الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّبِعْ ما يُوحى إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ عَطْفٌ عَلى ما تَقَدَّمَ مِن قَبِيلِ عَطْفِ العامِّ عَلى الخاصِّ، أيِ اتَّبِعْ في كُلِّ ما تَأْتِي، وتَذَرُ مِن أُمُورِ الدِّينِ ما يُوحى إلَيْكَ مِنَ الآياتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها هَذِهِ الآيَةُ الآمِرَةُ بِتَقْوى اللَّهِ تَعالى النّاهِيَةُ عَنْ إطاعَةِ الكَفَرَةِ والمُنافِقِينَ، والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ الرُّبُوبِيَّةِ لِتَأْكِيدِ وُجُوبِ الِامْتِثالِ بِالأمْرِ، ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ قِيلَ: الخِطابُ لِلرَّسُولِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، والجَمْعُ لِلتَّعْظِيمِ، وقالَ أبُو البَقاءِ: إنَّما جاءَ بِالجَمْعِ لِأنَّهُ عَنى بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واتَّبِعْ ما يُوحى﴾ إلَخِ، اتَّبِعْ أنْتَ وأصْحابُكَ وقِيلَ: لِلْغائِبِينَ مِنَ الكَفَرَةِ المُنافِقِينَ، وبِطَرِيقِ الِالتِفاتِ ولا يَخْفى بُعْدُهُ. نَعَمْ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِلْكُلِّ عَلى ضَرْبٍ مِنَ التَّغْلِيبِ، وأيًّا ما كانَ، فالجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ، وتَأْكِيدٌ لِمُوجَبِهِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ عَلى الأوَّلِ: إنَّ اللَّهَ تَعالى يَعْلَمُ بِما تَعْمَلُ، فَيُرْشِدُكَ إلى ما فِيهِ الصَّلاحُ، فَلا بُدَّ مِنَ اتِّباعِ الوَحْيِ والعَمَلِ بِمُقْتَضاهُ حَتْمًا، وعَلى الثّانِي أنَّ اللَّهَ تَعالى خَبِيرٌ بِما يَعْمَلُ الكَفَرَةُ والمُنافِقُونَ مِنَ الكَيْدِ، والمَكْرِ، فَيَأْمُرُكَ سُبْحانَهُ بِما يَدْفَعُهُ، فَلا بُدَّ مِنَ اتِّباعِ ما يُوحِيهِ جَلَّ وعَلا إلَيْكَ، وعَلى الثّالِثِ أنَّ اللَّهَ تَعالى خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُ، ويَعْمَلُ الكَفَرَةُ، والمُنافِقُونَ، فَيُرْشِدُكَ إلى ما فِيهِ صَلاحُ حالِكَ ويُطْلِعُكَ عَلى كَيْدِهِمْ ومَكْرِهِمْ، ويَأْمُرُكَ جَلَّ شَأْنُهُ بِما يَدْفَعُ ذَلِكَ ويَرُدُّهُ، فَلا بُدَّ مِنَ اتِّباعِ وحْيِهِ تَعالى والعَمَلِ بِمُوجَبِهِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو «يَعْمَلُونَ» بِياءِ الغَيْبَةِ عَلى أنَّ الضَّمِيرَ لِلْكَفَرَةِ والمُنافِقِينَ. وجُوِّزَ كَوْنُهُ عامًّا فَلا تَغْفُلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب