الباحث القرآني
﴿ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ فِيما أمَرَ بِهِ مِنَ الأحْكامِ أوْ فِيما فَرَضَ مِنَ الفَرائِضِ، وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَن لا يُؤْمِنُ بِما فَصَّلَ سُبْحانَهُ مِنَ المَوارِيثِ، وحُكِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ.
﴿ويَتَعَدَّ حُدُودَهُ﴾ الَّتِي جاءَ بِها رَسُولُهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ومِن جُمْلَتِها ما قَصَّ لَنا قَبْلُ، أوْ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ في القِسْمَةِ المَذْكُورَةِ اسْتِحْلالًا كَما حُكِيَ عَنِ الكَلْبِيِّ ﴿يُدْخِلْهُ﴾ قَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ بِالنُّونِ في المَوْضِعَيْنِ ﴿نارًا﴾ أيْ عَظِيمَةً هائِلَةً ﴿خالِدًا فِيها﴾ حالٌ كَما سَبَقَ، وأُفْرِدَ هُنا وجُمِعَ هُناكَ لِأنَّ أهْلَ الطّاعَةِ أهْلُ الشَّفاعَةِ وإذا شَفَعَ أحَدُهم في غَيْرِهِ دَخَلَها مَعَهُ، وأهْلُ المَعاصِي لا يَشْفَعُونَ فَلا يَدْخُلُ بِهِمْ غَيْرُهم فَيَبْقَوْنَ فُرادى، أوْ لِلْإيذانِ بِأنَّ الخُلُودَ في دارِ الثَّوابِ بِصِيغَةِ الِاجْتِماعِ الَّذِي هو أجْلَبُ لِلْأُنْسِ، والخُلُودَ في دارِ العِقابِ بِصِيغَةِ الِانْفِرادِ الَّذِي هو أشَدُّ في اسْتِجْلابِ الوَحْشَةِ، وجَوَّزَ الزَّجّاجُ والتَّبْرِيزِيُّ كَوْنَ ( خالِدِينَ ) هُناكَ و( خالِدًا ) هُنا صِفَتَيْنِ لِجَنّاتٍ (p-234)أوْ نارٍ، واعْتُرِضَ بِأنَّهُ لَوْ كانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ إبْرازُ الضَّمِيرِ لِأنَّهُما جَرَيا عَلى غَيْرِ مَن هُما لَهُ، وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّ هَذا عَلى مَذْهَبِ البَصْرِيِّينَ، ومَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ جَوازُ الوَصْفِيَّةِ في مِثْلِ ذَلِكَ ولا يَحْتاجُ إلى إبْرازِ الضَّمِيرِ إذْ لا لَبْسَ ﴿ولَهُ عَذابٌ﴾ أيْ عَظِيمٌ لا يُكْتَنَهُ ﴿مُهِينٌ﴾ أيْ مُذِلٌّ لَهُ والجُمْلَةُ حالِيَّةٌ، والمُرادُ جَمْعُ أمْرَيْنِ لِلْعُصاةِ المُعْتَدِينَ عَذابٍ جُسْمانِيٍّ وعَذابٍ رُوحانِيٍّ، نَسْألُ اللَّهَ تَعالى العافِيَةَ.
واسْتَدَلَّ بِالآيَةِ مَن زَعَمَ أنَّ المُؤْمِنَ العاصِيَ مُخَلَّدٌ في النّارِ، والجَوابُ أنَّها لا تَصْدُقُ عَلَيْهِ إمّا لِأنَّها في الكافِرِ عَلى ما سَمِعْتُ عَنِ الكَلْبِيِّ وابْنِ جُبَيْرٍ وابْنِ جُرَيْجٍ وإمّا لِأنَّ المُرادَ مِن حُدُودِ اللَّهِ تَعالى جَمِيعُ حُدُودِهِ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْناءِ، والمُؤْمِنُ العاصِي واقِفٌ عِنْدَ حَدِّ التَّوْحِيدِ، وإمّا لِأنَّ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ العَفْوِ كَما أنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّوْبَةِ عِنْدَ الزّاعِمِ، وفي خَتْمِ آياتِ المَوارِيثِ بِهَذِهِ الآيَةِ إشارَةٌ إلى عِظَمِ أمْرِ المِيراثِ ولُزُومِ الِاحْتِياطِ والتَّحَرِّي وعَدَمِ الظُّلْمِ فِيهِ، وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ عَنْ أنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: ««مَن قَطَعَ مِيراثًا فَرَضَهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ قَطَعَ اللَّهُ مِيراثَهُ مِنَ الجَنَّةِ»».
وأخْرَجَ أبُو مَنصُورٍ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ مُوسى والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ ذَلِكَ، وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّ السّاعَةَ لا تَقُومُ حَتّى لا يُقَسَّمَ مِيراثٌ ولا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةِ عَدُوٍّ، وكَأنَّ عَدَمَ القِسْمَةِ إمّا لِلتَّهاوُنِ في الدِّينِ وعَدَمِ المُبالاةِ وكَثْرَةِ الظُّلْمِ بَيْنَ النّاسِ، وإمّا لِفُشُوِّ الجَهْلِ وعَدَمِ مَن يَعْرِفُ الفَرائِضَ، فَقَدْ ورَدَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ««إنَّ عِلْمَ الفَرائِضِ أوَّلُ ما يُنْزَعُ مِنَ الأُمَّةِ»»، وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، والحاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ««تَعَلَّمُوا الفَرائِضَ وعَلِّمُوهُ النّاسَ فَإنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وإنَّ العِلْمَ سَيُقْبَضُ وتَظْهَرُ الفِتَنُ حَتّى يَخْتَلِفَ الِاثْنانِ في الفَرِيضَةِ لا يَجِدانِ مَن يَقْضِي بِها»» ولَعَلَّ الِاحْتِمالَ الأوَّلَ أظْهَرُ.
هَذا وقَدْ سَدَّدْنا بابَ الإشارَةِ في الآياتِ لِما في فَتْحِهِ مِنَ التَّكَلُّفِ، وقَدْ تَرَكْناهُ لِأهْلِهِ.
{"ayah":"وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ یُدۡخِلۡهُ نَارًا خَـٰلِدࣰا فِیهَا وَلَهُۥ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











