الباحث القرآني

﴿والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ ولَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾ بِأنْ يُؤْمِنُوا بِبَعْضٍ ويَكْفُرُوا بِآخَرِينَ كَما فَعَلَ الكَفَرَةُ، ودُخُولُ (بَيْنَ) عَلى أحَدٍ قَدْ مَرَّ الكَلامُ فِيهِ، والمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ جُمْلَةُ قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ المَنعُوتُونَ بِهَذِهِ النُّعُوتِ الجَلِيلَةِ ﴿سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ﴾ أيِ اللَّهُ تَعالى ﴿أُجُورَهُمْ﴾ المَوْعُودَةَ لَهُمْ، فالإضافَةُ لِلْعَهْدِ. وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّ الخَبَرَ مَحْذُوفٌ، أيْ: أضْدادُهم ومُقابِلُوهُمْ، والإتْيانُ بِـ(سَوْفَ) لِتَأْكِيدِ المَوْعُودِ الَّذِي هو الإيتاءُ، والدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ كائِنٌ لا مَحالَةَ، وإنْ تَأخَّرَ، لا الإخْبارِ بِأنَّهُ مُتَأخِّرٌ إلى حِينٍ، فَعَنِ الزَّمَخْشَرِيِّ أنَّ (يَفْعَلُ) الَّذِي لِلِاسْتِقْبالِ مَوْضُوعٌ لِمَعْنى الِاسْتِقْبال بِصِيغَتِهِ، فَإذا دَخَلَ عَلَيْهِ (سَوْفَ) أُكِّدَ ما هو مَوْضُوعٌ لَهُ مِن إثْباتِ الفِعْلِ في المُسْتَقْبَلِ، لا أنْ يُعْطى ما لَيْسَ فِيهِ مَن أصْلِهِ، فَهو في مُقابَلَةِ لَنْ، ومَنزِلَتُهُ مِن (يَفْعَلُ) مَنزِلَةُ لَنْ مِن (لا يَفْعَلُ) لِأنَّ لا لِنَفْيِ المُسْتَقْبَلِ، فَإذا وُضِعَ لَنْ مَوْضِعَهُ أُكِّدَ المَعْنى الثّابِتَ، وهو نَفْيُ المُسْتَقْبَلِ، فَإذًا كُلُّ واحِدٍ مِن (لَنْ وسَوْفَ) حَقِيقَتُهُ التَّوْكِيدُ، ولِهَذا قالَ سِيبَوَيْهِ: لَنْ يَفْعَلَ نَفْيُ سَوْفَ يَفْعَلُ، وكَأنَّهُ اكْتَفى سُبْحانَهُ بِبَيانِ ما لِهَؤُلاءِ المُؤْمِنِينَ عَنْ أنْ يُقالَ: أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ (حَقًّا) مَعَ اسْتِفادَتِهِ مِمّا دَلَّ عَلى الضِّدِّيَّةِ، وفي الآيَةِ التِفاتٌ مِنَ التَّكَلُّمِ إلى الغَبْبَةِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وكَثِيرٌ (نُؤْتِيهِمْ) بالنُّونِ، فَلا التِفاتَ ﴿وكانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ لِمَن هَذِهِ صِفَتُهم ما سَلَفَ لَهم مِنَ المَعاصِي والآثامِ ﴿رَحِيمًا﴾ بِهِمْ، فَيُضاعِفُ حَسَناتِهِمْ، ويَزِيدُهم عَلى ما وُعِدُوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب