الباحث القرآني

﴿أمّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهم جَنّاتُ المَأْوى﴾ تَفْصِيلٌ لِمَراتِبِ الفَرِيقَيْنِ بَعْدَ نَفْيِ اسْتِوائِهِما، وقِيلَ: بَعْدَ ذِكْرِ أحْوالِهِما في الدُّنْيا، وأُضِيفَتِ الجِنانُ إلى المَأْوى لِأنَّها المَأْوى، والمَسْكَنُ الحَقِيقِيُّ، والدُّنْيا مَنزِلٌ مُرْتَحَلٌ عَنْهُ، لا مَحالَةَ، وقِيلَ: المَأْوى عَلَمٌ لِمَكانٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الجِنانِ كَعَدْنٍ، وقِيلَ: جَنَّةُ المَأْوى لِما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّها تَأْوِي إلَيْها أرْواحُ الشُّهَداءِ، ورُوِيَ أنَّها عَنْ يَمِينِ العَرْشِ، ولا يَخْفى ما في جَعْلِهِ عَلَمًا مِنَ البُعْدِ، وأيًّا ما كانَ فَلا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ فِيهِ رَمْزٌ إلى ما ذُكِرَ مِن تَجافِيهِمْ عَنْ مَضاجِعِهِمُ الَّتِي هي مَأْواهم في الدُّنْيا. وقَرَأ طَلْحَةُ «جَنَّةُ المَأْوى» بِالإفْرادِ، ﴿نُزُلا﴾ أيْ ثَوابًا، وهو في الأصْلِ ما يُعَدُّ لِلنّازِلِ مِنَ الطَّعامِ، والشَّرابِ، والصِّلَةِ، ثُمَّ عَمَّ كَلَّ عَطاءٍ، وانْتِصابُهُ عَلى أنَّهُ حالٌ مِن ( جَنّاتُ )، والعامِلُ فِيهِ الظَّرْفُ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ جَمْعَ نازِلٍ فَيَكُونَ حالًا مِن ضَمِيرِ ( الَّذِينَ آمَنُوا )، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ «نُزْلًا» بِإسْكانِ الزّايِ كَما في قَوْلِهِ: ؎وكُنّا إذا الجَبّارُ بِالجَيْشِ ضافَنا جَعَلْنا القَنا والمُرْهَفاتِ لَهُ نُزْلا ﴿بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أيْ بِسَبَبِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَهُ في الدُّنْيا مِنَ الأعْمالِ الصّالِحَةِ عَلى أنَّ (ما) مَوْصُولَةٌ، والعائِدَ مَحْذُوفٌ، والباءَ سَبَبِيَّةٌ، وكَوْنُ ذَلِكَ سَبَبًا بِمُقْتَضى فَضْلِهِ تَعالى ووَعْدِهِ عَزَّ وجَلَّ، فَلا يُنافِي حَدِيثَ ««لا يَدْخُلُ أحَدُكُمُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ»» ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الباءُ لِلْمُقابَلَةِ، والمُعارَضَةِ، كَعَلى في نَحْوِ: بِعْتُكَ الدّارَ عَلى ألْفِ دِرْهَمٍ، أيْ فَلَهم ذَلِكَ عَلى الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب