الباحث القرآني

﴿لِيُنْذِرَ﴾ أيِ القُرْآنُ أوِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ نافِعٍ وابْنِ عامِرٍ ”لِتُنْذِرَ“ بِتاءِ الخِطابِ. وقَرَأ اليَمانِيُّ ”لِيُنْذَرَ“ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ونَقَلَها ابْنُ خالَوَيْهِ عَنِ الجَحْدَرِيِّ وقالَ: عَنْ أبِي السِّمالِ واليَمانِيِّ أنَّهُما قَرَءا ”لِيَنْذَرَ“ بِفَتْحِ الياءِ والذّالِ مُضارِعُ نَذِرَ بِالشَّيْءِ بِكَسْرِ الذّالِ إذا عَلِمَ بِهِ. ﴿مَن كانَ حَيًّا﴾ أيْ عاقِلًا كَما أخْرَجَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنِ الضَّحّاكِ، وفِيهِ اسْتِعارَةٌ (p-50)مُصَرِّحَةٌ بِتَشْبِيهِ العَقْلِ بِالحَياةِ، أوْ مُؤْمِنًا بِقَرِينَةِ مُقابَلَتِهِ بِالكافِرِينَ، وفِيهِ أيْضًا اسْتِعارَةٌ مُصَرِّحَةٌ لِتَشْبِيهِ الإيمانِ بِالحَياةِ، ويَجُوزُ كَوْنُهُ مَجازًا مُرْسَلًا لِأنَّهُ سَبَبٌ لِلْحَياةِ الحَقِيقِيَّةِ الأبَدِيَّةِ، والمُضِيُّ في ”كانَ“ بِاعْتِبارِ ما في عِلْمِهِ - عَزَّ وجَلَّ - لِتَحَقُّقِهِ، وقِيلَ كانَ بِمَعْنى يَكُونُ، وقِيلَ في الكَلامِ مَجازُ المُشارَفَةِ ونَزَلَتْ مَنزِلَةَ المُضِيِّ وهو كَما تَرى، وتَخْصِيصُ الإنْذارِ بِهِ لِأنَّهُ المُنْتَفِعُ بِذَلِكَ ﴿ويَحِقَّ القَوْلُ﴾ أيْ تَجِبُ كَلِمَةُ العَذابِ ﴿عَلى الكافِرِينَ﴾ المَوْسُومِينَ بِهَذا الوَسْمِ المُصِرِّينَ عَلى الكُفْرِ، وفي إيرادِهِمْ بِمُقابَلَةِ مَن كانَ حَيًّا إشْعارٌ بِأنَّهم لِخُلُوِّهِمْ عَنْ آثارِ الحَياةِ وأحْكامِها كالمَعْرِفَةِ أمْواتٌ في الحَقِيقَةِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ في الكَلامِ اسْتِعارَةٌ مَكْنِيَّةٌ قَرِينَتُها اسْتِعارَةٌ أُخْرى. وكَأنَّهُ جِيءَ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿لِيُنْذِرَ﴾ إلَخْ رُجُوعًا إلى ما بُدِئَ بِهِ السُّورَةُ مِن قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ . ولَوْ نَظَرَتْ إلى هَذا التَّخَلُّصِ مِن حَدِيثِ المَعادِ إلى حَدِيثِ القُرْآنِ والإنْذارِ لَقَضَيْتَ العَجَبَ مِن حُسْنِ مَوْقِعِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب