الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ﴾ إلخ اِسْتِئْنافٌ لِتَفْصِيلِ بَعْضِ ما يُحِيطُ بِهِ عِلْمُهُ تَعالى مِنَ الأُمُورِ الَّتِي نِيطَتْ بِها مَصالِحُهُمِ الدِّينِيَّةُ والدُّنْيَوِيَّةُ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِخَبِيرٍ، وأنْ يَكُونَ حالًا مِن ضَمِيرِهِ تَعالى في ﴿لَهُ ما في السَّماواتِ﴾ فَيَكُونُ ( لَهُ الحَمْدُ في الآخِرَةِ ) اِعْتِراضًا بَيْنَ الحالِ وصاحِبِها أيْ بِعِلْمِ سُبْحانَهُ ما يَدْخُلُ في الأرْضِ مِنَ المَطَرِ ﴿وما يَخْرُجُ مِنها﴾ مِنَ النَّباتِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. وقالَ الكَلْبِيُّ: ما يَدْخُلُ فِيها مِنَ الأمْواتِ وما يَخْرُجُ مِنها مِن جَواهِرِ المَعادِنِ، والأوْلى التَّعْمِيمُ في المَوْصُولَيْنِ فَيَشْمَلانِ كُلَّ ما يَلِجُ في الأرْضِ ولَوْ بِالوَضْعِ فِيها وكُلَّ ما يَخْرُجُ مِنها حَتّى الحَيَوانُ فَإنَّهُ كُلُّهُ مَخْلُوقٌ مِنَ التُّرابِ. ﴿وما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وما يَعْرُجُ فِيها﴾ أيْ مِنَ المَلائِكَةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ والكَلْبِيُّ، والأوْلى التَّعْمِيمُ فَيَشْمَلُ ( ما يَنْزِلُ ) المَطَرَ والثَّلْجَ والبَرَدَ والصّاعِقَةَ والمَقادِيرَ ونَحْوَها أيْضًا ﴿وما يَعْرُجُ﴾ الأبْخِرَةَ والأدْخِنَةَ وأعْمالَ العِبادِ وأدْعِيَتَهم ونَحْوَها أيْضًا، ويُرادُ بِالسَّماءِ جِهَةُ العُلُوِّ مُطْلَقًا ولَعَلَّ تَرْتِيبَ المُتَعاطِفاتِ كَما سَمِعْتَ إفادَةٌ لِلتَّرَقِّي في المَدْحِ، وضُمِّنَ العُرُوجُ مَعْنى السَّيْرِ أوِ الِاسْتِقْرارِ عَلى ما قِيلَ فَلِذا عُدِّيَ بِفي دُونَ إلى، وقِيلَ: لا حاجَةَ إلى اِعْتِبارِ التَّضْمِينِ، والمُرادُ بِما يَعْرُجُ فِيها ما يَعْرُجُ في ثِخَنِ السَّماءِ ويُعْلَمُ مِنَ العِلْمِ بِذَلِكَ العِلْمِ بِما يَعْرُجُ إلَيْها مِن بابِ أوْلى، فَتَدَبَّرْ. وقَرَأ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ والسُّلْمِيُّ «يُنَزِّلُ» بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ النُّونِ وشَدِّ الزّايِ، أيِ اللَّهُ، كَذا في البَحْرِ، وفي الكَشّافِ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ أنَّهُ قَرَأ «نُنَزِّلُ» بِالتَّشْدِيدِ ونُونِ العَظَمَةِ ﴿وهُوَ﴾ مَعَ كَثْرَةِ نِعْمَتِهِ وسُبُوغِ فَضْلِهِ ﴿الرَّحِيمُ الغَفُورُ﴾ لِلْمُفَرِّطِينَ في أداءِ مَواجِبِ شُكْرِها فَهَذا التَّذْنِيبُ مَعَ كَوْنِهِ مُقَرِّرًا لِلْخِبْرَةِ مُفَصِّلٌ لِما أُجْمِلَ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ يُعْرَفُ مِنهُ كَيْفَ كانَ كُلُّهُ نِعْمَةً وكالتَّبَصُّرِ لِأنْواعِ النِّعَمِ الكُلِّيَّةِ فَكُلٌّ مِنهُ ومِنَ التَّذْنِيبِ السّابِقِ في مَوْضِعِهِ اللّاحِقِ فَلا تَتَوَهَّمْ أنَّ العَكْسَ أنْسَبُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب