الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَجْرُورِ أوِ المُسْتَتِرِ في ( لَهم ) بِناءً عَلى أنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، أوْ مِن ( جَنّاتُ ) بِناءً عَلى أنَّهُ فاعِلُ الظَّرْفِ لِاعْتِمادِهِ بِوُقُوعِهِ خَبَرًا والعامِلُ ما تَعَلَّقَ بِهِ اللّامُ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما «خالِدُونَ» بِالواوِ، وهو بِتَقْدِيرِ هُوَ، ﴿وعْدَ اللَّهِ﴾ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِنَفْسِهِ أيْ لِما هو كَنَفْسِهِ، وهي الجُمْلَةُ الصَّرِيحَةُ في مَعْناهُ، أعْنِي قَوْلَهُ تَعالى: ﴿لَهم جَنّاتُ النَّعِيمِ﴾ فَإنَّهُ صَرِيحٌ في الوَعْدِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَقًّا﴾ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِتِلْكَ الجُمْلَةِ أيْضًا، إلّا أنَّهُ يُعَدُّ مُؤَكِّدًا لِغَيْرِهِ، إذْ لَيْسَ كُلُّ وعْدٍ حَقًّا في نَفْسِهِ. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مُؤَكِّدًا لِوَعْدِ اللَّهِ المُؤَكَّدِ، وأنْ يَكُونَ مُؤَكِّدًا لِتِلْكَ الجُمْلَةِ مَعْدُودًا مِنَ المُؤَكِّدِ لِنَفْسِهِ بِناءً عَلى دِلالَتِها عَلى التَّحْقِيقِ والثَّباتِ مِن أوْجُهٍ عِدَّةٍ، وهو بَعِيدٌ. وفي الكَشْفِ: لا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأنَّ الأخْبارَ المُؤَكَّدَةَ لا تَخْرُجُ عَنِ احْتِمالِ البُطْلانِ فَتَأْمَّلْ، ﴿وهُوَ العَزِيزُ﴾ الَّذِي لا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ لِيُمْنَعَ مِن إنْجازِ وعْدِهِ وتَحْقِيقِ وعِيدِهِ، ﴿الحَكِيمُ﴾ الَّذِي لا يَفْعَلُ إلّا ما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ والمَصْلَحَةُ، ويُفْهَمُ هَذا الحَصْرُ مِنَ الفَحْوى، والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ لِحَقِّيَّةِ وعْدِهِ تَعالى المَخْصُوصِ بِمَن ذَكَرَ المُومِي إلى الوَعِيدِ لِأضْدادِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب