الباحث القرآني

﴿قالُوا﴾ وهو الصَّلْيُّ أيْ أنْتُمْ قَدَّمْتُمُ العَذابَ أوِ الصَّلْيَ، ودُخُولَ النّارِ لَنا بِإغْوائِنا، وإغْرائِنا عَلى ما قَدَّمْنا مِنَ العَقائِدِ الزّائِغَةِ، والأعْمالِ السَّيِّئَةِ لا أنّا باشَرْناها مِن تِلْقاءِ أنْفُسِنا. وفِي الكَلامِ مَجازانِ عَقْلِيّانِ، الأوَّلُ إسْنادُ التَّقْدِيمِ إلى الرُّؤَساءِ لِأنَّهُمُ السَّبَبُ فِيهِ بِإغْوائِهِمْ، والثّانِي إيقاعُهُ عَلى العَذابِ، أوِ الصَّلْيِ مَعَ أنَّهُ لَيْسَ المُقَدَّمَ، بَلِ المُقَدَّمُ عَمَلُ السُّوءِ الَّذِي هو سَبَبٌ لَهُ، وقِيلَ: أُطْلِقَ الضَّمِيرُ الَّذِي هو عِبارَةٌ عَنِ العَذابِ أوِ الصَّلْيِ المُسَبَّبِ عَنِ العَمَلِ عَلى العَمَلِ مَجازًا لُغَوِيًّا، وقِيلَ: لا حاجَةَ إلى ارْتِكابِ المَجازِ فِيهِ، فَتَقْدِيمُ العَذابِ أوِ الصَّلْيِ بِتَأْخِيرِ الرَّحْمَةِ مِنهم ﴿فَبِئْسَ القَرارُ﴾ أيْ فَبِئْسَ المَقَرُّ جَهَنَّمُ، وهو مِن كَلامِ الأتْباعِ، وكَأنَّهم قَصَدُوا بِذَلِكَ التَّشَفِّيَ والإنْكاءَ، وإنَّ ذَلِكَ المَقَرَّ مُشْتَرَكٌ، وقِيلَ: قَصَدُوا بِالذَّمِّ المَذْكُورِ تَغْلِيظَ جِنايَةِ الرُّؤَساءِ عَلَيْهِمْ، ﴿قالُوا﴾ أيِ الأتْباعُ أيْضًا، وقَوْلُ ابْنِ السّائِبِ: القائِلُ جَمِيعُ أهْلِ النّارِ خِلافُ الظّاهِرِ جِدًّا، فَلا يُصارُ إلَيْهِ، وتَوْسِيطُ الفِعْلِ بَيْنَ كَلامَيْهِمْ لِما بَيْنَهُما مِنَ التَّبايُنِ ذاتًا وخِطابًا، أيْ قالُوا مُعْرِضِينَ عَنْ خُصُومَةِ رُؤَسائِهِمْ مُتَضَرِّعِينَ إلى اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - ﴿رَبَّنا مَن قَدَّمَ لَنا هَذا فَزِدْهُ عَذابًا ضِعْفًا في النّارِ﴾ أيْ مُضاعَفًا ومَعْناهُ ذا ضِعْفٍ، أيْ مِثْلٍ، وهو أنْ يَزِيدَ عَلى عَذابِهِ مِثْلُهُ، فَيَصِيرُ بِتِلْكَ الزِّيادَةِ مِثْلَيْنِ لِعَذابِ غَيْرِهِ، ويُطْلَقُ الضِّعْفُ عَلى الزِّيادَةِ المُطْلَقَةِ. وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ هُنا: الضِّعْفُ حَيّاتٌ وعَقارِبُ، والظّاهِرُ مِن بَعْضِ عِباراتِهِمْ أنَّ ﴿مَن﴾ مَوْصُولَةٌ، ونَصَّ الخَفاجِيُّ (p-218)عَلى أنَّها شَرْطِيَّةٌ. وفي البَحْرِ: ﴿مَن قَدَّمَ﴾ هُمُ الرُّؤَساءُ، وقالَ الضَّحّاكُ: هو إبْلِيسُ وقابِيلُ، وهو أنْسَبُ بِخِلافِ الظّاهِرِ المَحْكِيِّ عَنِ ابْنِ السّائِبِ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب