الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ تَعْلِيلٌ لِما يُفْهَمُ مِنَ الكَلامِ السّابِقِ، كَأنَّهُ قِيلَ: لا تَحْزَنْ لِعَدَمِ اهْتِدائِهِمْ بِتَذْكِيرِكَ فَإنَّكَ إلَخْ، وفي الكَشْفِ: اعْلَمْ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ﴾ كَلامٌ سَبَقَ مُقَرِّرٌ لِما فُهِمَ (p-55)مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ رُسُلا إلى قَوْمِهِمْ﴾ [الرُّومُ: 47] الآيَةَ، لِدِلالَتِهِ عَلى أنَّهُ عَزَّ وجَلَّ يَنْتَقِمُ مِنَ المُكَذِّبِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ويَنْصُرُ مُتابِعِيهِ، فَذَكَرَ فِيهِ مِنَ البَيِّناتِ ما أُجْمِلَ هُنالِكَ، مِمّا يَدُلُّ عَلى القُدْرَةِ والحِكْمَةِ والرَّحْمَةِ، واخْتِيرَ مِنَ الأدِلَّةِ ما يَجْمَعُ الثَّلاثَةَ، وفِيهِ ما يُرْشِدُ إلى تَحْقِيقِ طَرَفَيِ الإيمانِ أعْنِي المَبْدَأ والمَعادَ، وصَرَّحَ بِكُفْرانِهِمْ بِالنِّعْمَةِ وذَمِّهِمْ في الحالاتِ الثَّلاثِ، لِأنَّ ذَلِكَ مِمّا يَعْرِفُهُ أهْلُ الفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ، ويَتَخَلَّقُ بِهِ، وأُدْمِجَ فِيهِ دِلالَتُهُ عَلى المَعادِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ﴾ ولَمّا فَرَغَ مِن حَدِيثِ ذَمِّهِمْ بَنى عَلى هَذا المُدْمَجِ، وما دَلَّ عَلَيْهِ سِياقُ الكَلامِ مِن تَمادِيهِمْ في الضَّلالَةِ مِثْلَ هَذِهِ البَيِّناتِ الَّتِي لا أتَمَّ مِنها في الدِّلالَةِ، فَقالَ سُبْحانَهُ: ﴿فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ﴾ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَهم مُسْلِمُونَ﴾ وفِيهِ أنَّهم إذًا لا مَحالَةَ مِنَ الَّذِينَ يَنْتَقِمُ مِنهُمْ، وأنَّكَ وأشْياعَكَ مِنَ المَنصُورِينَ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ اهـ، فَتَأمَّلْهُ مَعَ ما ذَكَرْنا.
وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ في هَذِهِ الجُمْلَةِ خالِيَةً عَنِ الفاءِ في سُورَةِ النَّمْلِ، وكَذا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إذا ولَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ ﴿وما أنْتَ بِهادِ العُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إنْ تُسْمِعُ إلا مَن يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهم مُسْلِمُونَ﴾ بَيْدَ أنّا نَذْكُرُ هُنا ما ذَكَرَهُ الأجِلَّةُ في سَماعِ المَوْتى وفاءً بِما وعَدْنا هُنالِكَ، فَنَقُولُ ومِنَ اللَّهِ تَعالى التَّوْفِيقُ: نُقِلَ عَنِ العَلّامَةِ ابْنِ الهُمامِ أنَّهُ قالَ: أكْثَرُ مَشايِخِنا عَلى أنَّ المَيِّتَ لا يَسْمَعُ اسْتِدْلالًا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ ونَحْوِها، يَعْنِي مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما أنْتَ بِمُسْمِعٍ مَن في القُبُورِ﴾ [فاطِرٌ: 22]، ولِذا لَمْ يَقُولُوا بِتَلْقِينِ القَبْرِ، وقالُوا: لَوْ حَلَفَ لا يُكَلِّمُ فُلانًا فَكَلَّمَهُ مَيِّتًا لا يَحْنَثُ، وحَكى السَّفارِينِيُّ في البُحُورِ الزّاخِرَةِ أنَّ عائِشَةَ ذَهَبَتْ إلى نَفْيِ سَماعِ المَوْتى، ووافَقَها طائِفَةٌ مِنَ العُلَماءِ عَلى ذَلِكَ، ورَجَّحَهُ القاضِي أبُو يَعْلى مِن أكابِرِ أصْحابِنا - يَعْنِي الحَنابِلَةَ - في كِتابِهِ الجامِعِ الكَبِيرِ، واحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ ونَحْوِهِ، وذَهَبَتْ طَوائِفُ مِن أهْلِ العِلْمِ إلى سَماعِهِمْ في الجُمْلَةِ.
وقالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: إنَّ الأكْثَرِينَ عَلى ذَلِكَ، وهو اخْتِيارُ ابْنِ جَرِيرٍ والطَّبَرِيِّ، وكَذا ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وغَيْرُهُ، واحْتَجُّوا بِما في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أنَسٍ، عَنْ أبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما قالَ: ««لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ وظَهَرَ عَلَيْهِمْ - يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ - رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أمَرَ بِبِضْعَةٍ وعِشْرِينَ رَجُلًا، وفي رِوايَةٍ: أرْبَعٍ وعِشْرِينَ رَجُلًا مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ، فَأُلْقُوا في طَوًى أيْ بِئْرٍ مِن أطْواءِ بَدْرٍ، وأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ناداهُمْ: يا أبا جَهْلِ بْنَ هِشامٍ، يا أُمَيَّةُ بْنَ خَلَفٍ، يا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، ألَيْسَ قَدْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ رَبُّكم حَقًّا، فَإنِّي قَدْ وجَدْتُ ما وعَدَ رَبِّي حَقًّا؟ فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما تُكَلِّمُ مِن أجْسادٍ لا أرْواحَ لَها، فَقالَ: والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، ما أنْتُمْ بِأسْمَعَ لِما أقُولُ مِنهُمْ،» زادَ في رِوايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أنَسٍ ««ولَكِنَّهم لا يَقْدِرُونَ أنْ يُجِيبُوا»»
وبِما أخْرَجَهُ أبُو الشَّيْخِ مِن مُرْسَلِ عُبَيْدِ بْنِ مَرْزُوقٍ قالَ: ««كانَتِ امْرَأةٌ بِالمَدِينَةِ تَقُمُّ المَسْجِدَ فَماتَتْ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِها النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَمَرَّ عَلى قَبْرِها، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ما هَذا القَبْرُ؟ فَقالُوا: أُمُّ مِحْجَنٍ، قالَ: الَّتِي كانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ؟ قالُوا: نَعَمْ، فَصَفَّ النّاسَ فَصَلّى عَلَيْها، فَقالَ ﷺ: أيُّ العَمَلِ وجَدْتِ أفْضَلَ؟ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ أتَسْمَعُ؟ قالَ: ما أنْتُمْ بِأسْمَعَ مِنها، فَذَكَرَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّها أجابَتْهُ، قَمُّ المَسْجِدِ»»
وبِما رَواهُ البَيْهَقِيُّ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ وقَفَ عَلى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وعَلى أصْحابِهِ حِينَ رَجَعَ مِن أُحُدٍ فَقالَ: «أشْهَدُ أنَّكم أحْياءٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى فَزُورُوهُمْ، وسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ، فَوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أحَدٌ إلّا رَدُّوا عَلَيْهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ»»
وبِما أخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وقالَ عَبْدُ الحَقِّ الإشْبِيلِيُّ: إسْنادُهُ صَحِيحٌ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا: ««ما مِن أحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أخِيهِ المُؤْمِنِ (p-56)كانَ يَعْرِفُهُ في الدُّنْيا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلّا عَرَفَهُ ورَدَّ عَلَيْهِ»»
وبِما أخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى قالَ: ««الرُّوحُ بِيَدِ مَلَكٍ يَمْشِي بِهِ مَعَ الجِنازَةِ، يَقُولُ لَهُ: أتَسْمَعُ ما يُقالُ لَكَ؟ فَإذا بَلَغَ حُفْرَتَهُ دَفَنَهُ مَعَهُ»»
وبِما في الصَّحِيحَيْنِ مِن قَوْلِهِ ﷺ: ««إنَّ العَبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتَوَلّى عَنْهُ أصْحابُهُ أنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعالِهِمْ»»
وأجابُوا عَنِ الآيَةِ فَقالَ السُّهَيْلِيُّ:
إنَّها كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَأنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أوْ تَهْدِي العُمْيَ﴾ أيْ إنَّ اللَّهَ تَعالى هو الَّذِي يُسْمِعُ ويَهْدِي.
وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: إنَّ مَعْناها لا تُسْمِعُهم إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ تَعالى، أوْ لا تُسْمِعُهم سَماعًا يَنْفَعُهُمْ، وقَدْ يُنْفى الشَّيْءُ لِانْتِفاءِ فائِدَتِهِ وثَمَرَتِهِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ والإنْسِ لَهم قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ولَهم أعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها﴾ [الأعْرافُ: 279] الآيَةَ، وهَذا التَّأْوِيلُ يَجُوزُ أنْ يُعْتَبَرَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ﴾ ويَكُونُ نُكْتَةُ العُدُولِ عَنْ - فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى ولا الصُّمَّ - إلى ما في النَّظْمِ الجَلِيلِ العِنايَةُ بِنَفْيِ الإسْماعِ، ويَجُوزُ أنْ لا يُعْتَبَرَ فِيهِ، ويَبْقى الكَلامُ عَلى ظاهِرِهِ، ويَكُونُ نُكْتَةُ العُدُولِ الإشارَةَ إلى أنْ لا ( تُسْمِعُ ) في كُلٍّ مِنَ الجُمْلَتَيْنِ بِمَعْنًى.
وقالَ الذّاهِبُونَ إلى عَدَمِ سَماعِهِمُ: الأصْلُ عَدَمُ التَّأْوِيلِ، والتَّمَسُّكُ بِالظّاهِرِ إلى أنْ يَتَحَقَّقَ ما يَقْتَضِي خِلافَهُ، وأجابُوا عَنْ كَثِيرٍ مِمّا اسْتَدَلَّ بِهِ الآخَرُونَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ ما وقَعَ في حَدِيثِ أبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً لَهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وهو مُرادُ مَن قالَ: إنَّهُ مِن خُصُوصِيّاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهي مِن خَوارِقِ العادَةِ، والكَلامُ في مُوافِقِها وهو الَّذِي نُفِيَ في آيَةِ ﴿فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ ونَحْوِها.
وفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ««ما أنْتُمْ بِأسْمَعَ لِما أقُولُ مِنهُمْ»»
دُونَ ما أنْتُمْ بِأسْمَعَ لِما يُقالُ ونَحْوِهِ مِنهُمْ، تَأْيِيدُ ما لِذَلِكَ، وحَدِيثُ أبِي الشَّيْخِ مُرْسَلٌ وحُكْمُ الِاسْتِدْلالِ بِهِ مَعْرُوفٌ، عَلى أنَّ احْتِمالَ الخُصُوصِيَّةِ قائِمٌ فِيهِ أيْضًا: وفي صَحِيحِ البُخارِيِّ قالَ قَتادَةُ: أحْياهُمُ اللَّهُ تَعالى يَعْنِي أهْلَ الطَّوى، حَتّى أسْمَعَهم قَوْلَهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَوْبِيخًا وتَصْغِيرًا ونِقْمَةً وحَسْرَةً ونَدَمًا، ويُؤَيِّدُ ما أخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: ««وقَفَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلى قَلِيبِ بَدْرٍ، فَقالَ: هَلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَكم رَبُّكم حَقًّا؟ ثُمَّ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنَّهُمُ الآنَ يَسْمَعُونَ ما أقُولُ»»
حَيْثُ قَيَّدَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَماعَهم بِالآنَ، وإذا قُلْنا بِأنَّ المَيِّتَ يُسْألُ سَبْعَةَ أيّامٍ في قَبْرِهِ مُؤْمِنًا كانَ أوْ مُنافِقًا أوْ كافِرًا، وإنَّهُ حِينَ السُّؤالِ تُعادُ إلَيْهِ رُوحُهُ، كانَ لَكَ أنْ تَقُولَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ خِطابُ أهْلِ القَلِيبِ حِينَ إعادَةِ أرْواحِهِمْ إلى أبْدانِهِمْ لِلسُّؤالِ، فَإنَّهُ كَما في حَدِيثٍ أخْرَجَهُ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ كانَ في اليَوْمِ الثّالِثِ مِن قَتْلِهِمْ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ خِطابُهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأُمِّ مِحْجَنٍ كانَ وقْتَ السُّؤالِ، بِأنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ سَبْعَةِ أيّامٍ عَلَيْها، وعَلَيْهِ لا يَكُونُ سَماعُهم مِنَ المُتَنازَعِ فِيهِ، لِأنَّهم حِينَ سَمِعُوا أحْياءً لا مَوْتى، ويَرُدُّ عَلى هَذا «أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ قالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ما تُكَلِّمُ مِن أجْسادٍ لا أرْواحَ لَها؟ ولَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، بَلْ قالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَهُ: «ما أنْتُمْ بِأسْمَعَ لِما أقُولُ مِنهُمْ»»
ولَوْ كانَ الأمْرُ كَما قالَ قَتادَةُ، لَكانَ الظّاهِرُ أنْ يَقُولَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: لَيْسَ الأمْرُ كَما تَقُولُ، إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أحْياهم لِي، أوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وعائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها أنْكَرَتْ ما وقَعَ في الحَدِيثِ مِمّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلى المَقْصُودِ.
فَفِي صَحِيحِ البُخارِيِّ عَنْ هِشامٍ، عَنْ أبِيهِ، قالَ: «ذُكِرَ عِنْدَ عائِشَةَ أنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «إنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ، فَقالَتْ: (p-57)وهِمَ ابْنُ عُمَرَ، إنَّما قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «إنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وذَنْبِهِ، وإنَّ أهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الآنَ» قالَتْ: وذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ قامَ عَلى القَلِيبِ، وفِيهِ قَتْلى بَدْرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَقالَ لَهم ما قالَ، إنَّهم لَيَسْمَعُونَ ما أقُولُ إنَّما قالَ: «إنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أنَّ ما كُنْتُ أقُولُ لَهم حَقٌّ» ثُمَّ قَرَأتْ: ﴿فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ ﴿وما أنْتَ بِمُسْمِعٍ مَن في القُبُورِ﴾،» وتَعَقَّبَ ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ فَقالَ: عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها لَمْ تَحْضُرْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَغَيْرُها مِمَّنْ حَضَرَ أحْفَظُ لِلَفْظِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
وقَدْ قالُوا لَهُ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، أتُخاطِبُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا؟ فَقالَ ما أنْتُمْ بِأسْمَعَ لِما أقُولُ مِنهم».
قالُوا: وإذا جازَ أنْ يَكُونُوا في تِلْكَ الحالَةِ عالِمِينَ، يَعْنِي كَما تَقُولُ عائِشَةُ جازَ أنْ يَكُونُوا سامِعِينَ اهـ، هو كَلامٌ قَوِيٌّ، ولا يَقْدَحُ عَدَمُ حُضُورِها في رِوايَتِها، لِأنَّهُ مُرْسَلُ صَحابِيٍّ، وهو مَحْمُولٌ عَلى أنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِمَّنْ حَضَرَهُ، أوْ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ولَوْ كانَ ذَلِكَ قادِحًا في رِوايَتِها لَقَدَحَ في رِوايَةِ ابْنِ عُمَرَ السّابِقَةِ، فَإنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ أيْضًا، ولا مانِعَ مِن أنْ يَكُونَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ اللَّفْظَيْنِ جَمِيعًا، فَإنَّهُ كَما عُلِمَ مِن كَلامِ السُّهَيْلِيِّ لا تَعارُضَ بَيْنَهُما، وقالَ بَعْضُهم فِيما رَواهُ البَيْهَقِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وغَيْرُهُما: إنّا لا نُسَلِّمُ صِحَّتَهُ، وتَصْحِيحُ الحاكِمِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الِاعْتِبارِ، وإنْ سَلَّمْنا صِحَّتَهُ نَلْتَزِمُ القَوْلَ بِأنَّ المَوْتى الَّذِينَ لا يَسْمَعُونَ هم مَن عَدا الشُّهَداءِ، أمّا الشُّهَداءُ فَيَسْمَعُونَ في الجُمْلَةِ لِامْتِيازِهِمْ عَلى سائِرِ المَوْتى بِما أُخْبِرَ عَنْهم مِن أنَّهم أحْياءٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وقِيلَ في حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ: إنَّ عَبْدَ الحَقِّ، وإنْ قالَ إسْنادُهُ صَحِيحٌ، إلّا أنَّ الحافِظَ ابْنَ رَجَبٍ تَعَقَّبَهُ، وقالَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ، بَلْ مُنْكَرٌ، وفي حَدِيثِ ابْنِ أبِي الدُّنْيا: إنَّهُ عَلى تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ لا يَثْبُتُ المَطْلُوبُ، لِأنَّ خِطابَ المَلَكِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِلرُّوحِ الَّذِي بِيَدِهِ، وهو لَيْسَ بِمَيِّتٍ، وفي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ مِن سَماعِ العَبْدِ قَرْعَ نِعالِ أصْحابِهِ إذا دَفَنُوهُ وانْصَرَفُوا عَنْهُ، إنَّهُ إذْ ذاكَ تَعُودُ إلَيْهِ رُوحُهُ لِلسُّؤالِ، فَيَسْمَعُ، وهو حَيٌّ، والجُمْهُورُ عَلى عَوْدِ الرُّوحِ إلى الجَسَدِ، أوْ بَعْضِهِ وقْتَ السُّؤالِ، عَلى وجْهٍ لا يُحِسُّ بِهِ أهْلُ الدُّنْيا إلّا مَن شاءَ اللَّهُ تَعالى مِنهُمْ، ووَراءَ ذَلِكَ مَذاهِبُ، فَمَذْهَبُ ابْنِ جَرِيرٍ، وجَماعَةٍ مِنَ الكَرامِيَّةِ أنَّ السُّؤالَ في القَبْرِ عَلى البَدَنِ فَقَطْ، وأنَّ اللَّهَ تَعالى يَخْلُقُ فِيهِ إدْراكًا بِحَيْثُ يَسْمَعُ ويَعْلَمُ ويَلَذُّ ويَأْلَمُ، وعَلى هَذا المَذْهَبِ يُمْكِنُ أنْ يُقالَ نَحْوُ ما قِيلَ عَلى الأوَّلِ، ومَذْهَبُ ابْنِ حَزْمٍ، وابْنِ مَيْسَرَةَ: إنَّهُ عَلى الرُّوحِ فَقَطْ، ومَذْهَبُ أبِي الهُذَيْلِ وأتْباعِهِ أنَّ المَيِّتَ لا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ أصْلًا إلّا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، والحَقُّ أنَّ المَوْتى يَسْمَعُونَ في الجُمْلَةِ، وهَذا عَلى أحَدِ وجْهَيْنِ، أوَّلُهُما أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ في بَعْضِ أجْزاءِ المَيِّتِ قُوَّةً يَسْمَعُ بِها مَتى شاءَ اللَّهُ تَعالى السَّلامَ ونَحْوَهُ مِمّا يَشاءُ اللَّهُ سُبْحانَهُ سَماعَهُ إيّاهُ، ولا يَمْنَعُ مِن ذَلِكَ كَوْنُهُ تَحْتَ أطْباقِ الثَّرى، وقَدِ انْحَلَّتْ مِنهُ هاتِيكَ البِنْيَةُ وانْفَصَمَتِ العُرى، ولا يَكادُ يَتَوَقَّفُ في قَبُولِ ذَلِكَ مَن يُجَوِّزُ أنْ يَرى أعْمى الصِّينِ بَقَّةَ أنْدَلُسَ، وثانِيهِما أنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّماعُ لِلرُّوحِ بِلا وساطَةِ قُوَّةٍ في البَدَنِ، ولا يَمْتَنِعُ أنْ تَسْمَعَ بَلْ أنْ تُحِسَّ وتُدْرِكَ مُطْلَقًا بَعْدَ مُفارَقَتِها البَدَنَ بِدُونِ وساطَةِ قُوًى فِيهِ، وحَيْثُ كانَ لَها عَلى الصَّحِيحِ تَعَلُّقٌ لا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ وكَيْفِيَّتَهُ إلّا اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِالبَدَنِ كُلِّهِ أوْ بَعْضِهِ بَعْدَ المَوْتِ، وهو غَيْرُ التَّعَلُّقِ بِالبَدَنِ الَّذِي كانَ لَها قَبْلَهُ، أجْرى اللَّهُ سُبْحانَهُ عادَتَهُ بِتَمْكِينِها مِنَ السَّمْعِ، وخَلَقَهُ لَها عِنْدَ زِيارَةِ القَبْرِ، وكَذا عِنْدَ حَمْلِ البَدَنِ إلَيْهِ، وعِنْدَ الغُسْلِ مَثَلًا، ولا يَلْزَمُ مِن وُجُودِ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ والقَوْلِ بِوُجُودِ قُوَّةِ السَّمْعِ ونَحْوِهِ فِيها نَفْسِها أنْ تَسْمَعَ كُلَّ مَسْمُوعٍ لِما أنَّ السَّماعَ مُطْلَقًا، وكَذا سائِرُ (p-58)الإحْساساتِ، لَيْسَ إلّا تابِعًا لِلْمَشِيئَةِ، فَما شاءَ اللَّهُ تَعالى كانَ، وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَيَقْتَصِرُ عَلى القَوْلِ بِسَماعِ ما ورَدَ السَّمْعُ بِسَماعِهِ مِنَ السَّلامِ ونَحْوِهِ، وهَذا الوَجْهُ الَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي، ولا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التِزامُ القَوْلِ بِأنَّ أرْواحَ المَوْتى مُطْلَقًا في أفْنِيَةِ القُبُورِ، لِما أنَّ مَدارَ السَّماعِ عَلَيْهِ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعالى، والتَّعَلُّقُ الَّذِي لا يَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ وحَقِيقَتَهُ إلّا هو عَزَّ وجَلَّ، فَلْتَكُنِ الرُّوحُ حَيْثُ شاءَتْ، أوْ لا تَكُنْ في مَكانٍ كَما هو رَأْيُ مَن يَقُولُ بِتَجَرُّدِها.
ويُؤْخَذُ مِن كَلامٍ ذَكَرَهُ العارِفُ ابْنُ مَرْجانَ في شَرْحِ أسْماءِ اللَّهِ تَعالى الحُسْنى تَحْقِيقٌ عَلى وجْهٍ آخَرَ، وهو أنَّ لِلشَّخْصِ نَفْسًا مُبَرَّأةً مِن باطِنِ ما خُلِقَ مِنهُ الجِسْمُ، وهي رُوحُ الجِسْمِ، ورُوحًا أوْجَدَها اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى مِن باطِنِ ما بَرَأ مِنهُ النَّفْسَ، وهي لِلنَّفْسِ بِمَنزِلَةِ النَّفْسِ لِلْجِسْمِ، فالنَّفْسُ حِجابُها، وبَعْدَ المُفارَقَةِ في العَبْدِ المُؤْمِنِ تُجْعَلُ الحَقِيقَةُ الرُّوحانِيَّةُ عامِرَةَ العُلُوِّ مِنَ السَّماءِ الدُّنْيا إلى السَّماءِ السّابِعَةِ، بَلْ إلى حَيْثُ شاءَ اللَّهُ تَعالى مِنَ العُلُوِّ في سُرُورٍ ونَعِيمٍ، وتُجْعَلُ الحَقِيقَةُ النَّفْسانِيَّةُ عامِرَةَ السُّفْلِ مِن قَبْرِهِ إلى حَيْثُ شاءَ اللَّهُ تَعالى مِنَ الجَوِّ، ولِذَلِكَ «لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُوسى قائِمًا يُصَلِّي في قَبْرِهِ، وإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قَبْلَ صُعُودِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى السَّماءِ، ولَقِيَهُما عَلَيْهِما السَّلامُ بَعْدَ الصُّعُودِ في السَّماواتِ العُلا،» فَتِلْكَ أرْواحُهُما، وهَذِهِ نُفُوسُهُما، وأجْسادُهُما في قُبُورِهِما، وكَذا يُقالُ في الكافِرِ، إلّا أنَّ الحَقِيقَةَ الرُّوحانِيَّةَ لَهُ لا تَكُونُ عامِرَةَ العُلُوِّ، فَلا تُفْتَحُ لَهم أبْوابُ السَّماءِ، بَلْ تَكُونُ عامِرَةَ دارِ شَقائِها، والعِياذُ بِاللَّهِ تَعالى، وبَيْنَ الحَقِيقَتَيْنِ اتِّصالٌ وبِوَساطَةِ ذَلِكَ، ومَشِيئَتِهِ عَزَّ وجَلَّ يُسْمِعُ مَن سَلَّمَ عَلَيْهِ في قَبْرِهِ السَّلامَ، ولا يَخْتَصُّ السَّماعُ في السَّلامِ عِنْدَ الزِّيارَةِ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ويَوْمَها، وبُكْرَةَ السَّبْتِ، أوْ يَوْمَ الجُمُعَةِ ويَوْمًا قَبْلَها، ويَوْمًا بَعْدَها، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ في السَّلامِ عِنْدَ الزِّيارَةِ مُطْلَقًا، فالمَيِّتُ يُسْمِعُ اللَّهُ تَعالى رُوحَهُ السَّلامَ عَلَيْهِ مِن زائِرِهِ في أيِّ وقْتٍ كانَ، ويُقْدِرُهُ سُبْحانَهُ عَلى رَدِّ السَّلامِ كَما صُرِّحَ في بَعْضِ الآثارِ.
وما أخْرَجَهُ العُقَيْلِيُّ مِن أنَّهم يَسْمَعُونَ السَّلامَ ولا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهُ مَحْمُولٌ عَلى نَفْيِ اسْتِطاعَةِ الرَّدِّ عَلى الوَجْهِ المَعْهُودِ الَّذِي يَسْمَعُهُ الأحْياءُ، وقِيلَ: رَدُّ السَّلامِ وعَدَمُهُ مِمّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الأشْخاصِ، فَرُبَّ شَخْصٍ يُقْدِرُهُ اللَّهُ تَعالى عَلى الرَّدِّ ولا يُثابُ عَلَيْهِ لِانْقِطاعِ العَمَلِ، وشَخْصٍ آخَرَ لا يُقْدِرُهُ عَزَّ وجَلَّ، وعِنْدِي أنَّ التَّعَلُّقَ أيْضًا مِمّا يَتَفاوَتُ قُوَّةً وضَعْفًا بِحَسَبِ الأشْخاصِ، بَلْ وبِحَسَبِ الأزْمانِ أيْضًا، وبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الأخْبارِ والآثارِ المُخْتَلِفَةِ.
وأمّا الجَوابُ عَنِ الآيَةِ الَّتِي الكَلامُ فِيها ونَحْوُها مِمّا يَدُلُّ بِظاهِرِهِ عَلى نَفْيِ السَّماعِ، فَيُعْلَمُ مِمّا تَقَدَّمَ، فَلْيُفْهَمْ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
{"ayahs_start":52,"ayahs":["فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَاۤءَ إِذَا وَلَّوۡا۟ مُدۡبِرِینَ","وَمَاۤ أَنتَ بِهَـٰدِ ٱلۡعُمۡیِ عَن ضَلَـٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن یُؤۡمِنُ بِـَٔایَـٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ"],"ayah":"فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَاۤءَ إِذَا وَلَّوۡا۟ مُدۡبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق