُوا: ما أرَدْنا بِالكَلامِ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ المُتَنازِعَيْنِ في تِلْكَ الغَزْوَةِ إلّا الخَيْرَ، أوْ مُصِيبَةُ المَوْتِ لَمّا تَضَرَّعَ إلى رَسُولِ اللَّهِﷺ في الإقالَةِ والِاسْتِغْفارِ، واسْتَوْهَبَهُ ثَوْبَهُ لِيَتَّقِيَ بِهِ النّارَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب