الباحث القرآني
سُورَةُ الزُّمَرِ
وتُسَمّى سُورَةَ الغُرَفِ كَما في الإتْقانِ والكَشّافِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَهم غُرَفٌ مِن فَوْقِها غُرَفٌ﴾، أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها أُنْزِلَتْ بِمَكَّةَ، ولَمْ يَسْتَثْنِ، وأخْرَجَ النَّحّاسُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الزُّمَرِ بِمَكَّةَ سِوى ثَلاثِ آياتٍ، نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ في وحْشِيِّ قاتِلِ حَمْزَةَ، ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾، إلى ثَلاثِ آياتٍ، وزادَ بَعْضُهُمْ: ﴿قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ الآيَةَ، ذَكَرَهُ السَّخاوِيُّ في جَمالِ القُرّاءِ، وحَكاهُ أبُو حَيّانَ عَنْ مُقاتِلٍ، وزادَ بَعْضٌ ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ﴾، حَكاهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ، والمَذْكُورُ في البَحْرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ اسْتِثْناءُ ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ﴾ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ إلَخْ، وعَنْ بَعْضِهِمْ: إلّا سَبْعَ آياتٍ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ إلى آخِرِ السَّبْعِ، وآيُها خَمْسٌ وسَبْعُونَ في الكُوفِيِّ، وثَلاثٌ في الشّامِيِّ، واثْنَتانِ في الباقِي، وتَفْصِيلُ الِاخْتِلافِ في مَجْمَعِ البَيانِ وغَيْرِهِ، ووَجْهُ اتِّصالِ أوَّلِها بِآخِرِ صادَ، أنَّهُ قالَ سُبْحانَهُ هُناكَ:”إن هو إلا ذكر للعالمين“، وقالَ جَلَّ شَأْنُهُ هُنا: ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللَّهِ﴾، وفي ذَلِكَ كَمالُ الِالتِئامِ بِحَيْثُ لَوْ أُسْقِطَتِ البَسْمَلَةُ لَمْ يَتَنافَرِ الكَلامُ ثُمَّ إنَّهُ تَعالى ذَكَرَ آخِرَ ص قِصَّةَ خَلْقِ آدَمَ وذَكَرَ في صَدْرِ هَذِهِ قِصَّةَ خَلْقِ زَوْجِهِ مِنهُ، وخَلْقِ النّاسِ كُلِّهِمْ مِنهُ، وذَكَرَ خَلْقَهم في بُطُونِ أُمَّهاتِهِمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أنَّهم مَيِّتُونَ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ القِيامَةَ (p-233)والحِسابَ، والجَنَّةَ، والنّارَ، وخَتَمَ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وقُضِيَ بَيْنَهم بِالحَقِّ وقِيلَ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾، فَذَكَرَ جَلَّ شَأْنُهُ أحْوالَ الخَلْقِ مِنَ المَبْدَإ إلى آخِرِ المَعادِ مُتَّصِلًا بِخَلْقِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - المَذْكُورِ في السُّورَةِ قَبْلَها، وبَيْنَ السُّورَتَيْنِ أوْجُهٌ أُخَرُ مِنَ الرَّبْطِ تَظْهَرُ بِالتَّأمُّلِ، فَتَأمَّلْ.
﷽
﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ﴾ قالَ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ: هو مُبْتَدَأٌ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ﴾ خَبَرُهُ أوْ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، أيْ هَذا المَذْكُورُ تَنْزِيلٌ، ومن الله مُتَعَلِّقٌ بِتَنْزِيلٌ، والوَجْهُ الأوَّلُ أوْجَهُ كَما في الكَشْفِ، والكِتابُ القُرْآنُ كُلُّهُ وكَأنَّ الجُمْلَةَ عَلَيْهِ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ ذِكْرًا لِلْعالَمِينَ، أوْ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأهُ بَعْدَ حِينٍ﴾، والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالكِتابِ عَلى الوَجْهِ الثّانِي السُّورَةُ لِكَوْنِها عَلى شَرَفِ الذِّكْرِ، فَهي أقْرَبُ لِاعْتِبارِ الحُضُورِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ اسْمُ الإشارَةِ فِيها، وتنزيل بِمَعْنى مُنَزَّلٍ، أوْ قُصِدَ بِهِ المُبالَغَةُ، وقَدَّرَ أبُو حَيّانَ المُبْتَدَأ هُوَ، عائِدًا عَلى الذِّكْرِ في ”إن هو إلا ذكر“ وجَعَلَ الجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا، كَأنَّهُ قِيلَ: هَذا الذِّكْرُ ما هُوَ؟ فَقِيلَ: هو تَنْزِيلُ الكِتابِ، والكِتابُ عَلَيْهِ القُرْآنُ، وفِي: ﴿تَنْزِيلُ﴾ الِاحْتِمالانِ، وجُوِّزَ عَلى احْتِمالِ كَوْنِهِ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ كَوْنُ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ خَبَرًا ثانِيًا، وكَوْنُهُ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أيْضًا أيْ: هَذا أوْ هو تَنْزِيلُ الكِتابِ، هَذا أوْ هو مِنَ اللَّهِ، وكَوْنُهُ حالًا مِنَ الكتاب وجازَ الحالُ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ، لِأنَّ المُضافَ مِمّا يَعْمَلُ عَمَلَ الفِعْلِ، وكَوْنُهُ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَتِرِ في تنزيل عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ بِمَعْنى مُنَزَّلٍ، وكَوْنِهِ حالًا مِن تنزيل نَفْسِهِ، والعامِلُ فِيهِ مَعْنى الإشارَةِ.
وتُعُقِّبَ بِأنَّ مَعانِيَ الأفْعالِ لا تَعْمَلُ إذا كانَ ما هي فِيهِ مَحْذُوفًا، ولِذَلِكَ رَدُّوا عَلى المُبَرِّدِ قَوْلَهُ في بَيْتِ الفَرَزْدَقِ: وإذْ ما مِثْلَهم بَشَرٌ، أنَّ مِثْلَهم مَنصُوبٌ عَلى الحالِيَّةِ، وعامِلَهُ الظَّرْفُ المُقَدَّرُ، أيْ ما في الوُجُودِ بَشَرٌ مُماثِلًا لَهُمْ، بِأنَّ الظَّرْفَ عامِلٌ مَعْنَوِيٌّ لا يَعْمَلُ مَحْذُوفًا، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وعِيسى ”تَنْزِيلَ“ بِالنَّصْبِ عَلى إضْمارِ فِعْلٍ نَحْوَ: اقْرَأْ، والزَمْ.
والتَّعَرُّضُ لِوَصْفَيِ العِزَّةِ والحِكْمَةِ لِلْإيذانِ بِظُهُورِ أثَرَيْهِما في الكِتابِ بِجَرَيانِ أحْكامِهِ ونَفاذِ أوامِرِهِ ونَواهِيهِ مِن غَيْرِ مُدافِعٍ، ولا مُمانِعٍ، وبِابْتِناءِ جَمِيعِ ما فِيهِ عَلى أساسِ الحِكَمِ الباهِرَةِ.
{"ayah":"تَنزِیلُ ٱلۡكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق