الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ عِنْدَهم خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الوَهّابِ﴾ في مُقابَلَةِ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أأُنْزِلَ﴾ إلَخْ، ونَظِيرُهُ في رَدِّ نَظِيرِهِ، ﴿أهم يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾ وأمْ مُنْقَطِعَةٌ مُقَدَّرَةٌ بِبَلْ والهَمْزَةِ، والمُرادُ بِالعِنْدِيَّةِ المِلْكُ والتَّصَرُّفُ لا مُجَرَّدُ الحُضُورِ. وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ لِأنَّهُ مَحَلُّ الإنْكارِ أيْ بَلْ أيَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَتِهِ تَعالى ويَتَصَرَّفُونَ فِيها حَسْبَما يَشاؤُونَ حَتّى أنَّهم يُصِيبُونَ بِها مَن شاؤُوا ويَصْرِفُونَها عَمَّنْ شاؤُوا، ويَتَحَكَّمُونَ فِيها بِمُقْتَضى رَأْيِهِمْ، فَيَتَخَيَّرُوا لِلنُّبُوَّةِ بَعْضَ صَنادِيدِهِمْ. وإضافَةُ الرَّبِّ إلى ضَمِيرِهِ ﷺ لِلتَّشْرِيفِ واللُّطْفِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، والعَزِيزُ القاهِرُ عَلى خَلْقِهِ، والوَهّابُ الكَثِيرُ المَواهِبِ المُصِيبُ بِها مَواقِعَها، وحَدِيثُ العِزَّةِ والقَهْرِ يُناسِبُ ما كانُوا عَلَيْهِ مِن تَرَفُّعِهِمْ بِالنُّبُوَّةِ عَنْهُ ﷺ تَجَبُّرًا. والمُبالَغَةُ في الوَهّابِ مِن طَرِيقِ الكَمِّيَّةِ تُناسِبُ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿خَزائِنُ﴾ وتَدُلُّ عَلى حِرْمانٍ لَهم عَظِيمٍ، وفي ذَلِكَ إدْماجُ أنَّ النُّبُوَّةَ لَيْسَتْ عَطاءً واحِدًا بِالحَقِيقَةِ، بَلْ يَتَضَمَّنُ عَطايا جَمَّةً تَفُوتُ الحَصْرَ، وهي مِن طَرِيقِ الكَيْفِيَّةِ المُشارِ إلَيْها بِإصابَةِ المَواقِعِ لِلدِّلالَةِ عَلى أنَّ مُسْتَحِقَّ العَطاءِ ومَحَلَّهُ مَن وُهِبَ ذَلِكَ، وهو النَّبِيُّ ﷺ، وفي الوَصْفِ المَذْكُورِ (p-169)أيْضًا إشارَةٌ إلى أنَّ النُّبُوَّةَ مَوْهِبَةٌ رَبّانِيَّةٌ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب