الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا إبْلِيسَ﴾ اسْتِثْناءٌ مُتَّصِلٌ لِما أنَّهُ وإنْ كانَ جِنِّيًّا مَعْدُودٌ في زُمْرَةِ المَلائِكَةِ مَوْصُوفٌ بِصِفاتِهِمْ لا يَقُومُ ولا يَقْعُدُ إلّا مَعَهُمْ، فَشَمِلَتْهُ المَلائِكَةُ تَغْلِيبًا ثُمَّ اسْتُثْنِيَ اسْتِثْناءً واحِدًا مِنهُمْ، أوْ لِأنَّ مِنَ المَلائِكَةِ جِنْسًا يَتَوالَدُونَ، وهو مِنهُمْ، أوْ هو اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿اسْتَكْبَرَ﴾ عَلى الأوَّلِ اسْتِئْنافٌ مُبَيِّنٌ لِكَيْفِيَّةِ تَرْكِ السُّجُودِ المَفْهُومِ مِنَ الاسْتِثْناءِ، فَإنَّ تَرْكَهُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ لِلتَّأمُّلِ والتَّرَوِّي، وبِهِ يَتَحَقَّقُ أنَّهُ لِلْإباءِ والِاسْتِكْبارِ، وعَلى الثّانِي يَجُوزُ اتِّصالُهُ بِما قَبْلَهُ أيْ لَكِنَّ إبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وتَعَظَّمَ، ﴿وكانَ مِنَ الكافِرِينَ﴾ أيْ وصارَ مِنهم بِاسْتِكْبارِهِ وتَعاظُمِهِ عَلى أمْرِ اللَّهِ تَعالى، وتَرْكُ الفاءِ المُؤْذِنَةِ بِالسَّبَبِيَّةِ إحالَةٌ عَلى فِطْنَةِ السّامِعِ، أوْ لِظُهُورِ المُرادِ. وكَوْنُ التَّعاظُمِ عَلى أمْرِهِ - عَزَّ وجَلَّ - لا سِيَّما الشِّفاهِيُّ مُوجِبًا لِلْكُفْرِ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يُشَكَّ فِيهِ، عَلى أنَّ هَذا الِاسْتِكْبارَ كانَ مُتَضَمِّنًا اسْتِقْباحَ الأمْرِ وعَدَّهُ جَوْرًا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: وكانَ مِنَ الكافِرِينَ في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى لِعِلْمِهِ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّهُ سَيَعْصِيهِ ويَصْدُرُ عَنْهُ ما يَصْدُرُ بِاخْتِيارِهِ وخُبْثِ طَوِيَّتِهِ واسْتِعْدادِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب