الباحث القرآني

﴿إنْ تُبْدُوا﴾ أيْ: تُظْهِرُوا ﴿خَيْرًا﴾ أيَّ خَيْرٍ كانَ مِنَ الأقْوالِ والأفْعالِ، وقِيلَ: المُرادُ: (إنْ تُبْدُوا) جَمِيلًا حَسَنًا مِنَ القَوْلِ فِيمَن أحْسَنَ إلَيْكم شُكْرًا لَهُ عَلى إنْعامِهِ عَلَيْكُمْ، وقِيلَ: المُرادُ بِالخَيْرِ المالُ، والمَعْنى: إنْ تُظْهِرُوا التَّصَدُّقَ ﴿أوْ تُخْفُوهُ﴾ أيْ: تَفْعَلُوهُ سِرًّا، وقِيلَ: تَعْزِمُوا عَلى فِعْلِهِ ﴿أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ﴾ أيْ: تَصْفَحُوا عَمَّنْ أساءَ إلَيْكُمْ، مَعَ ما سُوِّغَ لَكم مِن مُؤاخَذَتِهِ، وأُذِنَ فِيها، والتَّنْصِيصُ عَلى هَذا مَعَ انْدِراجِهِ (p-4)فِي ابْتِداءِ الخَيْرِ وإخْفائِهِ - عَلى أحَدِ الأقْوالِ - لِلِاعْتِدادِ بِهِ، والتَّنْبِيهِ عَلى مَنزِلَتِهِ، وكَوْنِهِ مِنَ الخَيْرِ بِمَكانٍ، وذِكْرُ إبْداءِ الخَيْرِ وإخْفائِهِ تَوْطِئَةً وتَمْهِيدًا لَهُ، كَما يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ فَإنَّ إيرادَ العَفْوِ في مَعْرِضِ جَوابِ الشَّرْطِ يَدُلُّ عَلى أنَّ العُمْدَةَ العَفْوُ مَعَ القُدْرَةِ، ولَوْ كانَ إبْداءُ الخَيْرِ وإخْفاؤُهُ أيْضًا مَقْصُودًا بِالشَّرْطِ لَمْ يَحْسُنِ الِاقْتِصارُ في الجَزاءِ عَلى كَوْنِ اللَّهِ تَعالى (عَفُوًّا قَدِيرًا) أيْ: يُكْثِرُ العَفْوَ عَنِ العُصاةِ مَعَ كَمالِ قُدْرَتِهِ عَلى المُؤاخَذَةِ، وقالَ الحَسَنُ: يَعْفُو عَنِ الجانِينَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلى الِانْتِقامِ، فَعَلَيْكم أنْ تَقْتَدُوا بِسُنَّةِ اللَّهِ تَعالى، وقالَ الكَلْبِيُّ: هو أقْدَرُ عَلى عَفْوِ ذُنُوبِكم مِنكم عَلى عَفْوِ ذُنُوبِ مَن ظَلَمَكُمْ، وقِيلَ: (عَفُوًّا) عَمَّنْ عَفا (قَدِيرًا) عَلى إيصالِ الثَّوابِ إلَيْهِ، نَقْلَهُ النَّيْسابُورِيُّ وغَيْرُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب