الباحث القرآني

﴿وإذا قِيلَ لَهُمْ﴾ أيْ: لِأُولَئِكَ الزّاعِمِينَ ﴿تَعالَوْا إلى ما أنْزَلَ اللَّهُ﴾ في القُرْآنِ مِنَ الأحْكامِ ﴿وإلى الرَّسُولِ﴾ المَبْعُوثِ لِلْحُكْمِ بِذَلِكَ ﴿رَأيْتَ﴾ أيْ: أبْصَرْتَ، أوْ عَلِمْتَ ﴿المُنافِقِينَ﴾ وهُمُ الزّاعِمُونَ، والإظْهارُ في مَقامِ الإضْمارِ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِالنِّفاقِ وذَمِّهِمْ بِهِ، والإشْعارِ بِعِلَّةِ الحُكْمِ، أيْ: رَأيْتَهم لِنِفاقِهِمْ ﴿يَصُدُّونَ﴾ أيْ: يُعْرِضُونَ ﴿عَنْكَ صُدُودًا﴾ أيْ: إعْراضًا، أيُّ إعْراضٍ، فَهو مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِفِعْلِهِ، وتَنْوِينُهُ لِلتَّفْخِيمِ، وقِيلَ: هو اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ الَّذِي هو الصَّدُّ، وعُزِيَ إلى الخَلِيلِ، والأظْهَرُ أنَّهُ مَصْدَرٌ لِـ(صَدَّ) اللّازِمِ، والصَّدُّ مَصْدَرٌ لِلْمُتَعَدِّي. ودَعْوى أنَّ (يَصُدُّونَ) هُنا مُتَعَدٍّ حُذِفَ مَفْعُولُهُ، أيْ يَصُدُّونَ المُتَحاكِمِينَ أيْ يَمْنَعُونَهم مِمّا لا حاجَةَ إلَيْهِ، وهَذِهِ الجُمْلَةُ تَكْمِلَةٌ لِمادَّةِ التَّعْجِيبِ بِبَيانِ إعْراضِهِمْ عَنْ ذَلِكَ في ضِمْنِ التَّحاكُمِ إلى الطّاغُوتِ. وقَرَأ الحَسَنُ: (تَعالُوا) بِضَمِّ اللّامِ، عَلى أنَّهُ حُذِفَ لامُ الفِعْلِ اعْتِباطًا، كَما قالُوا: ما بالَيْتُ بِهِ بالَةً، وأصْلُها بالِيَةٌ كَعافِيَةٍ، وكَما قالَ الكِسائِيُّ في (آيَةٍ) أنَّ أصْلَها آيِيَةٌ كَفاعِلَةٍ، فَصارَتِ اللّامُ كاللّامِ فَضُمَّتْ لِلْواوِ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُ أهْلِ مَكَّةَ: تَعالِي بِكَسْرِ اللّامِ لِلْمَرْأةِ، وهو لُغَةٌ مَسْمُوعَةٌ، أثْبَتَها ابْنُ جِنِّيٍّ، فَلا عِبْرَةَ بِمَن لَحَنَ كابْنِ هِشامٍ الحَمْدانِيِّ (p-69)فِيها حَيْثُ يَقُولُ: ؎أيا جارَتا ما أنْصَفَ الدَّهْرُ بَيْنَنا تَعالَيْ أُقاسِمْكِ الهُمُومَ تَعالِي ولا حاجَةَ إلى القَوْلِ بِأنَّ (تَعالَيِ) الأُولى مَفْتُوحَةُ اللّامِ، والثّانِيَةُ مَكْسُورَتُها لِلْقافِيَةِ كَما لا يَخْفى. وأصْلُ مَعْنى هَذا الفِعْلِ طَلَبُ الإقْبالِ إلى مَكانٍ عالٍ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب