الباحث القرآني
﴿إنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ﴾ أيِ الدّاخِلِينَ في السِّلْمِ المُنْقادِينَ لِحُكْمِ اللَّهِ تَعالى أوِ المُفَوَّضِينَ أمْرَهم لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ مِنَ الذُّكُورِ والإناثِ ﴿والمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ﴾ المُصَدِّقِينَ بِما يَجِبُ أنْ يُصَدَّقَ بِهِ مِنَ الفَرِيقَيْنِ.
﴿والقانِتِينَ والقانِتاتِ﴾ المُداوِمِينَ عَلى الطّاعاتِ القائِمِينَ بِها.
﴿والصّادِقِينَ والصّادِقاتِ﴾ في أقْوالِهِمُ الَّتِي يَجِبُ الصِّدْقُ فِيها، وقِيلَ في القَوْلِ والعَمَلِ، وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ اِبْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ قالَ أيْ في إيمانِهِمْ.
﴿والصّابِرِينَ والصّابِراتِ﴾ عَلى المَكارِهِ وعَلى العِباداتِ وعَنِ المَعاصِي.
﴿والخاشِعِينَ والخاشِعاتِ﴾ المُتَواضِعِينَ لِلَّهِ تَعالى بِقُلُوبِهِمْ وجَوارِحِهِمْ، وقِيلَ: الَّذِينَ لا يَعْرِفُونَ مَن عَنْ أيْمانِهِمْ وشَمائِلِهِمْ إذا كانُوا في الصَّلاةِ ﴿والمُتَصَدِّقِينَ والمُتَصَدِّقاتِ﴾ بِما يَحْسُنُ التَّصَدُّقُ بِهِ مِن فَرْضٍ وغَيْرِهِ.
﴿والصّائِمِينَ والصّائِماتِ﴾ الصَّوْمَ المَشْرُوعَ فَرْضًا كانَ أوْ نَفْلًا، وعَنْ عِكْرِمَةَ الِاقْتِصارُ عَلى صَوْمِ رَمَضانَ، وقِيلَ: مَن تَصَدَّقَ في كُلِّ أُسْبُوعٍ بِدِرْهَمٍ فَهو مِنَ المُتَصَدِّقِينَ ومَن صامَ البِيضَ مِن كُلِّ شَهْرٍ فَهو مِنَ الصّائِمِينَ.
﴿والحافِظِينَ فُرُوجَهم والحافِظاتِ﴾ عَمّا لا يَرْضى بِهِ اللَّهُ تَعالى.
﴿والذّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا والذّاكِراتِ﴾ بِالألْسِنَةِ والقُلُوبِ ومَدارُ الكَثْرَةِ العُرْفُ عِنْدَ جَمْعٍ، وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: لا يُكْتَبُ الرَّجُلُ مِنَ الذّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا حَتّى يَذْكُرَ اللَّهَ تَعالى قائِمًا وقاعِدًا ومُضْطَجِعًا.
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ وغَيْرُهم عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««إذا أيْقَظَ الرَّجُلُ اِمْرَأتَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيا رَكْعَتَيْنِ كانا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنَ الذّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا والذّاكِراتِ»،» وقِيلَ: المُرادُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعالى ذِكْرُ آلائِهِ سُبْحانَهُ ونِعَمِهِ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ ومَآلُ هَذا إلى الشُّكْرِ وهو خِلافُ الظّاهِرِ.
﴿أعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ﴾ بِسَبَبِ كَسْبِهِمْ ما ذُكِرَ مِنَ الصِّفاتِ ﴿مَغْفِرَةً﴾ لِما اِقْتَرَفُوا مِنَ الصَّغائِرِ لِأنَّهُنَّ مُكَفَّراتٌ بِالأعْمالِ الصّالِحَةِ كَما ورَدَ ﴿وأجْرًا عَظِيمًا﴾ عَلى ما عَمِلُوا مِنَ الطّاعاتِ، والآيَةُ وعْدٌ لِلْأزْواجِ المُطَهَّراتِ وغَيْرِهِنَّ مِمَّنِ اِتَّصَفَتْ بِهَذِهِ الصِّفاتِ، أخْرَجَ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ وغَيْرُهُما «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها قالَتْ: (p-22)قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ ما لَنا لا نُذْكَرُ في القُرْآنِ كَما يُذْكَرُ الرِّجالُ؟ فَلَمْ يَرُعْنِي مِنهُ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ إلّا نِداءَهُ عَلى المِنبَرِ وهو يَقُولُ: ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ،» وضَمِيرُ ما لَنا لِلنِّساءِ عَلى العُمُومِ، فَفي رِوايَةٍ أُخْرى رَواها النَّسائِيُّ وجَماعَةٌ عَنْها أيْضًا «أنَّها قالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ما لِي أسْمَعُ الرِّجالَ يُذْكَرُونَ في القُرْآنِ والنِّساءُ لا يُذْكَرُونَ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ﴾ الآيَةَ».
وفِي بَعْضِ الآثارِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ القائِلَ غَيْرُها، أخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ والطَّبَرانِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وآخِرُونَ «عَنْ أُمِّ عِمارَةَ الأنْصارِيَّةِ أنَّها أتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَتْ: ما أرى كُلَّ شَيْءٍ إلّا لِلرِّجالِ وما أرى النِّساءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ﴾» الخ.
وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: «دَخَلَ نِساءٌ عَلى نِساءِ النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْنَ: قَدْ ذَكَرَكُنَّ اللَّهُ تَعالى في القُرْآنِ وما يَذْكُرُنا بِشَيْءٍ أما فِينا ما يُذْكَرُ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ﴾ الآيَةَ،» وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْهُ أنَّهُ قالَ لَمّا ذُكِرَ أزْواجُ النَّبِيِّ ﷺ قالَ النِّساءُ: لَوْ كانَ فِينا خَيْرٌ لِذُكِرْنا فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى الآيَةَ.
ولا مانِعَ أنْ يَكُونَ كُلُّ ذَلِكَ، وعَطْفُ الإناثِ عَلى الذُّكُورِ كالمُسْلِماتِ عَلى المُسْلِمِينَ والمُؤْمِناتِ عَلى المُؤْمِنِينَ ضَرُورِيٌّ لِأنَّ تَغايُرَ الذَّواتِ المُشْتَرِكَةِ في الحُكْمِ يَسْتَلْزِمُ العَطْفَ ما لَمْ يُقْصَدِ السَّرْدُ عَلى طَرِيقِ التَّعْدِيدِ، وعَطْفُ الزَّوْجَيْنِ أعْنِي مَجْمُوعَ كُلِّ مُذَكَّرٍ ومُؤَنَّثٍ كَعَطْفِ مَجْمُوعِ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ عَلى مَجْمُوعِ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ غَيْرُ لازِمٍ وإنَّما اُرْتُكِبَ هاهُنا لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ مَدارَ إعْدادِ ما أُعِدَّ لَهم جَمْعُهم بَيْنَ هَذِهِ النُّعُوتِ الجَمِيلَةِ.
وذِكْرُ الفُرُوجِ مُتَعَلِّقًا لِلْحِفْظِ لِكَوْنِها مَرْكَبَ الشَّهْوَةِ الغالِبَةِ وذِكْرُ الِاسْمِ الجَلِيلِ مُتَعَلِّقًا لِلذِّكْرِ لِأنَّهُ الِاسْمُ الأعْظَمُ المُشْعِرُ بِجَمِيعِ الصِّفاتِ الجَلِيلَةِ، وحَذْفُ مُتَعَلِّقِ كُلٍّ مِنَ الحافِظاتِ والذّاكِراتِ لِدَلالَةِ ما تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وجَعْلُ الذِّكْرِ آخِرَ الصِّفاتِ لِعُمُومِهِ وشَرَفِهِ ﴿ولَذِكْرُ اللَّهِ أكْبَرُ﴾ [اَلْعَنْكَبُوتِ: 45] وتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ في ﴿أعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ﴾ لِتَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلى الإناثِ وإلّا فالظّاهِرُ لَهم ولَهُنَّ، ولِلَّهِ تَعالى دَرُّ التَّنْزِيلِ أشارَ في أوَّلِ الآيَةِ وآخِرِها إلى أفْضَلِيَّةِ الذُّكُورِ عَلى الإناثِ،
{"ayah":"إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِینَ وَٱلۡمُسۡلِمَـٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡقَـٰنِتَـٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِینَ وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِینَ وَٱلصَّـٰبِرَ ٰتِ وَٱلۡخَـٰشِعِینَ وَٱلۡخَـٰشِعَـٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِینَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَـٰتِ وَٱلصَّـٰۤىِٕمِینَ وَٱلصَّـٰۤىِٕمَـٰتِ وَٱلۡحَـٰفِظِینَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَـٰفِظَـٰتِ وَٱلذَّ ٰكِرِینَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا وَٱلذَّ ٰكِرَ ٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











