الباحث القرآني
﴿قُلْ إنَّما أعِظُكم بِواحِدَةٍ﴾ أيْ ما أُرْشِدُكم وأنْصَحُ لَكم إلّا بِخَصْلَةٍ واحِدَةٍ وهي عَلى ما قالَ قَتادَةُ ما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ عَلى أنَّهُ في تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ بَدَلٌ مِنها أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هي قِيامُكُمْ، أوْ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أيْ أعْنِي قِيامَكُمْ، وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ كَوْنَهُ عَطْفَ بَيانٍ لِواحِدَةٍ.
واعْتُرِضَ بِأنَّ ﴿أنْ تَقُومُوا﴾ مَعْرِفَةٌ لِتَقْدِيرِهِ بِقِيامِكُمْ، وعَطْفُ البَيانِ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ أنْ يَكُونَ مَعْرِفَةً مِن مَعْرِفَةٍ وهو عِنْدَ الكُوفِيِّينَ يَتْبَعُ ما قَبْلَهُ في التَّعْرِيفِ والتَّنْكِيرِ والتَّخالُفِ مِمّا لَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ ذاهِبٌ.
والظّاهِرُ أنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ذاهِبٌ إلى جَوازِ التَّخالُفِ، وقَدْ صَرَّحَ اِبْنُ مالِكٍ في التَّسْهِيلِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إلَيْهِ، وهو مِن مُجْتَهَدِي عُلَماءِ العَرَبِيَّةِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ قَدْ عَبَّرَ بِعَطْفِ البَيانِ وأرادَ البَدَلَ لِتَآخِيها، وهَذا إمامُ الصِّناعَةِ سِيبَوَيْهِ يُسَمِّي التَّوْكِيدَ صِفَةً وعَطْفَ البَيانِ صِفَةً، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ المَصْدَرِ المَسْبُوكِ مَعْرِفَةً أوْ مُؤَوَّلًا بِها دائِمًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، والقِيامُ مَجازٌ عَنِ الجِدِّ والِاجْتِهادِ، وقِيلَ هو عَلى حَقِيقَتِهِ والمُرادُ القِيامُ عَنْ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولَيْسَ بِذاكَ، وقَدْ رُوِيَ نَفْيُ إرادَتِهِ عَنِ اِبْنِ جُرَيْجٍ، أيْ إنْ تَجِدُّوا وتَجْتَهِدُوا في الأمْرِ بِإخْلاصٍ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعالى ﴿مَثْنى وفُرادى﴾ أيْ مُتَفَرِّقِينَ اِثْنَيْنِ اِثْنَيْنِ وواحِدًا واحِدًا، فَإنَّ في الِازْدِحامِ عَلى الأغْلَبِ تَهْوِيشَ الخاطِرِ والمَنعَ مِنَ الفِكْرِ وتَخْلِيطَ الكَلامِ وقِلَّةَ الإنْصافِ، كَما هو مُشاهِدٌ في الدُّرُوسِ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيها الجَماعَةُ فَإنَّهُ لا يَكادُ يُوقَفُ فِيها عَلى تَحْقِيقٍ.
وفِي تَقْدِيمِ مَثْنى إيذانٌ بِأنَّهُ أوْثَقُ وأقْرَبُ إلى الِاطْمِئْنانِ، وفي البَحْرِ قُدِّمَ لِأنَّ طَلَبَ الحَقائِقِ مِن مُتَعاضِدَيْنِ في النَّظَرِ أجْدى مِن فِكْرَةٍ واحِدَةٍ فَإذا اِنْقَدَحَ الحَقُّ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَكَّرَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما بَعْدَ ذَلِكَ فَيَزِيدُ بَصِيرَةً وشاعَ الفَتْحُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ في أمْرِهِ ﷺ وما جاءَ بِهِ لِتَعْلَمُوا حَقِّيَّتَهُ، والوَقْفُ عِنْدَ أبِي حاتِمٍ هُنا.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿ما بِصاحِبِكم مِن جِنَّةٍ﴾ اِسْتِئْنافٌ مَسُوقٌ مِن جِهَتِهِ تَعالى لِلتَّنْبِيهِ عَلى طَرِيقَةِ النَّظَرِ والتَّأمُّلِ بِأنَّ مِثْلَ هَذا الأمْرِ العَظِيمِ الَّذِي تَحْتَهُ مُلْكُ الدُّنْيا والآخِرَةِ لا يَتَصَدّى لِادِّعائِهِ إلّا مَجْنُونٌ لا يُبالِي بِافْتِضاحِهِ عِنْدَ مُطالَبَتِهِ بِالبُرْهانِ وظُهُورِ عَجْزِهِ، أوْ مُؤَيَّدٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى مُرَشَّحٌ لِلنُّبُوَّةِ واثِقٌ بِحُجَّتِهِ وبُرْهانِهِ، وإذْ قَدْ عَلِمْتُمْ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أرْجَحُ النّاسِ عَقْلًا وأصْدَقُهم قَوْلًا وأذْكاهم نَفْسًا وأفْضَلُهم عِلْمًا وأحْسَنُهم (p-155)عَمَلًا وأجْمَعُهم لِلْكَمالاتِ البَشَرِيَّةِ وجَبَ أنْ تُصَدِّقُوهُ في دَعْواهُ فَكَيْفَ وقَدِ اِنْضَمَّ إلى ذَلِكَ مُعْجِزاتٌ تَخِرُّ لَها صُمُّ الجِبالِ.
والتَّعْبِيرُ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِصاحِبِكم لِلْإيماءِ إلى أنَّ حالَهُ ﷺ مَشْهُورٌ بَيْنَهم لِأنَّهُ نَشَأ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ مَعْرُوفًا بِما ذَكَرْنا، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِما قَبْلَهُ والوَقْفُ عَلى ﴿جِنَّةٍ﴾ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلِ عِلْمٍ مُقَدَّرٍ لِدَلالَةِ التَّفَكُّرِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ طَرِيقَ العِلْمِ، أيْ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا فَتَعْلَمُوا ما بِصاحِبِكم مِن جِنَّةٍ، أوْ مَعْمُولٌ لِتَتَفَكَّرُوا عَلى أنَّ التَّفَكُّرَ مَجازٌ عَنِ العِلْمِ، أوْ مَعْمُولٌ لَهُ بِدُونِ اِرْتِكابِ تَجَوُّزٍ بِناءً عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ اِبْنُ مالِكٍ في التَّسْهِيلِ مِن أنَّ تَفَكَّرَ يُعَلَّقُ حَمْلًا عَلى أفْعالِ القُلُوبِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ هُناكَ تَضْمِينٌ أيْ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا عالِمِينَ ما بِصاحِبِكم مِن جِنَّةٍ، وقالَ اِبْنُ عَطِيَّةَ: هو عِنْدَ سِيبَوَيْهِ جَوابُ ما يُنَزَّلُ مَنزِلَةَ القَسَمِ لِأنَّ تَفَكَّرَ مِنَ الأفْعالِ الَّتِي تُعْطِي التَّمْيِيزَ كَ تَبَيَّنَ، وتَكُونُ الفِكْرَةُ عَلى هَذا في آياتِ اللَّهِ تَعالى والإيمانِ بِهِ اه وهو كَما تَرى، وما مُطْلَقًا نافِيَةٌ والباءُ بِمَعْنى في ومَن صِلَةٌ، وقِيلَ: ما لِلِاسْتِفْهامِ الإنْكارِيِّ ومَن بَيانِيَّةٌ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ صِلَةً أيْضًا وفِيهِ تَطْوِيلُ المَسافَةِ وطَيُّها أوْلى.
﴿إنْ هو إلا نَذِيرٌ لَكم بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ هو عَذابُ الآخِرَةِ فَإنَّهُ ﷺ مَبْعُوثٌ في نَسَمِ السّاعَةِ وجاءَ ««بُعِثْتُ أنا والسّاعَةُ كَهاتَيْنِ»» وضَمَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الوُسْطى والسَّبّابَةَ عَلى المَشْهُورِ.
{"ayah":"۞ قُلۡ إِنَّمَاۤ أَعِظُكُم بِوَ ٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُوا۟ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَ ٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا۟ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِیرࣱ لَّكُم بَیۡنَ یَدَیۡ عَذَابࣲ شَدِیدࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











