الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ اسْتِئْنافًا، وإذا أُرِيدَ بِها جَمِيعُ ما يَحْسُنُ مِنَ الأعْمالِ، وكانَ تَخْصِيصُ المَذْكُوراتِ بِالذِّكْرِ لِفَضْلِ اعْتِدادٍ بِها يَكُونُ المَوْصُولُ مُبْتَدَأً، وجُمْلَةُ ( أُولَئِكَ عَلى هُدىً ) إلَخْ، خَبَرَهُ، والكَلامُ اسْتِئْنافٌ بِذِكْرِ الصِّفَةِ المُوجِبَةِ لِلِاسْتِهْلالِ. وقِيلَ: إنَّ المَوْصُولَ عَلى التَّقْدِيرَيْنِ صِفَةٌ إلّا أنَّهُ عَلى التَّقْدِيرِ الأوَّلِ كاشِفَةٌ، وعَلى التَّقْدِيرِ الثّانِي صِفَةٌ مادِحَةٌ لِلْوَصْفِ لا لِلْمَوْصُوفِ، وبِناءُ ( يُوقِنُونَ ) عَلى ( هم ) لِلتَّقْوى، وأُعِيدَ الضَّمِيرُ لِلتَّأْكِيدِ، ولِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِ ( بِالآخِرَةِ ) خَبَرًا وجَبْرًا لِلْفَصْلِ بَيْنَ المُبْتَدَإ وخَبَرِهِ، ولَمْ يُؤَخَّرِ الفاصِلُ لِلْفاصِلَةِ. وذَكَرَ بَعْضُ أجِلَّةِ المُفَسِّرِينَ في قَوْلِهِ تَعالى أوَّلَ سُورَةِ البَقَرَةِ: ﴿وبِالآخِرَةِ هم يُوقِنُونَ﴾ إنَّ بِناءَ ( يُوقِنُونَ ) عَلى ( هم ) يَدُلُّ عَلى أنَّ مُقابِلِيهِمْ لَيْسُوا مِنَ اليَقِينِ في ظِلٍّ ولا فَيْءٍ، وأنَّ تَقْدِيمَ «فِي الآخِرَةِ» يَدُلُّ عَلى أنَّ ما عَلَيْهِ مُقابِلُوهم لَيْسَ مِنَ الآخِرَةِ في شَيْءٍ، وذَلِكَ لِإفادَةِ تَقْدِيمِ الفاعِلِ المَعْنَوِيِّ وتَقْدِيمِ الجارِّ عَلى مُتَعَلِّقِهِ الِاخْتِصاصَ، فانْظُرْ هَلْ يَتَسَنّى نَحْوُ ذَلِكَ هُنا، وقَدْ مَرَّ أوَّلَ سُورَةِ البَقَرَةِ ما يُعْلَمُ مِنهُ وجْهُ اخْتِيارِ اسْمِ الإشارَةِ، ووَجْهُ تَكْرارِهِ، وفي الآيَةِ كَلامٌ بَعْدُ لا يَخْفى عَلى مَن راجَعَ ما ذَكَرُوهُ مِنَ الكَلامِ عَلى ما يُشْبِهُها هُناكَ وتَأمَّلَ فَراجِعْ وتَأمَّلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب