الباحث القرآني

﴿وآخَرُ﴾ أيْ ومَذُوقٌ آخَرُ، وفَسَّرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ كَما رَواهُ عَنْهُ جَمْعٌ بِالزَّمْهَرِيرِ، أوْ وعَذابٌ آخَرُ. وقَرَأ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، والجَحْدَرِيُّ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وعِيسى، وأبُو عَمْرٍو، و”أُخَرُ“ عَلى الجَمْعِ أيْ ومَذُوقاتٌ أوْ أنْواعُ عَذابٍ أُخَرُ، ﴿مِن شَكْلِهِ﴾ أيْ مِن مِثْلِ هَذا المَذُوقِ، أوِ العَذابِ في الشِّدَّةِ والفَظاعَةِ، وتَوْحِيدُ الضَّمِيرِ دُونَ تَثْنِيَتِهِ نَظَرًا لِلْحَمِيمِ والغَسّاقِ عَلى أنَّهُ لِما ذُكِرَ، أوْ لِلشَّرابِ الشّامِلِ لِلْحَمِيمِ والغَسّاقِ، أوْ لِلْغَسّاقِ. وقَرَأ مُجاهِدٌ ”شِكْلِهِ“ بِكَسْرِ الشِّينِ، وهي لُغَةٌ فِيهِ كَمِثْلٍ، وإذا كانَ بِمَعْنى الغَنْجِ، فَهو بِالكَسْرِ لا غَيْرَ، ﴿أزْواجٌ﴾ أيْ أجْناسٌ وآخر عَلى القِراءَتَيْنِ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، أيْ وهَذا مَذُوقٌ أوْ عَذابٌ آخَرُ، أوْ هَذِهِ مَذُوقاتٌ أوْ أنْواعُ عَذابٍ أُخَرُ، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى هَذا حَمِيمٌ، وإنْ شِئْتَ فَقَدِّرْ هو أوْ هِيَ، واعْطِفِ الجُمْلَةَ عَلى (هُوَ حَمِيمٌ)، وأنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أيْ ومِنهُ مَذُوقٌ أوْ عَذابٌ آخَرُ، أوْ ومِنهُ مَذُوقاتٌ، أوْ أنْواعُ عَذابٍ أُخَرُ، والعَطْفُ عَلى مِنهُ حَمِيمٌ، وجُوِّزَ أنْ يُقَدَّرَ الخَبَرُ لَهُمْ، أيْ ولَهم مَذُوقٌ أوْ عَذابٌ آخَرُ، أوْ ولَهم مَذُوقاتٌ أوْ أنْواعُ عَذابٍ (p-216)أُخَرُ، والعَطْفُ عَلى ﴿هَذا فَلْيَذُوقُوهُ﴾ ومِن شَكْلِهِ وأزْواجٌ في جَمِيعِ ذَلِكَ صِفَتانِ (لِآخَرُ) أوْ (أُخَرُ)، وآخر وإنْ كانَ مُفْرَدًا في اللَّفْظِ فَهو جَمْعٌ وصادِقٌ عَلى مُتَعَدِّدٍ في المَعْنى. ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ آخَرُ أوْ أُخَرُ مُبْتَدَأً، ومن شكله صِفَتُهُ، (وأزْواجٌ) خَبَرٌ، والجَوابُ عَنْ عَدَمِ المُطابَقَةِ عَلى قِراءَةِ الإفْرادِ ما سَمِعْتَ، وأنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَطْفًا عَلى (حَمِيمٌ) عَطْفَ المُفْرَدِ عَلى المُفْرَدِ، (ومِن شَكْلِهِ) صِفَتُهُ، (وأزْواجٌ) صِفَةٌ لِلثَّلاثَةِ المُتَعاطِفَةِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ (آخَرُ) مُبْتَدَأً، (ومِن شَكْلِهِ) خَبَرَهُ، (وأزْواجٌ) فاعِلَ الظَّرْفِ، وأنْ يَكُونَ الأوَّلُ مُبْتَدَأً، (ومِن شَكْلِهِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، (وأزْواجٌ) مُبْتَدَأٌ، والجُمْلَةُ خَبَرُ المُبْتَدَإ الأوَّلِ أعْنِي آخَرَ، وصَحَّ الِابْتِداءُ بِهِ لِأنَّهُ مِن بابِ: ضَعِيفٌ عاذَ بِقَرْمَلَةٍ، فالمُبْتَدَأُ في الحَقِيقَةِ المَوْصُوفُ المَحْذُوفُ، أيْ نَوْعٌ آخَرُ، أوْ مَذُوقٌ آخَرُ، وقِيلَ: لِأنَّهُ جِيءَ بِهِ لِلتَّفْصِيلِ، ومِمّا ذَكَرُوا مِنَ المُسَوِّغاتِ أنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ لِلتَّفْصِيلِ نَحْوَ: النّاسُ رَجُلانِ رَجُلٌ أكْرَمْتَهُ ورَجُلٌ أهَنْتَهُ، وبَحَثَ فِيهِ ابْنُ هِشامٍ في المُغْنِي، وجَعَلُوا ضَمِيرَ (شَكْلِهِ) عَلى الوَجْهَيْنِ عائِدًا عَلى (آخَرُ) وهُما لا يَكادانِ يَتَسَنَّيانِ عَلى القِراءَةِ بِالجَمْعِ، فَتَدَبَّرْ، ولا تَغْفُلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب