الباحث القرآني

﴿فاليَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا﴾ مِن جُمْلَةِ ما يُقالُ لِلْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عِنْدَ جَوابِهِمْ بِالتَّبَرِّي عَمّا نُسِبَ إلَيْهِمُ المُشْرِكُونَ يُخاطَبُونَ بِذَلِكَ عَلى رُؤُوسِ الأشْهادِ إظْهارًا لِعَجْزِهِمْ وقُصُورِهِمْ عَنْ زاعِمِي عِبادَتِهِمْ وتَنْصِيصًا عَلى ما يُوجِبُ خَيْبَةَ رَجائِهِمْ بِالكُلِّيَّةِ، وقِيلَ لِلْكَفّارِ ولَيْسَ بِذاكَ، والفاءُ لِتَرْتِيبِ الأخْبارِ بِما بَعْدَها عَلى جَوابِ المَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، ونِسْبَةُ عَدَمِ النَّفْعِ والضُّرِّ إلى البَعْضِ المُبْهَمِ لِلْمُبالَغَةِ فِيما هو المَقْصُودُ الَّذِي هو بَيانُ عَدَمِ نَفْعِ المَلائِكَةِ لِلْعَبَدَةِ بِنَظْمِهِ في سِلْكِ عَدَمِ نَفْعِ العَبَدَةِ لَهم كَأنَّ نَفْعَ المَلائِكَةِ لَعَبَدَتِهِمْ في الِاسْتِحالَةِ والِانْتِفاءِ كَنَفْعِ العَبَدَةِ لَهُمْ، والتَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الضُّرِّ مَعَ أنَّهُ لا بَحْثَ عَنْهُ لِتَعْمِيمِ العَجْزِ أوْ لِحَمْلِ عَدَمِ النَّفْعِ عَلى تَقْدِيرِ العِبادَةِ وعَدَمِ الضُّرِّ عَلى تَقْدِيرِ تَرْكِها، وقِيلَ لِأنَّ المُرادَ دَفْعُ الضُّرِّ عَلى حَذْفِ المُضافِ وفِيهِ بَعْدٌ، والمُرادُ بِاليَوْمِ يَوْمُ القِيامَةِ، وتَقْيِيدُ الحُكْمِ بِهِ مَعَ ثُبُوتِهِ عَلى الإطْلاقِ لِانْعِقادِ رَجاءِ المُشْرِكِينَ عَلى تَحَقُّقِ النَّفْعِ يَوْمَئِذٍ. ﴿ونَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ﴾ وقِيلَ عَلى (لا يَمْلِكُ). وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ مِمّا يُقالُ يَوْمَ القِيامَةِ خِطابًا لِلْمَلائِكَةِ مُتَرَتِّبًا عَلى جَوابِهِمُ المَحْكِيِّ وهَذا حِكايَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِما سَيُقالُ لِلْعَبَدَةِ يَوْمَئِذٍ إثْرَ حِكايَةِ ما سَيُقالُ لِلْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. وأُجِيبَ بِأنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمانِعٍ فَتَدَبَّرْ. ووَقَعَ المَوْصُولُ هُنا وصْفًا لِلْمُضافِ إلَيْهِ وفي السَّجْدَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَذابَ النّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ صِفَةٌ لِلْمُضافِ، فَقالَ أبُو حَيّانَ: لِأنَّهم ثَمَّتْ كانُوا مُلابِسِينَ لِلْعَذابِ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلَّما أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنها أُعِيدُوا فِيها﴾ [اَلسَّجْدَةِ: 20] فَوَصَفَ لَهم ثَمَّتْ ما لابَسُوهُ وهُنا لَمْ يَكُونُوا مُلابِسِينَ لَهُ بَلْ ذَلِكَ أوَّلُ ما رَأوُا النّارَ عَقِبَ الحَشْرِ فَوَصَفَ ما عايَنُوهُ لَهُمْ، وكَوْنُ المَوْصُولِ هُنا نَعْتًا لِلْمُضافِ عَلى أنَّ تَأْنِيثَهُ مُكْتَسَبٌ لِتَتَّحِدَ الآيَتانِ تَكَلُّفٌ سَمِجٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب