الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَن لا يَسْألُكم أجْرًا﴾ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ ولِلتَّوَسُّلِ بِهِ إلى وصْفِهِمْ بِما يَتَضَمَّنُ نَفْيَ المانِعِ عَنِ اتِّباعِهِمْ بَعْدَ الإشارَةِ إلى تَحَقُّقِ المُقْتَضى، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وهم مُهْتَدُونَ﴾ أيْ: ثابِتُونَ عَلى الِاهْتِداءِ بِما هم عَلَيْهِ إلى خَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ فِيها ما يُؤَكِّدُ كَوْنَهم لا يَسْألُونَ الأجْرَ ولا ما يَتْبَعُهُ مِن طَلَبِ جاهٍ وعُلُوٍّ؛ ولِذا جُعِلَتْ إيغالًا حَسَنًا نَحْوَ قَوْلِ: الخَنْساءِ: ؎وإنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ كَأنَّهُ عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارٌ والظّاهِرُ أنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلّا بَعْدَ سَبْقِ إيمانِهِ، ورُوِيَ أنَّهُ لَمّا بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ جاءَ يَسْعى فَسَمِعَ كَلامَهم وفَهِمَهُ ثُمَّ قالَ لَهُمْ: أتَطْلِبُونَ أجْرًا عَلى دَعْوَتِكم هَذِهِ؟ قالُوا: لا. فَدَعا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْمَهُ إلى اتِّباعِهِمْ والإيمانِ بِهِمْ قائِلًا: ”يا قَوْمِ“ إلَخْ، ولِلنَّحْوِيِّينَ في مِثْلِ هَذا التَّرْكِيبِ وجْهانِ، أحَدُهُما: أنْ تَكُونَ ”مِن“ بَدَلًا مِنَ ”المُرْسَلِينَ“ بِإعادَةِ العامِلِ كَما أُعِيدَ إذا كانَ حَرْفَ جَرٍّ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَجَعَلْنا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ﴾ وإلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهم. وثانِيهِما -وإلَيْهِ ذَهَبَ الجُمْهُورُ- أنَّهُ لَيْسَ بِبَدَلٍ؛ فَإنَّهُ مَخْصُوصٌ بِما إذا كانَ العامِلُ المُعادُ حَرْفَ جَرٍّ، أمّا إذا كانَ رافِعًا أوْ ناصِبًا فَيُسَمُّونَ ذَلِكَ بِالتَّتْبِيعِ لا بِالبَدَلِ، واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى نَقْصِ مَن يَأْخُذُ أُجْرَةً عَلى شَيْءٍ مِن أفْعالِ الشَّرْعِ. والبَحْثُ مُسْتَوْفًى في الفُرُوعِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب