الباحث القرآني

﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾ أيْ إذْ يَقَعُ ذَلِكَ مِن إقْسامِ الكُفّارِ وقَوْلِ أُولِي العِلْمِ لَهم لا ﴿يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ﴾ أيْ عُذْرُهم. وقَرَأ الأكْثَرُ «تَنْفَعُ» بِالتّاءِ مُحافَظَةً عَلى ظاهِرِ الأمْرِ لِلَّفْظِ، وإنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُما فاصِلٌ، ﴿ولا هم يُسْتَعْتَبُونَ﴾ الِاسْتِعْتابُ طَلَبُ العُتْبى، وهي الِاسْمُ مِنَ الإعْتابِ، بِمَعْنى إزالَةِ العَتَبِ كالعَطاءِ والِاسْتِعْطاءِ، أيْ لا يُطْلَبُ مِنهم إزالَةُ عَتَبِ اللَّهِ تَعالى، والمُرادُ بِهِ غَضَبُهُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِمْ بِالتَّوْبَةِ والطّاعَةِ، فَإنَّهُ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِمُ العَذابُ، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: أيْ لا يُقالُ: أرْضُوا رَبَّكم بِتَوْبَةٍ وطاعَةٍ كَما كانَ يُقالُ لَهم ذَلِكَ في الدُّنْيا، وقِيلَ: أيْ لا يَسْتَقِيلُونَ فَيُسْتَقالُونَ بِرَدِّهِمْ إلى الدُّنْيا. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هَذا إخْبارٌ عَنْ هَوْلِ يَوْمِ القِيامَةِ وشِدَّةِ أحْوالِهِ عَلى الكَفَرَةِ بِأنَّهم لا يَنْفَعُهُمُ الِاعْتِذارُ ولا يُعْطَوْنَ عُتْبى وهي الرِّضا ﴿يُسْتَعْتَبُونَ﴾ بِمَعْنى يَعْتِبُونَ، كَما تَقُولُ: يَمْلِكُ ويَسْتَمْلِكُ، والبابُ في اسْتَفْعَلَ أنَّهُ طَلَبُ الشَّيْءِ، ولَيْسَ هَذا مِنهُ، لِأنَّ المَعْنى يَفْسَدُ إذا كانَ المَفْهُومُ مِنهُ ولا يُطْلَبُ مِنهم عُتْبى انْتَهى، فَجَعَلَ اسْتَفْعَلَ بِمَعْنى فَعَلَ. وحاصِلُ المَعْنى عَلَيْهِ عَلى ما في البَحْرِ: هم مِنَ الإهْمالِ، وعَدَمِ الِالتِفاتِ إلَيْهِمْ بِمَنزِلَةِ مَن لا يُؤَهَّلُ لِلْعَتَبِ، وقِيلَ: المَعْنى عَلَيْهِ: هم لا يُعاتَبُونَ عَلى سَيِّئاتِهِمْ بَلْ يُعاقَبُونَ، وما ذَكَرْناهُ أوَّلًا هو الَّذِي يَنْبَغِي أنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، ويا لَيْتَ شِعْرِي أيْنَ ما ادَّعاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ مِنَ الفَسادِ، إذا كانَ المَفْهُومُ مِنهُ لا يُطْلَبُ مِنهم عُتْبى عَلى ما سَمِعْتَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب