الباحث القرآني
﴿ادْعُوهم لآبائِهِمْ﴾ أيِ انْسُبُوهم إلَيْهِمْ وخُصُّوهم بِهِمْ.
أخْرَجَ الشَّيْخانِ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وغَيْرُهم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما «أنَّ زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ مَوْلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ ما كُنّا نَدْعُوهُ إلّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتّى نَزَلَ القُرْآنُ: ﴿ادْعُوهم لآبائِهِمْ﴾ إلَخْ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: أنْتَ زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ بْنِ شَراحِيلَ».
وكانَ مِن أمْرِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ عَلى ما أخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّهُ كانَ في أخْوالِهِ بَنِي مَعْنٍ مِن بَنِي ثَعْلٍ مِن طَيٍّ، فَأُصِيبَ في نَهْبٍ مِن طَيٍّ، فَقُدِمَ بِهِ سُوقُ عُكاظَ، وانْطَلَقَ حَكِيمِ بْنِ حِزامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ إلى عُكاظَ يَتَسَوَّقُ بِها فَأوْصَتْهُ عَمَّتُهُ خَدِيجَةُ أنْ يَبْتاعَ لَها غُلامًا ظَرِيفًا عَرَبِيًّا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَلَمّا قَدِمَ وجَدَ زَيْدًا يُباعُ فِيها، فَأعْجَبَهُ ظُرْفُهُ فابْتاعَهُ فَقَدِمَ بِهِ عَلَيْها، وقالَ لَها: إنِّي قَدِ ابْتَعْتُ لَكِ غُلامًا ظَرِيفًا عَرَبِيًّا، فَإنْ أعْجَبَكِ فَخُذِيهِ وإلّا فَدَعِيهِ، فَإنَّهُ قَدْ أعْجَبَنِي، فَلَمّا رَأتْهُ خَدِيجَةُ أعْجَبَها، فَأخَذَتْهُ، فَتَزَوَّجَها رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وهو عِنْدَها، فَأعْجَبَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ظُرْفُهُ، فاسْتَوْهَبَهُ مِنها، فَقالَتْ: أهَبُهُ لَكَ، فَإنْ أرَدْتَ عِتْقَهُ فالوَلاءُ لِي، فَأبى عَلَيْها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَأوْهَبَتْهُ لَهُ إنْ شاءَ أعْتَقَ، وإنْ شاءَ أمْسَكَ، قالَ: فَشَبَّ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ في إبِلٍ لِأبِي طالِبٍ بِأرْضِ الشّامِ فَمَرَّ بِأرْضِ قَوْمِهِ فَعَرَفَهُ عَمُّهُ، فَقامَ إلَيْهِ فَقالَ: مَن أنْتَ يا غُلامُ؟ قالَ: غُلامٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ، قالَ: مِن أنْفُسِهِمْ؟ قالَ: لا، قالَ: فَحُرٌّ أنْتَ أمْ مَمْلُوكٌ؟ قالَ: بَلْ مَمْلُوكٌ، قالَ: لِمَن؟ قالَ: لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقالَ لَهُ: أعَرابِيٌّ أنْتَ أمْ عَجَمِيٌّ؟ قالَ: عَرَبِيٌّ، قالَ: مِمَّنْ أصْلُكَ؟ قالَ: مِن كَلْبٍ، قالَ: مِن أيِّ كَلْبٍ؟ قالَ: مِن بَنِي عَبْدِ وُدٍّ، قالَ: ويْحُكَ ابْنُ مَن أنْتَ؟ قالَ: ابْنُ حارِثَةَ بْنِ شَراحِيلَ، قالَ: وأيْنَ أُصِبْتَ؟ قالَ: في أخْوالِي، قالَ: ومَن أخْوالُكَ؟ قالَ طَيٌّ، قالَ: ما اسْمُ أُمِّكَ؟ قالَ: سُعْدى، فالتَزَمَهُ وقالَ: ابْنُ حارِثَةَ ودَعا أباهُ، فَقالَ: يا حارِثَةُ هَذا ابْنُكَ، فَأتاهُ حارِثَةُ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيْهِ عَرَفَهُ، قالَ: كَيْفَ صَنَعَ مَوْلاكَ إلَيْكَ؟ قالَ: يُؤْثِرُنِي عَلى أهْلِهِ ووَلَدِهِ، فَرَكِبَ مَعَهُ أبُوهُ، وعَمُّهُ، وأخُوهُ حَتّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَلَقُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ لَهُ حارِثَةُ: يا مُحَمَّدُ، أنْتُمْ أهْلُ حَرَمِ اللَّهِ تَعالى، وجِيرانُهُ، وعِنْدَ بَيْتِهِ، تَفُكُّونَ العانِيَ وتُطْعِمُونَ الأسِيرَ، ابْنِي عِنْدَكَ فامْنُنْ عَلَيْنا، وأحْسِنْ إلَيْنا في فِدائِهِ، فَإنَّكَ ابْنُ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وإنّا سَنَرْفَعُ إلَيْكَ في الفِداءِ ما أحْبَبْتَ، فَقال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُعْطِيكم خَيْرًا مِن ذَلِكَ، قالُوا: وما هُوَ؟ قالَ: أُخَيِّرُهُ، فَإنِ اخْتارَكم فَخُذُوهُ بِغَيْرِ فِداءٍ، وإنِ اخْتارَنِي فَكُفُّوا عَنْهُ، فَقالَ: جَزاكَ اللَّهُ تَعالى خَيْرًا، فَقَدْ أحْسَنْتَ فَدَعاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَقالَ: يا زَيْدُ، أتَعْرِفُ هَؤُلاءِ؟ قالَ: نَعَمْ، هَذا أبِي وعَمِّي وأخِي، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: فَهم مَن قَدْ عَرَفْتَهُمْ، فَإنِ اخْتَرْتَهُمْ، فاذْهَبْ مَعَهُمْ، وإنِ اخْتَرْتَنِي فَأنا مَن تَعْلَمُ، قالَ لَهُ زَيْدٌ: ما أنا بِمُخْتارٍ عَلَيْكَ أحَدًا أبَدًا، أنْتَ مَعِي بِمَكانِ الوالِدِ والعَمِّ، قالَ أبُوهُ وعَمُّهُ: أيا زَيْدُ، أتَخْتارُ العُبُودِيَّةَ؟ قالَ: ما أنا بِمُفارِقٍ هَذا الرَّجُلَ، فَلَمّا رَأى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِرْصَهُ عَلَيْهِ قالَ: اشْهَدُوا أنَّهُ حُرٌّ، وأنَّهُ ابْنِي يَرِثُنِي وأرِثُهُ. فَطابَتْ نَفْسُ أبِيهِ وعَمِّهِ لَمّا رَأوْا مِن كَرامَتِهِ عَلَيْهِ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَلَمْ يَزَلْ في الجاهِلِيَّةِ يُدْعى زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتّى نَزَلَ القُرْآنُ ﴿ادْعُوهم لآبائِهِمْ﴾ فَدُعِيَ زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ،» وفي بَعْضِ (p-148)الرِّواياتِ أنَّ أباهُ سَمِعَ أنَّهُ بِمَكَّةَ فَأتاهُ هو وعَمُّهُ وأخُوهُ، فَكانَ ما كانَ، ﴿هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ، والضَّمِيرُ لِمَصْدَرِ ادْعُوا، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اعْدِلُوا هو أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ [المائِدَةُ: 8]، ( وأقْسَطُ ) أفْعَلُ تَفْضِيلٍ قُصِدَ بِهِ الزِّيادَةُ مُطْلَقًا مِنَ القِسْطِ بِمَعْنى العَدْلِ، والمُرادُ بِهِ البالِغُ في الصِّدْقِ، فانْدَفَعَ ما يُتَوَهَّمُ مِن أنَّ المَقامَ يَقْتَضِي ذِكْرَ الصِّدْقِ لا العَدْلِ، أيْ دُعاؤُكم إيّاهم لِآبائِهِمْ بالِغٌ في العَدْلِ والصِّدْقِ، وزائِدٌ فِيهِ في حُكْمِ اللَّهِ تَعالى وقَضائِهِ عَزَّ وجَلَّ.
وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ أفْعَلُ عَلى ما هو الشّائِعُ فِيهِ، والمَعْنى أعْدَلُ مِمّا قالُوهُ، ويَكُونُ جَعْلُهُ ذا عَدْلٍ مَعَ أنَّهُ زُورٌ لا عَدْلَ فِيهِ أصْلًا عَلى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ، ﴿فَإنْ لَمْ تَعْلَمُوا﴾ أيْ تَعْرِفُوا ﴿آباءَهُمْ﴾ فَتَنْسُبُوهم إلَيْهِمْ، ﴿فَإخْوانُكُمْ﴾ أيْ فَهم إخْوانُكم ﴿فِي الدِّينِ ومَوالِيكُمْ﴾ أيْ وأوْلِياؤُكم فِيهِ، فادْعُوهم بِالأُخُوَّةِ والمَوْلَوِيَّةِ بِتَأْوِيلِهِما بِالأُخُوَّةِ والوَلايَةِ في الدِّينِ، وبِهَذا المَعْنى قِيلَ لِسالِمٍ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ: مَوْلى حُذَيْفَةَ، وكانَ قَدْ تَبَنّاهُ قَبْلُ، وقِيلَ: ( مَوالِيكم ) أيْ بَنُو أعْمامِكُمْ، وقِيلَ: مُعْتِقُوكُمْ، ومُحَرِّرُوكُمْ، وكَأنَّ دُعاءَهم بِذَلِكَ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ، ولِذا لَمْ يُؤْمَرْ بِدُعائِهِمْ بِأسْمائِهِمْ فَقَطْ.
﴿ولَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ﴾ أيْ إثْمٌ ﴿فِيما أخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ أيْ فِيما فَعَلْتُمُوهُ مِن ذَلِكَ مُخْطِئِينَ جاهِلِينَ قَبْلَ النَّهْيِ، ﴿ولَكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ أيْ ولَكِنَّ الجُناحَ والإثْمَ فِيما تَعَمَّدْتُمُوهُ بَعْدَ النَّهْيِ عَلى أنَّ (ما) في مَحَلِّ الجَرِّ عَطْفًا عَلى ما مِن ﴿فِيما أخْطَأْتُمْ﴾ وتُعُقِّبَ بِأنَّ المَعْطُوفَ المَجْرُورَ لا يُفْصَلُ بَيْنَهُ وبَيْنَ ما عُطِفَ عَلَيْهِ، ولِذا قالَ سِيبَوَيْهِ في قَوْلِهِمْ: ما مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ ذَلِكَ، ولا أخِيهِ: إنَّهُ حُذِفَ المُضافُ مِن جِهَةِ المَعْطُوفِ، وأُبْقِيَ المُضافُ إلَيْهِ عَلى إعْرابِهِ، والأصْلُ: ولا مِثْلُ أخِيهِ، لِيَكُونَ العَطْفُ عَلى المَرْفُوعِ. وأُجِيبَ بِالفَرْقِ بَيْنَ (ما) هُنا، والمِثالِ، وأنْ لا فَصْلَ فِيهِ، لِأنَّ المَعْطُوفَ هو المَوْصُولُ مَعَ صِلَتِهِ أعْنِي ما تَعَمَّدَتْ عَلى مِثْلِهِ أعْنِي ما أخْطَأْتُمْ، أوْ ولَكِنْ ما تَعَمَّدْتُمْ فِيهِ الجُناحَ عَلى أنَّ (ما) في مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلى الِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ جُمْلَةٌ مُقَدَّرَةٌ، ونِسْبَةُ التَّعَمُّدِ إلى القُلُوبِ عَلى حَدِّ النِّسْبَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البَقَرَةُ: 238]، وكَوْنُ المُرادِ في الأوَّلِ قَبْلَ النَّهْيِ، وفي الثّانِي بَعْدَهُ أخْرَجَهُ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، وقِيلَ: كِلا الأمْرَيْنِ بَعْدَ النَّهْيِ، والخَطَأُ مُقابِلُ العَمْدِ، والمَعْنى لا إثْمَ عَلَيْكم إذا قُلْتُمْ لِوَلَدِ غَيْرِكم يا بُنَيَّ عَلى سَبِيلِ الخَطَإ، وعَدَمِ التَّعَمُّدِ، كَأنْ سَهَوْتُمْ، أوْ سَبَقَ لِسانُكُمْ، ولَكِنَّ الإثْمَ عَلَيْكم إذا قُلْتُمْ ذَلِكَ مُتَعَمِّدِينَ، وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: لَوْ دَعَوْتَ رَجُلًا لِغَيْرِ أبِيهِ، وأنْتَ تَرى أنَّهُ أبُوهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ بَأْسٌ، ولَكِنْ ما تَعَمَّدْتَ وقَصَدْتَ دُعاءَهُ لِغَيْرِ أبِيهِ. وجُوِّزَ أنْ يُرادَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ﴾ إلَخِ، العَفْوُ عَنِ الخَطَإ دُونَ العَمْدِ عَلى طَرِيقِ العُمُومِ.
لِحَدِيثِ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها قالَتْ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «إنِّي لَسْتُ أخافُ عَلَيْكُمُ الخَطَأ ولَكِنْ أخافُ عَلَيْكُمُ العَمْدَ»»
وحَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ««وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ، والنِّسْيانُ، وما أُكْرِهُوا عَلَيْهِ»»
ثُمَّ تَناوَلَ لِعُمُومِهِ خَطَأ التَّبَنِّي وعَمْدَهُ، والجُمْلَةُ عَلى تَقْدِيرَيِ الخُصُوصِ والعُمُومِ وارِدَةٌ عَلى سَبِيلِ الِاعْتِراضِ التَّذْيِيلِيِّ تَأْكِيدًا لِامْتِثالِ ما نُدِبُوا إلَيْهِ مَعَ إدْماجِ حُكْمٍ مَقْصُودٍ في نَفْسِهِ، وجَعَلَها بَعْضُهم عَطْفًا مُؤَوَّلًا بِجُمْلَةٍ طَلَبِيَّةٍ عَلى مَعْنى: ادْعُوهم لِآبائِهِمْ هو أقْسَطُ لَكُمْ، ولا تَدْعُوهم لِأنْفُسِكم مُتَعَمِّدِينَ (p-149)فَتَأْثَمُوا عَلى تَقْدِيرِ الخُصُوصِ، وجُمْلَةٍ مُسْتَطْرَدَةٍ عَلى تَقْدِيرِ العُمُومِ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ تَكَلُّفٌ عَنْهُ مَندُوحَةٌ، وظاهِرُ الآيَةِ حُرْمَةُ تَعَمُّدِ دَعْوَةِ الإنْسانِ لِغَيْرِ أبِيهِ، ولَعَلَّ ذَلِكَ فِيما إذا كانَتِ الدَّعْوَةُ عَلى الوَجْهِ الَّذِي كانَ في الجاهِلِيَّةِ، وأمّا إذا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَما يَقُولُ الكَبِيرُ لِلصَّغِيرِ عَلى سَبِيلِ التَّحَنُّنِ والشَّفَقَةِ: يا ابْنِي، وكَثِيرًا ما يَقَعُ ذَلِكَ، فالظّاهِرُ عَدَمُ الحُرْمَةِ.
وفِي حَواشِي الخَفاجِيِّ عَلى تَفْسِيرِ البَيْضاوِيِّ: البُنُوَّةُ وإنْ صَحَّ فِيها التَّأْوِيلُ كالأُخُوَّةِ، لَكِنْ نُهِيَ عَنْها بِالتَّشْبِيهِ بِالكَفَرَةِ والنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ انْتَهى، ولَعَلَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهَذا النَّهْيِ ما تَدُلُّ عَلَيْهِ الآيَةُ المَذْكُورَةُ، فَإنَّ ما تَدُلُّ عَلَيْهِ نَهْيُ التَّحْرِيمِ عَنِ الدَّعْوَةِ عَلى الوَجْهِ الَّذِي كانَ في الجاهِلِيَّةِ، والأوْلى أنْ يُقالَ في تَعْلِيلِ النَّهْيِ: سَدًّا لِبابِ التَّشْبِيهِ بِالكَفَرَةِ بِالكُلِّيَّةِ، وهَذا الَّذِي ذَكَرَهُ الخَفاجِيُّ مِن كَراهَةِ قَوْلِ الشَّخْصِ لِوَلَدِ غَيْرِهِ: يا ابْنِي، حَكاهُ لِي مَن أرْتَضِيهِ عَنْ فَتاوى ابْنِ حَجَرٍ الكُبْرى، وحُكْمِ التَّبَنِّي بِقَوْلِهِ: هو ابْنِي، إنْ كانَ عَبْدًا لِلْقائِلِ العِتْقُ عَلى كُلِّ حالٍ، ولا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنهُ إلّا إذا كانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ، وكانَ بِحَيْثُ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، ولَمْ يُقِرَّ قَبْلَهُ بِنَسَبٍ مِن غَيْرِهِ، وعِنْدَ الشّافِعِيِّ: لا عِبْرَةَ بِالتَّبَنِّي فَلا يُفِيدُ العِتْقَ، ولا ثُبُوتَ النَّسَبِ، وتَحْقِيقُ ذَلِكَ في مَوْضِعِهِ، ثُمَّ الظّاهِرُ أنَّهُ لا فَرْقَ إذا لَمْ يُعْرَفِ الأبُ بَيْنَ أنْ يُقالَ: يا أخِي، وأنْ يُقالَ: يا مَوْلايَ، في أنَّ كُلًّا مِنهُما مُباحٌ مُطْلَقًا حِينَئِذٍ، لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهم بِحُرْمَةِ أنْ يُقالَ لِلْفاسِقِ: يا مَوْلايَ لِخَبَرٍ في ذَلِكَ، وقِيلَ: لِما أنَّ فِيهِ تَعْظِيمَهُ وهو حَرامٌ، ومُقْتَضاهُ أنَّ قَوْلَ: يا أخِي إذا كانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ بِأنْ كانَ مِن جَلِيلِ الشَّأْنِ حَرامٌ أيْضًا، فَلَعَلَّ الدُّعاءَ لِغَيْرِ مَعْرُوفِ الأبِ بِما ذُكِرَ مَخْصُوصٌ بِما إذا لَمْ يَكُنْ فاسِقًا، ودَلِيلُ التَّخْصِيصِ هو دَلِيلُ حُرْمَةِ تَعْظِيمِ الفاسِقِ فَتَدَبَّرْ، وكَذا الظّاهِرُ أنَّهُ لا فَرْقَ في أمْرِ الدَّعْوَةِ بَيْنَ كَوْنِ المَدْعُوِّ ذَكَرًا، وكَوْنِهِ أُنْثى، لَكِنْ لَمْ نَقِفْ عَلى وُقُوعِ التَّبَنِّي لِلْإناثِ في الجاهِلِيَّةِ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ، ﴿وكانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ فَيَغْفِرُ لِلْعامِدِ إذا تابَ ﴿رَحِيمًا﴾ ولِذا رَفَعَ سُبْحانَهُ الجُناحَ عَنِ المُخْطِئِ، ويُعْلَمُ مِنَ الآيَةِ أنَّهُ لا يَجُوزُ انْتِسابُ الشَّخْصِ إلى غَيْرِ أبِيهِ، وعَدَّ ذَلِكَ بَعْضُهم مِنَ الكَبائِرِ لِما أخْرَجَ الشَّيْخانِ، وأبُو داوُدَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ««مَنِ ادَّعى إلى غَيْرِ أبِيهِ، وهو يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أبِيهِ، فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرامٌ»».
وأخْرَجَ الشَّيْخانِ أيْضًا: ««مَنِ ادَّعى إلى غَيْرِ أبِيهِ أوِ انْتَمى إلى غَيْرِ مَوالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ تَعالى، والمَلائِكَةِ، والنّاسِ أجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعالى مِنهُ صَرْفًا ولا عَدْلًا»»
وأخْرَجا أيْضًا: ««لَيْسَ مِن رَجُلٍ ادَّعى لِغَيْرِ أبِيهِ وهو يَعْلَمُ إلّا كَفَرَ»» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الصَّغِيرِ مِن حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وحَدِيثُهُ حَسَنٌ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَفَرَ مَن تَبَرَّأ مِن نَسَبٍ، وإنْ دَقَّ، أوِ ادَّعى نَسَبًا لا يُعْرَفُ»»
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأخْبارِ، هَذا ومُناسَبَةُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ﴾ إلَخْ، لِما قَبْلَهُ أنَّهُ شُرُوعٌ في ذِكْرِ شَيْءٍ مِنَ الوَحْيِ الَّذِي أُمِرَ ﷺ في اتِّباعِهِ كَذا قِيلَ، وقِيلَ: إنَّهُ تَعالى لَمّا أمَرَ بِالتَّقْوى كانَ مِن حَقِّها أنْ لا يَكُونَ في القَلْبِ تَقْوى غَيْرِ اللَّهِ تَعالى، فَإنَّ المَرْءَ لَيْسَ لَهُ قَلْبانِ يَتَّقِي بِأحَدِهِما اللَّهَ تَعالى وبِالآخَرِ غَيْرَهُ سُبْحانَهُ، إلّا بِصَرْفِ القَلْبِ عَنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعالى إلى غَيْرِهِ جَلَّ وعَلا، ولا يَلِيقُ ذَلِكَ بِمَن يَتَّقِي اللَّهَ تَعالى حَقَّ تُقاتِهِ، وعَنْ أبِي مُسْلِمٍ أنَّهُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُطِعِ الكافِرِينَ والمُنافِقِينَ﴾ [الأحْزابُ: 48]، حَيْثُ جِيءَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ، والمَعْنى لَيْسَ لِأحَدٍ قَلْبانِ يُؤْمِنُ بِأحَدِهِما ويَكْفُرُ بِالآخَرِ، وإنَّما هو قَلْبٌ واحِدٌ، فَإمّا أنْ يُؤْمِنَ، وإمّا أنْ يَكْفُرَ، وقِيلَ: هو مُتَّصِلٌ - بِلا تُطِعْ واتَّبِعْ - والمَعْنى أنَّهُ لا يُمْكِنُ الجَمْعُ بَيْنَ اتِّباعَيْنِ مُتَضادَّيْنِ: اتِّباعِ الوَحْيِ والقُرْآنِ، (p-150)واتِّباعِ أهْلِ الكُفْرِ والطُّغْيانِ، فَكُنِّيَ عَنْ ذَلِكَ بِذِكْرِ القَلْبَيْنِ، لِأنَّ الِاتِّباعَ يَصْدُرُ عَنِ الِاعْتِقادِ، وهو مِن أفْعالِ القُلُوبِ فَكَما لا يُجْمَعُ قَلْبانِ في جَوْفٍ واحِدٍ لا يُجْمَعُ اعْتِقادانِ مُتَضادّانِ في قَلْبٍ واحِدٍ، وقِيلَ: هو مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ وكَفى بِاللَّهِ وكِيلا﴾ مِن حَيْثُ إنَّهُ مُشْعِرٌ بِوَحْدَتِهِ عَزَّ وجَلَّ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ، وكَفى بِهِ تَعالى وكِيلًا، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى وحْدَهُ المُدَبِّرُ لِأُمُورِ العالَمِ، ثُمَّ أشارَ سُبْحانَهُ وتَعالى إلى أنَّ أمْرَ الرَّجُلِ الواحِدِ لا يَنْتَظِمُ ومَعَهُ قَلْبانِ، فَكَيْفَ تَنْتَظِمُ أُمُورُ العالَمِ ولَهُ إلَهانِ، وقِيلَ: إنَّ ذاكَ مَسُوقٌ لِلتَّنْفِيرِ عَنْ إطاعَةِ الكَفَرَةِ والمُنافِقِينَ بِحِكايَةِ أباطِيلِهِمْ، وذَكَرَ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ما جَعَلَ﴾ إلَخْ، ضَرَبَ مَثَلًا لِلظِّهارِ والتَّبَنِّي، أيْ كَما لا يَكُونُ لِرَجُلٍ قَلْبانِ لا تَكُونُ المُظاهَرَةُ أُمًّا والمُتَبَنّى ابْنًا، وجَعَلَ المَذْكُوراتِ الثَّلاثَ بِجُمْلَتِها مَثَلًا فِيما لا حَقِيقَةَ لَهُ، وارْتَضى ذَلِكَ غَيْرُ واحِدٍ، وقالَ الطِّيبِيُّ: إنَّ هَذا أنْسَبُ لِنَظْمِ القُرْآنِ لِأنَّهُ تَعالى نَسَّقَ المَنفِيّاتِ الثَّلاثِ عَنْ تَرْتِيبٍ واحِدٍ، وجَعَلَ سُبْحانَهُ قَوْلَهُ جَلَّ وعَلا: ﴿ذَلِكُمْ﴾ فَذْلَكَةً لَها، ثُمَّ حَكَمَ تَعالى بِأنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ لا حَقِيقَةَ لَهُ، ثُمَّ ذَيَّلَ سُبْحانَهُ وتَعالى الكُلَّ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وهو يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ وتَعَقَّبَهُ في الكَشْفِ بِأنَّ سَبَبَ النُّزُولِ وقَوْلَهُ سُبْحانَهُ بَعْدَ التَّذْيِيلِ: ﴿ادْعُوهم لآبائِهِمْ﴾ الآيَةَ، شاهِدا صِدْقٍ بِأنَّ الأوَّلَ مَضْرُوبٌ لِلتَّبَنِّي، ثُمَّ إنَّهم ما كانُوا يَجْعَلُونَ الأزْواجَ أُمَّهاتٍ بَلْ كانُوا يَجْعَلُونَ اللَّفْظَ طَلاقًا، فَإدْخالُهُ في قَرْنِ مَسْألَةِ التَّبَنِّي اسْتِطْرادًا هو الوَجْهُ لا أنَّهُ قَوْلٌ لا حَقِيقَةَ لَهُ كالأوَّلِ.
وانْتَصَرَ الخَفاجِيُّ لِلْجَماعَةِ فَقالَ: لَوْ كانَ مَثَلًا لِلتَّبَنِّي فَقَطْ لَمْ يُفْصَلْ مِنهُ، وكَوْنُ القَلْبَيْنِ لِرَجُلٍ وجَعْلُ المُتَبَنّى ابْنًا في جَمِيعِ الأحْكامِ مِمّا لا حَقِيقَةَ لَهُ في نَفْسِ الأمْرِ، ولا في شَرْعٍ ظاهِرٍ، وكَذا جَعْلُ الأزْواجِ كالأُمَّهاتِ في الحُرْمَةِ المُؤَبَّدَةِ مُطْلَقًا مِن مُخْتَرَعاتِهِمُ الَّتِي لَمْ يَسْتَنِدُوا فِيها إلى مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ، فَلا حَقِيقَةَ لَهُ أيْضًا، فَما ادَّعاهُ غَيْرُ وارِدٍ عَلَيْهِمْ، لا سِيَّما مَعَ مُخالَفَتِهِ لِما رُوِيَ عَنْهُمُ انْتَهى، ويَدُ اللَّهِ تَعالى مَعَ الجَماعَةِ، وبَيَّنَ الطِّيبِيُّ نَظْمَ الآياتِ مِن مُفْتَتَحِ السُّورَةِ إلى ها هُنا فَقالَ: إنَّ الِاسْتِهْلالَ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ دالٌّ عَلى أنَّ الخِطابَ مُشْتَمِلٌ عَلى التَّنْبِيهِ عَلى أمْرٍ مُعْتَنًى بِشَأْنِهِ لائِحٌ فِيهِ مَعْنى التَّهَيُّجِ والإلْهابِ، ومِن ثَمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ ( ولا تُطِعْ ) كَما يُعْطَفُ الخاصُّ عَلى العامِّ، وأرْدَفَ النَّهْيَ بِالأمْرِ عَلى نَحْوِ قَوْلِكَ: لا تُطِعْ مَن يَخْذُلُكَ واتَّبِعْ ناصِرَكَ، ولا يَبْعُدُ أنْ يُسَمّى بِالطَّرْدِ والعَكْسِ، ثُمَّ أمَرَ بِالتَّوَكُّلِ تَشْجِيعًا عَلى مُخالَفَةِ أعْداءِ الدِّينِ والِالتِجاءِ إلى حَرِيمِ جَلالِ اللَّهِ تَعالى لِيَكْفِيَهُ شُرُورَهُمْ، ثُمَّ عَقَّبَ سُبْحانَهُ كُلًّا مِن تِلْكَ الأوامِرِ عَلى سَبِيلِ التَّتْمِيمِ والتَّذْيِيلِ بِما يُطابِقُهُ، وعَلَّلَ قَوْلَهُ تَعالى ﴿ولا تُطِعِ الكافِرِينَ والمُنافِقِينَ﴾ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ تَتْمِيمًا لِلِارْتِداعِ أيِ اتَّقِ اللَّهَ فِيما تَأْتِي وتَذَرُ في سِرِّكَ وعَلانِيَتِكَ، لِأنَّهُ تَعالى عَلِيمٌ بِالأحْوالِ كُلِّها يَجِبُ أنْ يُحْذَرَ مِن سُخْطِهِ، حَكِيمٌ لا يُحِبُّ مُتابَعَةَ حَبِيبِهِ أعْداءَهُ، وعَلَّلَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿واتَّبِعْ ما يُوحى إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ تَتْمِيمًا أيْضًا أيِ اتَّبِعِ الحَقَّ ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمُ الباطِلَةَ، وآراءَهُمُ الزّائِغَةَ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَعْلَمُ عَمَلَكَ وعَمَلَهم فَيُكافِئُ كُلًّا ما يَسْتَحِقُّهُ، وذَيَّلَ سُبْحانَهُ وتَعالى قَوْلَهُ تَبارَكَ وتَعالى: ﴿وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ﴾ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَفى بِاللَّهِ وكِيلا﴾ تَقْرِيرًا وتَوْكِيدًا عَلى مِنوالِ: فُلانٌ يَنْطِقُ بِالحَقِّ والحَقُّ أبْلَجُ يَعْنِي: مِن حَقِّ مَن يَكُونُ كافِيًا لِكُلِّ الأُمُورِ أنْ تُفَوِّضَ الأُمُورَ إلَيْهِ وتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، وفَصَلَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ﴾ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِئْنافِ تَنْبِيهًا عَلى بَعْضٍ مِن أباطِيلِهِمْ وتَمَحُّلاتِهِمْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكم قَوْلُكُمْ﴾ إلَخْ، فَذْلَكَةٌ لِتِلْكَ الأقْوالِ آذَنَتْ بِأنَّها جَدِيرَةٌ بِأنْ يُحْكَمَ عَلَيْها بِالبُطْلانِ، وحَقِيقٌ بِأنْ يُذَمَّ قائِلُها فَضْلًا عَنْ أنْ يُطاعَ، ثُمَّ وصَلَ تَعالى ﴿واللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ﴾ إلَخْ، عَلى هَذِهِ الفَذْلَكَةِ بِجامِعِ التَّضادِّ عَلى مِنوالِ ما سَبَقَ في ( ولا تُطِعِ واتَّبِعْ )، وفَصَلَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ادْعُوهم لآبائِهِمْ هو أقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ وقَوْلَهُ تَعالى:
{"ayah":"ٱدۡعُوهُمۡ لِـَٔابَاۤىِٕهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَمَوَ ٰلِیكُمۡۚ وَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحࣱ فِیمَاۤ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق