الباحث القرآني
﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ في آبائِهِنَّ ولا أبْنائِهِنَّ ولا إخْوانِهِنَّ ولا أبْناءِ إخْوانِهِنَّ ولا أبْناءِ أخَواتِهِنَّ﴾ اِسْتِئْنافٌ لِبَيانِ مَن لا يُجِبْ عَلَيْهِنَّ الِاحْتِجابُ عَنْهُ، رُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ قالَ الآباءُ والأبْناءُ والأقارِبُ أوَ نَحْنُ يا رَسُولَ اللَّهِ نُكَلِّمُهُنَّ أيْضًا مِن وراءِ حِجابٍ فَنَزَلَتْ، والظّاهِرُ أنَّ المَعْنى لا إثْمَ عَلَيْهِنَّ في تَرْكِ الحِجابِ مِن آبائِهِنَّ الخ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ قَتادَةَ، وعَنْ مُجاهِدٍ أنَّ المُرادَ لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ في وضْعِ الجِلْبابِ وإبْداءِ الزِّينَةِ لِلْمَذْكُورِينَ، وفي حُكْمِهِمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِن نَسَبٍ أوْ رِضاعٍ عَلى ما رَوى اِبْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ وأبُو داوُدَ في ناسِخِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: بَلَغَ اِبْنَ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها اِحْتَجَبَتْ مِنَ الحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ فَقالَ: إنَّ رُؤْيَتَهُ لَها لَحِلٌّ، ولَمْ يُذْكَرِ العَمُّ والخالُ لِأنَّهُما بِمَنزِلَةِ الوالِدَيْنِ أوْ لِأنَّهُ اِكْتَفى عَنْ ذِكْرِهِما بِذِكْرِ أبْناءِ الأُخْوَةِ وأبْناءِ الأخَواتِ، فَإنَّ مَناطَ عَدَمِ لُزُومِ الحِجابِ بَيْنَهُنَّ وبَيْنَ الفَرِيقَيْنِ عَيْنُ ما بَيْنَهُنَّ وبَيْنَ العَمِّ والخالِ مِنَ العُمُومَةِ والخُئُولَةِ لِما أنَّهُنَّ عَمّاتٌ لِأبْناءِ الأُخْوَةِ وخالاتٌ لِأبْناءِ الأخَواتِ، وقالَ الشَّعْبِيُّ (p-75)لَمْ يُذْكَرا وإنْ كانا مِنَ المَحارِمِ لِئَلّا يَصِفاها لِأبْنائِهِما ولَيْسُوا مِنَ المَحارِمِ، وقَدْ أخْرَجَ نَحْوَ ذَلِكَ اِبْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ، وقَدْ كَرِهَ الشَّعْبِيُّ وعِكْرِمَةُ أنْ تَضَعَ المَرْأةُ خِمارَها عِنْدَ عَمِّها أوْ خالِها مَخافَةَ وصْفِهِ إيّاها لِابْنِهِ، وهَذا القَوْلُ عِنْدِي ضَعِيفٌ لِجَرَيانِ ذَلِكَ في النِّساءِ كُلِّهِنَّ مِمَّنْ لَمْ يَكُنَّ أُمَّهاتِ مَحارِمٍ، ولا أرى صِحَّةَ الرِّوايَةِ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ.
﴿ولا نِسائِهِنَّ﴾ أيِ النِّساءِ المُؤْمِناتِ عَلى ما رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ وابْنِ زَيْدٍ ومُجاهِدٍ، والإضافَةُ إلَيْهِنَّ بِاعْتِبارِ أنَّهُنَّ عَلى دِينِهِنَّ فَيَحْتَجِبْنَ عَلى الكافِراتِ ولَوْ كِتابِيّاتٍ، وفي البَحْرِ دَخَلَ في نِسائِهِنَّ الأُمَّهاتُ والأخَواتُ وسائِرُ القِراباتِ ومَن يَتَّصِلُ بِهِنَّ مِنَ المُتَصَرِّفاتِ لَهُنَّ والقائِماتِ بِخِدْمَتِهِنَّ.
﴿ولا ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ ظاهَرُهُ مِنَ العَبِيدِ والإماءِ، وأخْرَجَهُ اِبْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ وإلَيْهِ ذَهَبَ الإمامُ الشّافِعِيُّ، وقالَ الخَفاجِيُّ: مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ أنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالإماءِ وعَلى الظّاهِرِ اُسْتُثْنِي المُكاتَبُ قالَ أبُو حَيّانَ: إنَّهُ ﷺ أمَرَ بِضَرْبِ الحِجابِ دُونَهُ وفَعَلَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ مَعَ مُكاتَبِها نَبْهانَ.
﴿واتَّقِينَ اللَّهَ﴾ في كُلِّ ما تَأْتِينَ وتَذَرْنَ لا سِيَّما فِيما أُمِرْتُنَّ بِهِ وما نُهِيتُنَّ عَنْهُ، وفي البَحْرِ في الكَلامِ حَذْفٌ والتَّقْدِيرُ اِقْتَصِرْنَ عَلى هَذا واتَّقِينَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ أنْ تَتَعَدَّيْنَهُ إلى غَيْرِهِ، وفي نَقْلِ الكَلامِ مِنَ الغَيْبَةِ إلى الخِطابِ فَضْلُ تَشْدِيدٍ في طَلَبِ التَّقْوى مِنهُنَّ.
﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾ لا تَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ ولا تَتَفاوَتُ في عِلْمِهِ الأحْوالُ فَيُجازِي سُبْحانَهُ عَلى الأعْمالِ بِحَسْبِها، هَذا واخْتُلِفَ في حُرْمَةِ رُؤْيَةِ أشْخاصِهِنَّ مُسْتَتِراتٍ فَقالَ بَعْضُهم بِها ونُسِبَ ذَلِكَ إلى القاضِي عِياضٍ، وعِبارَتُهُ فَرْضُ الحِجابِ مِمّا اِخْتَصَصْنَ بِهِ فَهو فُرِضَ عَلَيْهِنَّ بِلا خِلافٍ في الوَجْهِ والكَفَّيْنِ فَلا يَجُوزُ لَهُنَّ كَشْفُ ذَلِكَ في شَهادَةٍ ولا غَيْرِها ولا إظْهارُ شُخُوصِهِنَّ وإنْ كُنَّ مُسْتَتِراتٍ إلّا ما دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ مِن بِرازٍ.
ثُمَّ اِسْتَدَلَّ بِما في المُوَطَّأِ أنَّ حَفْصَةَ لَمّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ سَتَرَتْها النِّساءُ عَنْ أنْ يُرى شَخْصُها وأنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ جَعَلَتْ لَها القُبَّةَ فَوْقَ نَعْشِها لِتَسْتُرَ شَخْصَها اِنْتَهى، وتَعَقَّبَ ذَلِكَ الحافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ فَقالَ: لَيْسَ فِيما ذَكَرَهُ دَلِيلٌ عَلى ما اِدَّعاهُ مِن فَرْضِ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ فَقَدْ كُنَّ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ يَحْجُجْنَ ويَطُفْنَ وكانَ الصَّحابَةُ ومَن بَعْدَهم يَسْمَعُونَ مِنهُنَّ الحَدِيثَ وهُنَّ مُسْتَتِراتُ الأبْدانِ لا الأشْخاصِ اه، وأنا أرى أفْضَلِيَّةَ سَتْرِ الأشْخاصِ فَلا يَبْعُدُ القَوْلُ بِنَدْبِهِ لَهُنَّ وطَلَبُهُ مِنهُنَّ أزِيدُ مِن غَيْرِهِنَّ، وفي البَحْرِ ذَهَبَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ إلى أنَّهُ لا يَشْهَدُ جِنازَةُ زَيْنَبَ إلّا ذُو مَحْرَمٍ مِنها مُراعاةً لِلْحِجابِ فَدَلَّتْهُ أسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ عَلى سَتْرِها في النَّعْشِ بِقُبَّةٍ تُضْرَبُ عَلَيْهِ وأعْلَمَتْهُ أنَّها رَأتْ ذَلِكَ في بِلادِ الحَبَشَةِ فَصَنَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، ورُوِيَ أنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ في جِنازَةِ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .
{"ayah":"لَّا جُنَاحَ عَلَیۡهِنَّ فِیۤ ءَابَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ أَخَوَ ٰتِهِنَّ وَلَا نِسَاۤىِٕهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِینَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق