الباحث القرآني
﴿وأقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ﴾ أيْ حَلَفُوا واجْتَهَدُوا في الحَلِفِ أنْ يَأْتُوا بِهِ عَلى أبْلَغِ ما في وُسْعِهِمْ.
﴿لَئِنْ جاءَهم نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أهْدى مِن إحْدى الأُمَمِ﴾ الضَّمائِرُ لِقُرَيْشٍ، وذَلِكَ أنَّهم بَلَغَهم قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ طائِفَةً مِن أهْلِ الكِتابِ كَذَّبُوا رُسُلَهم فَقالُوا: لَعَنَ اللَّهُ تَعالى اليَهُودَ والنَّصارى أتَتْهُمُ الرُّسُلُ فَكَذَّبُوهم فَواَللَّهِ لَئِنْ جاءَنا رَسُولٌ لَنَكُونَنَّ أهْدى مِن إحْدى الأُمَمِ فَكانَ مِنهم بَعْدَ ما كانَ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ ﴿لَئِنْ جاءَهُمْ﴾ جاءَ عَلى المَعْنى وإلّا فَهم قالُوا: «جاءَنا» وكَذا «لَيَكُونُنَّ» وإحْدى بِمَعْنى واحِدَةٍ، والظّاهِرُ أنَّها عامَّةٌ وإنْ كانَتْ نَكِرَةً في الإثْباتِ لِاقْتِضاءِ المَقامِ العُمُومَ، وتَعْرِيفُ ﴿الأُمَمِ﴾ لِلْعَهْدِ، والمُرادُ الأُمَمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَهم أيْ لَئِنْ جاءَنا نَذِيرٌ لَنَكُونَنَّ أهْدى مَن كُلِّ واحِدَةٍ مِنَ الأُمَمِ اليَهُودِ والنَّصارى وغَيْرِهِمْ فَنُؤْمِنُ جَمِيعًا ولا يُكَذِّبُ أحَدٌ مِنّا، أوِ المَعْنى لَنَكُونَنَّ أهْدى مِن أُمَّةٍ يُقالُ فِيها إحْدى الأُمَمِ تَفْضِيلًا لَها عَلى غَيْرِها مِنَ الأُمَمِ كَما يُقالُ هو واحِدُ القَوْمِ وواحِدُ عَصْرِهِ، وكَما قالُوا هو أحَدُ الأحَدَيْنِ وهي إحْدى الإحَدِ يُرِيدُونَ التَّفْضِيلَ في الدُّعاءِ والعَقْلِ، قالَ الشّاعِرُ:
؎حَتّى اِسْتَشارُوا بِي إحْدى الإحَدِ لَيْثًا هِزَبْرًا ذا سِلاحٍ مُعْتَدٍ
وقَدْ نَصَّ اِبْنُ مالِكٍ في التَّسْهِيلِ عَلى أنَّهُ قَدْ يُقالُ لِما يُسْتَعْظَمُ مِمّا لا نَظِيرَ لَهُ هو إحْدى الإحَدِ، لَكِنْ قالَ الدَّمامِينِيُّ في شَرْحِهِ: إنَّما ثَبَتَ اِسْتِعْمالُهُ في إحْدى ونَحْوِهِ المُضافِ إلى جَمْعٍ مَأْخُوذٍ مِن لَفْظِهِ كَإحْدى الإحَدِ وأحَدِ الأحَدَيْنِ أوِ المُضافِ إلى وصْفٍ كَأحَدِ العُلَماءِ وإحْدى الكِبَرِ، أمّا في المُضافِ إلى أسْماءِ الأجْناسِ كالأُمَمِ فَيَحْتاجُ إلى نَقْلٍ، وبُحِثَ فِيهِ بِأنَّهُ قَدْ ثَبَتَ اِسْتِعْمالُ إحْدى في الِاسْتِعْظامِ مِن دُونِ إضافَةٍ أصْلًا فَإنَّهم يَقُولُونَ لِلدّاهِيَةِ العَظِيمَةِ هي إحْدى مِن سَبْعٍ أيْ إحْدى اللَّيالِي عادَ في الشِّدَّةِ وشاعَ واحِدُ قَوْمِهِ وأوْحَدُهم وأوْحَدُ أُمِّهِ، ولَمْ يَظْهَرْ فارِقٌ بَيْنَ المُضافِ إلى الجَمْعِ المَأْخُوذِ مِنَ اللَّفْظِ والمُضافِ إلى الوَصْفِ وبَيْنَ المُضافِ إلى أسْماءِ الأجْناسِ ولا أظُنُّ أنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَحْتاجُ إلى نَقْلٍ، فَلْيُتَدَبَّرْ.
وقالَ صاحِبُ الكَشْفِ: إنَّ دَلالَةَ ﴿إحْدى الأُمَمِ﴾ عَلى التَّفْضِيلِ لَيْسَتْ بِواضِحَةٍ بِخِلافِ واحِدِ القَوْمِ ونَحْوِهِ ثُمَّ وجَّهَها أنَّهُ عَلى أُسْلُوبِ:
؎أوْ يَرْتَبِطُ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمامُها
يَعْنِي أنَّ البَعْضَ المُبْهَمَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ كالتَّنْكِيرِ فَإحْدى مِثْلُهُ، وفِيهِ أنَّهُ مَتى ثَبَتَ اِسْتِعْمالُهُ لِلِاسْتِعْظامِ كانَتْ دَلالَتُهُ عَلى التَّفْضِيلِ في غايَةِ الوُضُوحِ.
﴿فَلَمّا جاءَهم نَذِيرٌ﴾ وأيُّ نَذِيرٍ وهو أشْرَفُ الرُّسُلِ مُحَمَّدٍ ﷺ كَما رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ وهو الظّاهِرُ، وعَنْ مُقاتِلٍ هو اِنْشِقاقُ القَمَرِ وهو أخْفى مِنَ السُّها والمَقامُ عَنْهُ يَأْبى ﴿ما زادَهُمْ﴾ أيِ النَّذِيرُ أوْ مَجِيئُهُ ﴿إلا نُفُورًا﴾ تَباعُدًا عَنِ الحَقِّ وهَرَبًا مِنهُ، وإسْنادُ الزِّيادَةِ إلى ذَلِكَ مَجازٌ لِأنَّهُ هو السَّبَبُ لَها، والجُمْلَةُ جَوابٌ لَها.
واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى حَرْفِيَّتِها لِمَكانِ النَّفْيِ المانِعِ عَنْ عَمَلِ ما بَعْدَهُ فِيها، وفِيهِ بَحْثٌ.
{"ayah":"وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕن جَاۤءَهُمۡ نَذِیرࣱ لَّیَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَاۤءَهُمۡ نَذِیرࣱ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق