الباحث القرآني
﴿مَن كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا﴾ كالمُجاهِدِ يُرِيدُ بِجِهادِهِ الغَنِيمَةَ والمَنافِعَ الدُّنْيَوِيَّةَ ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ جَزاءُ الشَّرْطِ بِتَقْدِيرِ الإعْلامِ والإخْبارِ، أيْ: (مَن كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) فَأعْلِمْهُ وأخْبِرْهُ أنَّ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى ثَوابَ الدّارِينَ فَما لَهُ لا يَطْلُبُ ذَلِكَ كَمَن يَقُولُ: ﴿رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً﴾ أوْ يَطْلُبُ الأشْرَفَ وهو ثَوابُ الآخِرَةِ، فَإنَّ مَن جاهَدَ مَثَلًا خالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعالى لَمْ تُخْطِهِ المَنافِعُ الدُّنْيَوِيَّةُ، ولَهُ في الآخِرَةِ ما هي في جَنْبِهِ كَلا شَيْءٍ.
وفِي مُسْنَدِ أحْمَدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ««مَن كانَ هَمُّهُ الآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ تَعالى شَمْلَهُ، وجَعَلَ غِناهُ في قَلْبِهِ، وأتَتْهُ (p-167)الدُّنْيا وهي راغِمَةٌ، ومَن كانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيا، فَرَّقَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ولَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيا إلّا ما كُتِبَ لَهُ»».
وجُوِّزَ أنْ يُقَدَّرَ الجَزاءُ مِن جِنْسِ الخُسْرانِ فَيُقالُ: مَن كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَقَطْ فَقَدْ حَسِرَ وهَلَكَ، فَعِنْدَ اللَّهِ تَعالى ثَوابُ الدُّنْيا والآخِرَةِ لَهُ إنْ أرادَهُ.
وفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ««أوَّلُ النّاسِ يُقْضى عَلَيْهِ يَوْمَ القِيامَةِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حَتّى اسْتُشْهِدْتُ قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لِأنْ يُقالُ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ: ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلى وجْهِهِ حَتّى أُلْقِيَ في النّارِ.
ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وعَلَّمَهُ، وقَرَأ القُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وعَلَّمْتُهُ، وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلى وجْهِهِ حَتّى أُلْقِيَ في النّارِ.
ورَجُلٌ وسَّعَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وأعْطاهُ مِن أصْنافِ المالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيها إلّا أنْفَقْتُ فِيها، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ: هو جَوادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلى وجْهِهِ حَتّى أُلْقِيَ في النّارِ»».
وقِيلَ: إنَّهُ الجَزاءُ إلّا أنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِما يَجْعَلُهُ مُرَتَّبًا عَلى الشَّرْطِ؛ لِأنَّ مَآلَهُ أنَّهُ مَلُومٌ مُوَبَّخٌ لِتَرْكِهِ الأهَمَّ الأعْلى الجامِعَ لِما أرادَهُ مَعَ زِيادَةٍ، لَكِنْ مَن يَشْتَرِطُ العائِدَ في الجَزاءِ يُقَدِّرُهُ كَما أشَرْنا إلَيْهِ.
وقِيلَ: المُرادُ أنَّهُ تَعالى عِنْدَهُ ثَوابُ الدّارِينَ، فَيُعْطِي كُلًّا ما يُرِيدُهُ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ﴾ الآيَةَ.
﴿وكانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ تَذْيِيلٌ لِمَعْنى التَّوْبِيخِ، أيْ: كَيْفَ يُرائِي المُرائِي، وأنَّ اللَّهَ تَعالى (سُمَيْعٌ) بِما يَهْجِسُ في خاطِرِهِ وما تَأْمُرُ بِهِ دَواعِيهِ، (بَصِيرٌ) بِأحْوالِهِ كُلِّها ظاهِرِها وباطِنِها، فَيُجازِيهِ عَلى ذَلِكَ، وقَدْ يُقالُ: ذُيِّلَ بِذَلِكَ لِأنَّ إرادَةَ الثَّوابِ إمّا بِالدُّعاءِ وإمّا بِالسَّعْيِ، والأوَّلُ مَسْمُوعٌ، والثّانِي مُبْصَرٌ، وقِيلَ: السَّمْعُ والبَصَرُ عِبارَتانِ عَنِ اطِّلاعِهِ تَعالى عَلى غَرَضِ المُرِيدِ لِلدُّنْيا أوِ الآخِرَةِ، وهو عِبارَةٌ عَنِ الجَزاءِ، ولا يَخْفى أنَّهُ – وإنْ كانَ لا يَخْلُو عَنْ حُسْنٍ - إلّا أنَّهُ يُوهِمُ إرْجاعَ صِفَةِ السَّمْعِ والبَصَرِ إلى العِلْمِ، وهو خِلافُ المُقَرَّرِ في الكَلامِ.
{"ayah":"مَّن كَانَ یُرِیدُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡیَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِیعَۢا بَصِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق