الباحث القرآني

﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ العِبادُ المَذْكُورُونَ، وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّهم مُمْتازُونَ بِما اتَّصَفُوا بِهِ مِنَ الإخْلاصِ في عِبادَتِهِ تَعالى عَمَّنْ عَداهُمُ امْتِيازًا بالِغًا، وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ بِالمُشارِ إلَيْهِ لِلْإشْعارِ بِعُلُوِّ طَبَقَتِهِمْ وبُعْدِ مَنزِلَتِهِمْ في الفَضْلِ. وهُوَ مُبْتَدَأٌ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَهُمْ﴾ إمّا خَبَرٌ لَهُ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿رِزْقٌ﴾ مُرْتَفِعٌ عَلى الفاعِلِيَّةِ لِلظَّرْفِ، وإمّا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ ورزق مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ والجُمْلَةُ خَبَرُ المُبْتَدَأِ، والمَجْمُوعُ كالخَبَرِ لِلْمُسْتَثْنى المُنْقَطِعِ عَلى ما أشَرْنا إلَيْهِ، أوِ اسْتِئْنافٌ لِما أفادَهُ الِاسْتِثْناءُ إجْمالًا بَيانًا تَفْصِيلِيًّا، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَعْلُومٌ﴾ أيْ مَعْلُومُ الخَصائِصِ كَكَوْنِهِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ ولا مَمْنُوعٍ، حَسَنَ المَنظَرِ، لَذِيذَ الطَّعْمِ، طَيِّبَ الرّائِحَةِ، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفاتِ المَرْغُوبَةِ، فَلا يُقالُ: إنَّ الرِّزْقَ لا يَكُونُ مَعْلُومًا إلّا إذا كانَ مُقَدَّرًا بِمِقْدارٍ وقَدْ جاءَ في آيَةٍ أُخْرى ﴿يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ وما لا يَدْخُلُ تَحْتَ الحِسابِ لا يُحَدُّ ولا يُقَدَّرُ فَلا يَكُونُ مَعْلُومًا، وقِيلَ: المُرادُ مَعْلُومُ الوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَهم رِزْقُهم فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾ وعَنْ قَتادَةَ الرِّزْقُ المَعْلُومُ الجَنَّةُ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ”في جنات“ بَعْدُ يَأْباهُ. واعْتُرِضَ بِأنَّهُ إذا كانَ المَعْنى وهم مُكْرَمُونَ فِيها لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. أُجِيبَ بِأنَّ جَعْلَها مَقَرَّ المَرْزُوقِينَ لا يُلائِمُ جَعْلَها رِزْقًا (p-86)وأمّا إذا كانَ قَيْدًا لِلرِّزْقِ فَهو ظاهِرُ الإباءِ، وكَوْنُ المَساكِنِ رِزْقًا لِلسّاكِنِ فَإذا اخْتَلَفَ العُنْوانُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ - لا يُدْفَعُ ما قُرِّرَ كَما لا يَخْفى عَلى المُنْصِفِ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب