الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأوْرَثَكم أرْضَهُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى: ( أنْزَلَ ) إلَخْ، والمُرادُ بِأرْضِهِمْ مَزارِعَهُمْ، وتَقَدَّمَتْ لِكَثْرَةِ المَنفَعَةِ بِها مِنَ النَّخْلِ والزُّرُوعِ.
وفِي قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ( أوْرَثَكم ) إشْعارٌ بِأنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أُولَئِكَ المَقْتُولِينَ، وأنَّ مُلْكَهم إيّاهُ مُلْكٌ قَوِيٌّ لَيْسَ بِعَقْدِ الفَسْخِ أوِ الإقالَةِ ﴿ودِيارَهُمْ﴾ أيْ حُصُونَهم ﴿وأمْوالَهُمْ﴾ نُقُودَهم ومَواشِيَهم وأثاثَهُمُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْها أرْضُهم ودِيارُهم.
أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ مِن خَبَرٍ طَوِيلٍ «أنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ حَكَمَ بِقَتْلِ مُقاتِلِهِمْ، وسَبْيِ ذَرارِيهِمْ بِأنَّ أعْقارَهم لِلْمُهاجِرِينَ دُونَ الأنْصارِ، فَقالَ قَوْمُهُ: أتُؤْثِرُ المُهاجِرِينَ بِالأعْقارِ عَلَيْنا؟ فَقالَ: إنَّكم ذُو أعْقارٍ وإنَّ المُهاجِرِينَ لا أعْقارَ لَهُمْ، وأمْضى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ حُكْمَهُ».
وفِي الكَشّافِ: رُوِيَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَعَلَ عَقارَهم لِلْمُهاجِرِينَ دُونَ الأنْصارِ، فَقالَتِ الأنْصارُ في ذَلِكَ، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنَّكم في مَنازِلِكُمْ، وقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: أما تُخَمِّسُ كَما خَمَّسْتَ يَوْمَ بَدْرٍ؟ قالَ: لا، إنَّما جُعِلَتْ هَذِهِ لِي طُعْمَةً دُونَ النّاسِ، قالَ: رَضِينا بِما صَنَعَ اللَّهُ تَعالى ورَسُولُهُ ﷺ».
(p-180)وذَكَرَ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ أنَّ الخَبَرَ رَواهُ الواقِدِيُّ مِن رِوايَةِ خارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ العَلاءِ، قالَتْ: (لَمّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَنِي النَّضِيرِ جَعَلَ...) الحَدِيثَ، ومِن طَرِيقِ المِسْوَرِ بْنِ رِفاعَةَ قالَ: «فَقالَ عُمَرُ: (يا رَسُولَ اللَّهِ، ألا تُخَمِّسُ ما أُصِيبَ مِن بَنِي النَّضِيرِ)» الحَدِيثَ اهـ، وعَلَيْهِ لا يَحْسُنُ مِنَ الزَّمَخْشَرِيِّ ذِكْرُهُ ها هُنا، مَعَ أنَّ الآياتِ عِنْدَهُ في شَأْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وسَيَأْتِي الكَلامُ فِيما وقَعَ لِبَنِي النَّضِيرِ في تَفْسِيرِ سُورَةِ الحَشْرِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ قالَ مُقاتِلٌ، ويَزِيدُ بْنُ رُومانَ، وابْنُ زَيْدٍ: هي خَيْبَرُ فُتِحَتْ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وقالَ قَتادَةُ: كانَ يَتَحَدَّثُ أنَّها مَكَّةُ، وقالَ الحَسَنُ: هي أرْضُ الرُّومِ، وفارِسُ، وقِيلَ: اليَمَنُ، وقالَ عِكْرِمَةُ: هي ما ظَهَرَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، واخْتارَهُ في البَحْرِ، وقالَ عُرْوَةُ: لا أحْسَبُها إلّا كُلَّ أرْضٍ فَتَحَها اللَّهُ تَعالى عَلى المُسْلِمِينَ، أوْ هو عَزَّ وجَلَّ فاتِحُها إلى يَوْمِ القِيامَةِ، والظّاهِرُ أنَّ العَطْفَ عَلى ( أرْضَهم )، واسْتَشْكَلَ بِأنَّ الإرْثَ ماضٍ حَقِيقَةً بِالنِّسْبَةِ إلى المَعْطُوفِ عَلَيْهِ، ومَجازًا بِالنِّسْبَةِ إلى هَذا المَعْطُوفِ. وأُجِيبَ بِأنَّهُ يُرادُ بِأوْرَثَكم أوْرَثَكم في عِلْمِهِ وتَقْدِيرِهِ، وذَلِكَ مُتَحَقِّقٌ فِيما وقَعَ مِنَ الإرْثِ كَأرْضِهِمْ ودِيارِهِمْ وأمْوالِهِمْ، وفِيما لَمْ يَقَعْ بَعْدُ كَإرْثِ ما لَمْ يَكُنْ مَفْتُوحًا وقْتَ نُزُولِ الآيَةِ. وقَدَّرَ بَعْضُهم أوْرَثَكم في جانِبِ المَعْطُوفِ مُرادًا بِهِ يُورِثُكُمْ، إلّا أنَّهُ عَبَّرَ بِالماضِي لِتَحَقُّقِ الوُقُوعِ، والدَّلِيلِ المَذْكُورِ، واسْتُبْعِدَ دِلالَةُ المَذْكُورِ عَلَيْهِ لِتَخالُفِهِما حَقِيقَةً ومَجازًا.
وقِيلَ: الدَّلِيلُ ما بَعْدُ، مِن قَوْلِهِ تَعالى: ( وكانَ اللَّهُ ) إلَخْ، ثُمَّ إذا جُعِلَتِ الأرْضُ شامِلَةً لِما فُتِحَ عَلى أيْدِي الحاضِرِينَ، ولِما فُتِحَ عَلى أيْدِي غَيْرِهِمْ مِمَّنْ جاءَ بَعْدَهم لا يَخُصُّ الخِطابُ الحاضِرِينَ، كَما لا يَخْفى. ومِن بِدَعِ التَّفاسِيرِ أنَّهُ أُرِيدَ بِهَذِهِ الأرْضِ نِساؤُهُمْ، وعَلَيْهِ لا يُتَوَهَّمُ إشْكالٌ في العَطْفِ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما «لَمْ تَطَوُها» بِحَذْفِ الهَمْزَةِ أبْدَلَ هَمْزَةَ تَطَأُ ألِفًا عَلى حَدِّ قَوْلِهِ:
؎إنَّ السِّباعَ لَتُهْدى في مَرابِضِها والنّاسُ لا يُهْتَدى مِن شَرِّهِمْ أبَدًا
فالتَقَتْ ساكِنَةٌ مَعَ الواوِ، فَحُذِفَتْ، كَقَوْلِكَ لَمْ تَرَوْها، ﴿وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ فَهو سُبْحانَهُ قادِرٌ عَلى أنْ يَمْلِكَكم ما شاءَ.
{"ayah":"وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِیَـٰرَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُمۡ وَأَرۡضࣰا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق