الباحث القرآني

﴿إنْ أنْتَ إلا نَذِيرٌ﴾ أيْ ما عَلَيْكَ إلّا أنْ تَبْلُغَ وتُنْذِرَ، فَإنْ كانَ المُنْذِرُ مِمَّنْ أرادَ اللَّهُ تَعالى هِدايَتَهُ سَمِعَ واهْتَدى، وإنْ كانَ مِمَّنْ أرادَ سُبْحانَهُ ضَلالَهُ وطَبَعَ عَلى قَلْبِهِ فَما عَلَيْكَ مِنهُ تَبِعَةٌ. ﴿إنّا أرْسَلْناكَ بِالحَقِّ﴾ أيْ مُحِقِّينَ عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ الفاعِلِ أوْ مُحِقًّا عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ المَفْعُولِ أوْ إرْسالًا مَصْحُوبًا بِالحَقِّ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ تَعَلُّقَهُ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿بَشِيرًا﴾ ومُتَعَلِّقُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ونَذِيرًا﴾ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ المُقابِلِ عَلى مُقابِلِهِ، أيْ بَشِيرًا بِالوَعْدِ الحَقِّ ونَذِيرًا بِالوَعِيدِ الحَقِّ. ﴿وإنْ مِن أُمَّةٍ﴾ أيْ ما مِن جَماعَةٍ كَثِيرَةِ أهْلِ عَصْرٍ وأُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ الدّارِجَةِ في الأزْمِنَةِ الماضِيَةِ ﴿إلا خَلا﴾ مَضى ﴿فِيها نَذِيرٌ﴾ مِن نَبِيٍّ أوْ عالِمٍ يُنْذِرُها، والِاكْتِفاءُ بِذِكْرِهِ لِلْعِلْمِ بِأنَّ النِّذارَةَ قَرِيبَةُ البِشارَةِ لا سِيَّما وقَدِ اِقْتَرَنا آنِفًا مَعَ أنَّ الإنْذارَ أنْسَبُ بِالمَقامِ، وقِيلَ خَصَّ النَّذِيرَ بِالذِّكْرِ لِأنَّ البِشارَةَ لا تَكُونُ إلّا بِالسَّمْعِ فَهو مِن خَصائِصِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فالبَشِيرُ نَبِيٌّ أوْ ناقِلٌ عَنْهُ بِخِلافِ النِّذارَةِ فَإنَّهُ تَكُونُ سَمْعًا وعَقْلًا، فَلِذا وُجِّهَ النَّذِيرُ في كُلِّ أُمَّةٍ، وفِيهِ بَحْثٌ. واسْتَدَلَّ بَعْضُ النّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ مَعَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما مِن دابَّةٍ في الأرْضِ ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إلا أُمَمٌ أمْثالُكُمْ﴾ [اَلْأنْعامِ: 38] عَلى في البَهائِمِ وسائِرِ الحَيَواناتِ أنْبِياءُ أوْ عُلَماءُ يُنْذِرُونَ، والِاسْتِدْلالُ بِذَلِكَ باطِلٌ لا يَكادُ نَفْيُ بُطْلانِهِ عَلى أحَدٍ حَتّى عَلى البَهائِمِ، ولَمْ نَسْمَعِ القَوْلَ بِنُبُوَّةٍ فَرْدٍ مِنَ البَهائِمِ ونَحْوِها إلّا عَنِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ ومَن تابَعَهُ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ، ورَأيْتُ في بَعْضِ الكُتُبِ أنَّ القَوْلَ بِذَلِكَ كُفْرٌ والعِياذُ بِاَللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب