الباحث القرآني

﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ ﴿سَلامٌ عَلى إلْ ياسِينَ﴾ ﴿إنّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُؤْمِنِينَ﴾ الكَلامُ فِيهِ كَما في نَظِيرِهِ، بَيْدَ أنَّهُ يُقالُ ها هُنا: إنَّ إلْ ياسِينَ لُغَةٌ في إلْياسَ، وكَثِيرًا ما يَتَصَرَّفُونَ في الأسْماءِ الغَيْرِ العَرَبِيَّةِ. وفي الكَشّافِ: لَعَلَّ لِزِيادَةِ الياءِ والنُّونِ مَعْنًى في اللُّغَةِ السُّرْيانِيَّةِ، ومِن هَذا البابِ سَيْناءُ وسِينِينُ، واخْتارَ هَذِهِ اللُّغَةَ هُنا رِعايَةً لِلْفَواصِلِ، وقِيلَ: هو جَمْعُ إلْياسَ، عَلى طَرِيقِ التَّغْلِيبِ بِإطْلاقِهِ عَلى قَوْمِهِ وأتْباعِهِ كالمُهَلَّبِينَ لِلْمُهَلَّبِ وقَوْمِهِ. وضُعِّفَ بِما ذَكَرَهُ النُّحاةُ مِن أنَّ العَلَمَ إذا جُمِعَ أوْ ثُنِّيَ وجَبَ تَعْرِيفُهُ بِاللّامِ جَبْرًا لِما فاتَهُ مِنَ العَلَمِيَّةِ، ولا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ ما فِيهِ تَغْلِيبٌ وبَيْنَ غَيْرِهِ، كَما صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الحاجِبِ في شَرْحِ المُفَصَّلِ، لَكِنَّ هَذا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، قالَ ابْنُ يَعِيشَ (p-142)فِي شَرْحِ المُفَصَّلِ: يَجُوزُ اسْتِعْمالُهُ نَكِرَةً بَعْدَ التَّثْنِيَةِ والجَمْعِ نَحْوَ: زَيْدانِ كَرِيمانِ، وزَيْدُونَ كَرِيمُونَ، وهو مُخْتارُ الشَّيْخِ عَبْدِ القاهِرِ، وقَدْ أشْبَعُوا الكَلامَ عَلى ذَلِكَ في مُفَصَّلاتِ كُتُبِ النَّحْوِ، ثُمَّ إنَّ هَذا البَحْثَ إنَّما يَتَأتّى مَعَ مَن لَمْ يَجْعَلْ لامَ إلْياسَ لِلتَّعْرِيفِ، أمّا مَن جَعَلَها لَهُ فَلا يَتَأتّى البَحْثُ مَعَهُ، وقِيلَ: هو جَمْعُ إلْياسِيٍّ بِياءِ النِّسْبَةِ فَخُفِّفَ لِاجْتِماعِ الياءاتِ في الجَرِّ والنَّصْبِ، كَما قِيلَ: أعْجَمِينَ في أعْجَمِيِّينَ وأشْعَرِينَ في أشْعَرِيِّينَ، والمُرادُ بِالياسِينِ قَوْمُ إلْياسَ المُخْلِصُونَ، فَإنَّهُمُ الأحِقّاءُ بِأنْ يُنْسَبُوا إلَيْهِ، وضُعِّفَ بِقِلَّةِ ذَلِكَ، وإلْباسِهِ بِإلْياسَ، إذا جُمِعَ، وإنْ قِيلَ: حَذْفُ لامِ إلْياسَ مُزِيلٌ لِلْإلْباسِ، وأيْضًا هو غَيْرُ مُناسِبٍ لِلسِّياقِ والسِّباقِ، إذْ لَمْ يُذْكَرْ آلُ أحَدٍ مِنَ الأنْبِياءِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، ويَعْقُوبُ، وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ”آلَ ياسِينَ“ بِالإضافَةِ، وكُتِبَ في المُصْحَفِ العُثْمانِيِّ مُنْفَصِلًا، فَفِيهِ نَوْعُ تَأْيِيدٍ لِهَذِهِ القِراءَةِ، وخَرَجَتْ عَنْ أنَّ ياسِينَ اسْمُ أبِي إلْياسَ، ويُحْمَلُ الآلُ عَلى إلْياسَ، وفي الكِنايَةِ عَنْهُ تَفْخِيمٌ لَهُ، كَما في آلِ إبْراهِيمَ عَنْ نَبِيِّنا ﷺ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ الآلُ مُقْحَمًا عَلى أنَّ ياسِينَ هو إلْياسُ نَفْسُهُ. وقِيلَ: ياسِينُ فِيها اسْمٌ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، فَآلُ ياسِينَ آلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ في ”سَلامٌ عَلى آلِ ياسِينَ“ نَحْنُ آلَ مُحَمَّدٍ آلُ ياسِينَ. وهُوَ ظاهِرٌ في جَعْلِ ياسِينَ اسْمًا لَهُ ﷺ، وقِيلَ: هو اسْمٌ لِلسُّورَةِ المَعْرُوفَةِ، وقِيلَ: اسْمٌ لِلْقُرْآنِ، فَآلُ ياسِينَ هَذِهِ الأُمَّةُ المُحَمَّدِيَّةُ أوْ خَواصُّها. وقِيلَ: اسْمٌ لِغَيْرِ القُرْآنِ مِنَ الكُتُبِ، ولا يَخْفى عَلَيْكَ أنَّ السِّياقَ والسِّباقَ يَأْبَيانِ أكْثَرَ هَذِهِ الأقْوالِ. وقَرَأ أبُو رَجاءٍ، والحَسَنُ ”عَلى الياسِينَ“ بِوَصْلِ الهَمْزَةِ وتَخْرِيجِها يُعْلَمُ مِمّا مَرَّ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، ومَن قَرَأ مَعَهُ فِيما سَبَقَ إدْرِيسَ ”سَلامٌ عَلى ادْراسِينَ“، وعَنْ قَتادَةَ ”وأنَّ إدْرِيسَ“، وقَرَأ ”عَلى إدْرِيسِينَ“، وقَرَأ أُبَيٌّ ”عَلى إيلِيسَ“، كَما قَرَأ: ”وإنَّ إيلِيسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ“.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب