الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنا المُرْسَلِينَ﴾ اسْتِئْنافٌ مُقَرِّرٌ لِلْوَعِيدِ، وتَصْدِيرُهُ بِالقَسَمِ لِغايَةِ الِاعْتِناءِ بِتَحْقِيقِ مَضْمُونِهِ، أيْ وبِاللَّهِ لَقَدْ سَبَقَ وعْدُنا لَهم بِالنُّصْرَةِ والغَلَبَةِ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّهم لَهُمُ المَنصُورُونَ﴾ ﴿وإنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الغالِبُونَ﴾ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا، أوْ بَدَلًا مِن ﴿كَلِمَتُنا﴾ وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، والوَعْدُ ما في مَحَلٍّ آخَرَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي﴾، والأوَّلُ أظْهَرُ، والمُرادُ بِالجُنْدِ اتِّباعُ المُرْسَلِينَ، وأضافَهم (p-156)إلَيْهِ تَعالى تَشْرِيفًا لَهم وتَنْوِيهًا بِهِمْ، وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: هو تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وفِيهِ مِنَ التَّأْكِيدِ ما فِيهِ، والمُرادُ عِنْدَ السُّدِّيِّ بِالنُّصْرَةِ والغَلَبَةِ ما كانَ بِالحُجَّةِ، وقالَ الحَسَنُ: المُرادُ النُّصْرَةُ والغَلَبَةُ في الحَرْبِ، فَإنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ في الحَرْبِ، وإنَّما قُتِلَ مَن قُتِلَ مِنهم غِيلَةً، أوْ عَلى وجْهٍ آخَرَ في غَيْرِ الحَرْبِ، وإنْ ماتَ نَبِيٌّ قَبْلَ النُّصْرَةِ أوْ قُتِلَ فَقَدْ أجْرى اللَّهُ تَعالى أنْ يُنْصَرَ قَوْمُهُ مِن بَعْدِهِ، فَيَكُونُ في نُصْرَةِ قَوْمِهِ نُصْرَةٌ لَهُ، وقَرِيبٌ مِنهُ ما قِيلَ: إنَّ القَصْرَيْنِ بِاعْتِبارِ عاقِبَةِ الحالِ، ومُلاحَظَةِ المَآلِ، وقالَ ناصِرُ الدِّينِ: هُما بِاعْتِبارِ الغالِبِ، والمَقْضِيِّ بِالذّاتِ، لِأنَّ الخَيْرَ هو مُرادُهُ تَعالى بِالذّاتِ، وغَيْرُهُ مَقْضِيٌّ بِالتَّبَعِ، لِحِكْمَةٍ وغَرَضٍ آخَرَ، أوْ لِلِاسْتِحْقاقِ بِما صَدَرَ مِنَ العِبادِ، ولِذا قِيلَ: بِيَدِهِ الخَيْرُ، ولَمْ يُذْكَرِ الشَّرُّ، مَعَ أنَّ الكُلَّ مِن عِنْدِهِ عَزَّ وجَلَّ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما: إنْ لَمْ يُنْصَرُوا في الدُّنْيا نُصِرُوا في الآخِرَةِ، وظاهِرُ السِّياقِ يَقْتَضِي أنَّ ذَلِكَ في الدُّنْيا، وأنَّهُ بِطَرِيقِ القَهْرِ والِاسْتِيلاءِ، والنَّيْلِ مِنَ الأعْداءِ، إمّا بِقَتْلِهِمْ، أوْ تَشْرِيدِهِمْ، أوْ إجْلائِهِمْ عَنْ أوْطانِهِمْ، أوِ اسْتِئْسارِهِمْ، أوْ نَحْوِ ذَلِكَ، والجُمْلَتانِ دالَّتانِ عَلى الثَّباتِ والِاسْتِمْرارِ، فَلا بُدَّ مِن أنْ يُقالَ: إنَّ اسْتِمْرارَ ذَلِكَ عُرْفِيٌّ، وقِيلَ: هو عَلى ظاهِرِهِ، واسْتِمْرارُ الغَلَبَةِ لِلْجُنْدِ مَشْرُوطٌ بِما تُشْعِرُ بِهِ الإضافَةُ فَلا يَغْلِبُ اتِّباعُ المُرْسَلِينَ في حَرْبٍ إلّا لِإخْلالِهِمْ بِما تُشْعِرُ بِهِ بِمَيْلٍ ما إلى الدُّنْيا، أوْ ضَعْفِ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ تَعالى، أوْ نَحْوِ ذَلِكَ، ويَكْفِي في نُصْرَةِ المُرْسَلِينَ إعْلاءُ كَلِمَتِهِمْ وتَعْجِيزُ الخَلْقِ عَنْ مُعارَضَتِهِمْ، وحِفْظُهم مِنَ القَتْلِ في الحُرُوبِ، ومِنَ الفِرارِ فِيها، ولَوْ عَظُمَتْ هُنالِكَ الكُرُوبُ فافْهَمْ، ولا يَخْفى وجْهُ التَّعْبِيرِ (بِمَنصُورُونَ) مَعَ المُرْسَلِينَ، (وبِالغالِبُونَ) مَعَ الجُنْدِ، فَلا تَغْفُلْ، وسَمّى اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - وعْدَهُ بِذَلِكَ كَلِمَةً، وهي كَلِماتٌ، لِأنَّها لَمّا اجْتَمَعَتْ وتَضامَّتْ وارْتَبَطَتْ غايَةَ الِارْتِباطِ صارَتْ في حُكْمِ شَيْءٍ واحِدٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِن بابِ الِاسْتِعارَةِ، والمَشْهُورُ أنَّ إطْلاقَ الكَلِمَةِ عَلى الكَلامِ مَجازٌ مُرْسَلٌ مِن إطْلاقِ الجُزْءِ عَلى الكُلِّ، وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ، واخْتِصاصُ الكَلِمَةِ بِالمُفْرَدِ اصْطِلاحٌ لِأهْلِ العَرَبِيَّةِ، فَعَلَيْهِ لا يَحْتاجُ إلى التَّأْوِيلِ، وقَرَأ الضَّحّاكُ ”كَلِماتُنا“ بِالجَمْعِ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ عَلَيْها وُعُودُنا فَتَفَطَّنْ، وفي قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ”عَلى عِبادِنا“ عَلى تَضْمِينِ ”سَبَقَتْ“ مَعْنى حَقَّتْ،
{"ayahs_start":171,"ayahs":["وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِینَ","إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ","وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











