الباحث القرآني
﴿ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ ورَحْمَتُهُ﴾ بِإعْلامِكَ بِما هم عَلَيْهِ بِالوَحْيِ وتَنْبِيهِكَ عَلى الحَقِّ، وقِيلَ: لَوْلا فَضْلُهُ بِالنُّبُوَّةِ ورَحْمَتُهُ بِالعِصْمَةِ، وقِيلَ: لَوْلا فَضْلُهُ بِالنُّبُوَّةِ ورَحْمَتُهُ بِالوَحْيِ، وقِيلَ: المُرادُ لَوْلا حِفْظُهُ لَكَ وحِراسَتُهُ إيّاكَ.
﴿لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنهُمْ﴾ أيْ: مِنَ الَّذِينَ (يَخْتانُونَ) والمُرادُ بِهِمْ أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ وأصْحابُهُ، أوِ الذّابُّونَ عَنْ طُعْمَةَ، المُطَّلِعُونَ عَلى كُنْهِ القِصَّةِ، العالِمُونَ بِحَقِيقَتِها، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ راجِعًا إلى النّاسِ، والمُرادُ بِالطّائِفَةِ الَّذِينَ انْتَصَرُوا لِلسّارِقِ، أوِ المُودِعِ الخائِنِ، وقِيلَ: المُرادُ بِهِمْ وفْدُ ثَقِيفٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - «أنَّهم قَدِمُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقالُوا: يا مُحَمَّدُ، جِئْناكَ نُبايِعُكَ عَلى أنْ لا نَكْسِرَ أصْنامَنا بِأيْدِينا، وعَلى أنْ نَتَمَتَّعَ بِالعُزّى سَنَةً، فَلَمْ يُجِبْهم صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وعَصَمَهُ اللَّهُ تَعالى مِن ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ».
وعَنْ أبِي مُسْلِمٍ أنَّهُمُ المُنافِقُونَ (هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) مِن إهْلاكِ النَّبِيِّ ﷺ فَحَفِظَهُ اللَّهُ تَعالى مِنهُمْ، وحَرَسَهُ بِعَيْنِ عِنايَتِهِ ﴿أنْ يُضِلُّوكَ﴾ أيْ: بِأنْ يُضِلُّوكَ عَنِ القَضاءِ بِالحَقِّ، أوْ عَنِ اتِّباعِ ما جاءَكَ في أمْرِ الأصْنامِ، أوْ بِأنْ يُهْلِكُوكَ، وقَدْ جاءَ الإضْلالُ بِهَذا المَعْنى، ومِنهُ عَلى ما قِيلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالُوا أإذا ضَلَلْنا في الأرْضِ﴾ والجُمْلَةُ جَوابُ لَوْلا، وإنَّما نُفِيَ هَمُّهم مَعَ أنَّ المَنفِيَّ إنَّما هو ثَأْثِيرُهُ فَقَطْ إيذانًا بِانْتِفاءِ تَأْثِيرِهِ بِالكُلِّيَّةِ، وقِيلَ: المُرادُ هو الهَمُّ المُؤَثِّرُ، ولا رَيْبَ في انْتِفائِهِ حَقِيقَةً.
وقالَ الرّاغِبُ: إنَّ القَوْمَ كانُوا مُسْلِمِينَ، ولَمْ يُهِمُّوا بِإضَلالِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أصْلًا، وإنَّما كانَ ذَلِكَ صَوابًا عِنْدَهم وفي ظَنِّهِمْ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونَ الجَوابُ مَحْذُوفًا، والتَّقْدِيرُ: ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ ورَحْمَتُهُ لَأضَلُّوكَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: (لَهَمَّتْ) أيْ: لَقَدْ هَمَّتْ بِذَلِكَ ﴿وما يُضِلُّونَ إلا أنْفُسَهُمْ﴾ أيْ: ما يُزِيلُونَ عَنِ الحَقِّ إلّا أنْفُسَهُمْ، أوْ ما يُهْلِكُونَ إلّا إيّاها لِعَوْدِ وبالِ ذَلِكَ وضَرَرِهِ عَلَيْهِمْ، والجُمْلَةُ اعْتِراضِيَّةٌ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ﴾ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وعَطْفُهُ عَلى (أنْ يُضِلُّوكَ) وهْمٌ مَحْضٌ و(مِن) صِلَةٌ، والمَجْرُورُ (p-144)فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى المَصْدَرِيَّةِ، أيْ: وما يَضُرُّونَكَ شَيْئًا مِنَ الضَّرَرِ لِما أنَّهُ تَعالى عاصِمُكَ عَنِ الزَّيْغِ في الحُكْمِ.
وأمّا ما خَطَرَ بِبالِكَ فَكانَ عَمَلًا مِنكَ بِظاهِرِ الحالِ ثِقَةً بِأقْوالِ القائِلِينَ مِن غَيْرِ أنْ يَخْطُرَ لَكَ أنَّ الحَقِيقَةَ عَلى خِلافِ ذَلِكَ، أوْ لِما أنَّهُ سُبْحانَهُ عاصِمُكَ عَنِ المُداهَنَةِ والمَيْلِ إلى آراءِ المُلْحِدِينَ، والأمْرُ بِخِلافِ ما أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْكَ، أوْ لِما أنَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ وعَدَكَ العِصْمَةَ مِنَ النّاسِ، وحَجَبَهم عَنِ التَّمَكُّنِ مِنكَ.
﴿وأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتابَ والحِكْمَةَ﴾ أيِ: القُرْآنَ الجامِعَ بَيْنَ العُنْوانَيْنِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالحِكْمَةِ السُّنَّةُ، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ في تَحْقِيقِ ذَلِكَ، والجُمْلَةُ - عَلى ما قالَهُ الأجْهُورِيُّ: - في مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِما قَبْلَها، وإلى ذَلِكَ أشارَ الطَّبَرْسِيُّ، وهو غَيْرُ مُسَلَّمٍ عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ أبُو مُسْلِمٍ.
﴿وعَلَّمَكَ﴾ بِأنْواعِ الوَحْيِ ﴿ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾ أيِ: الَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُهُ مِن خَفِيّاتِ الأُمُورِ وضَمائِرِ الصُّدُورِ، ومِن جُمْلَتِها وُجُوهُ إبْطالِ كَيْدِ الكائِدِينَ، أوْ مِن أُمُورِ الدُّنْيا وأحْكامِ الشَّرْعِ، كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - أوْ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ - كَما قالَ الضَّحّاكُ - أوْ مِن أخْبارِ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ - كَما قِيلَ - أوْ مِن جَمِيعِ ما ذُكِرَ كَما يُقالُ.
ومِنَ النّاسِ مَن فَسَّرَ المَوْصُولَ بِأسْرارِ الكِتابِ والحِكْمَةِ أيْ: أنَّهُ سُبْحانَهُ أنْزَلَ عَلَيْكَ ذَلِكَ، وأطْلَعَكَ عَلى أسْرارِهِ، وأوْقَفَكَ عَلى حَقائِقِهِ، فَتَكُونُ الجُمْلَةُ الثّانِيَةُ كالتَّتِمَّةِ لِلْجُمْلَةِ الأوْلى، واسْتَظْهِرْ في البَحْرِ العُمُومَ.
﴿وكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ لا تَحْوِيهِ عِبارَةٌ، ولا تُحِيطُ بِهِ إشارَةٌ، ومِن ذَلِكَ النُّبُوَّةُ العامَّةُ، والرِّياسَةُ التّامَّةُ، والشَّفاعَةُ العُظْمى يَوْمَ القِيامَةِ
{"ayah":"وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ أَن یُضِلُّوكَ وَمَا یُضِلُّونَ إِلَّاۤ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا یَضُرُّونَكَ مِن شَیۡءࣲۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكَ عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق