الباحث القرآني
﴿ومِن آياتِهِ أنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ﴾ الجَنُوبَ ومَهَبُّها مِن مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إلى مَطْلَعِ الثُّرَيّا، والصَّبا ومَهَبُّها مِن مَطْلَعِ الثُّرَيّا إلى بَناتِ نَعْشٍ، والشَّمالَ، ومَهَبُّها مِن بَناتِ نَعْشٍ إلى مَسْقَطِ النَّسْرِ الطّائِرِ، فَإنَّها رِياحُ الرَّحْمَةِ، وأمّا الدَّبُورُ، ومَهَبُّها مِن مَسْقَطِ النَّسْرِ الطّائِرِ إلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ فَرِيحُ العَذابِ، وذُكِرَ أنَّ الثَّلاثَةَ الأُوَلَ تُلَقِّحُ السَّحابَ الماطِرَ وتَجْمَعُهُ، فَلِذا كانَتْ رَحْمَةً، وعَنْ أبِي عُبَيْدَةَ: الشَّمالُ عِنْدَ العَرَبِ لِلرَّوْحِ، والجَنُوبُ لِلْأمْطارِ، والأنْداءِ، والصَّبا لِإلْقاحِ الأشْجارِ، والدَّبُورُ لِلْبَلاءِ، وأهْوَنُهُ أنْ تُثِيرَ غُبارًا عاصِفًا يُقْذِي العَيْنَ، وهي أقَلُّهُنَّ هُبُوبًا، ورَوى الطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِن حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ ما كانَ يَفْعَلُهُ، ويَقُولُهُ ﷺ إذا هاجَتْ رِيحٌ: ««اللَّهُمَّ اجْعَلْها رِياحًا ولا تَجْعَلْها رِيحًا»»
وهُوَ مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ الرِّياحَ لِلرَّحْمَةِ، والرِّيحَ لِلْعَذابِ، وفي النِّهايَةِ العَرَبُ تَقُولُ: لا تُلَقَّحُ السَّحابُ إلّا مِن رِياحٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَكَأنَّهُ قالَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْها لِقاحًا لِلسَّحابِ، ولا تَجْعَلْها عَذابًا، ثُمَّ قالَ: وتَحْقِيقُ ذَلِكَ مَجِيءُ الجَمْعِ في آياتِ الرَّحْمَةِ، والواحِدِ في قِصَصِ العَذابِ كالرِّيحِ العَقِيمِ، (ورِيحًا صَرْصَرًا)، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ ذاكَ لِأنَّ الرِّيحَ إذا كانَتْ واحِدَةً جاءَتْ مِن جِهَةٍ واحِدَةٍ فَصَدَمَتْ جِسْمَ الحَيَوانِ والنَّباتِ مِن جِهَةٍ واحِدَةٍ، فَتُؤَثِّرُ فِيهِ أثَرًا أكْثَرَ مِن حاجَتِهِ، فَتَضُرُّهُ ويَتَضَرَّرُ الجانِبُ المُقابِلُ لِعَكْسِ مَمَرِّها، ويَفُوتُهُ حَظُّهُ مِنَ الهَواءِ، فَيَكُونُ داعِيًا إلى فَسادِهِ، بِخِلافِ ما إذا كانَتْ رِياحًا، فَإنَّها تَعُمُّ جَوانِبَ الجِسْمِ، فَيَأْخُذُ كُلُّ جانِبٍ حَظَّهُ، فَيَحْدُثُ الِاعْتِدالَ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ قَدْ تُفْرَدُ الرِّيحُ حَيْثُ لا عَذابَ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يُوسُفُ: 22]، وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ولِسُلَيْمانَ الرِّيحَ﴾ [الأنْبِياءُ: 81]، والحَدِيثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَرَمَزَ السُّيُوطِيُّ لِحُسْنِهِ، وقالَ الحافِظُ الهَيْثَمِيُّ: في سَنَدِهِ حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ، وهو مَتْرُوكٌ، وبَقِيَّةُ رِجالِهِ رِجالُ الصَّحِيحِ، ورَواهُ ابْنُ عَدِيٍّ في الكامِلِ مِن هَذا الوَجْهِ، وأعَلَّهُ بِحُسَيْنٍ المَذْكُورِ، ونُقِلَ تَضْعِيفُهُ عَنْ أحْمَدَ، والنَّسائِيِّ. نَعَمْ إنَّ الحافِظَ عَزاهُ في الفَتْحِ لِأبِي يَعْلى وحْدَهُ عَنْ أنَسٍ رَفَعَهُ، وقالَ: إسْنادُهُ صَحِيحٌ فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، والكِسائِيُّ، والأعْمَشُ «الرِّيحَ» مُفْرَدًا عَلى إرادَةِ مَعْنى الجَمْعِ ولِذا قالَ سُبْحانَهُ: ﴿مُبَشِّراتٍ﴾ أيْ بِالمَطَرِ ﴿ولِيُذِيقَكم مِن رَحْمَتِهِ﴾ يَعْنِي المَنافِعَ التّابِعَةَ لَها كَتَذْرِيَةِ الحُبُوبِ، وتَخْفِيفِ العُفُونَةِ، وسَقْيِ الأشْجارِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اللُّطْفِ والنِّعَمِ، وقِيلَ: الخِصْبُ التّابِعُ لِنُزُولِ المَطَرِ المُسَبَّبِ عَنْها، أوِ الرَّوْحُ الَّذِي هو مَعَ هُبُوبِها، ولا وجْهَ لِلتَّخْصِيصِ، والواوُ لِلْعَطْفِ، والعَطْفُ عَلى عِلَّةٍ مَحْذُوفَةٍ دَلَّ عَلَيْها ( مُبَشِّراتٍ )، أيْ لِيُبَشِّرَكُمْ، ولِيُذِيقَكُمْ، أوْ عَلى ( مُبَشِّراتٍ ) (p-52)بِاعْتِبارِ المَعْنى، فَإنَّ الحالَ قَدْ يُقْصَدُ بِها التَّعْلِيلُ نَحْوُ: أهِنْ زَيْدًا مُسِيئًا، أيْ لِإساءَتِهِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: لِتُبَشِّرَكُمْ، ولِيُذِيقَكُمْ، وكَوْنُهُ مِن عَطْفِ التَّوَهُّمِ تَوَهُّمٌ، أوْ عَلى ( يُرْسِلَ ) بِإضْمارِ فِعْلٍ مُعَلِّلٍ، والتَّقْدِيرُ: ويُرْسِلَها لِيُذِيقَكُمْ، وكَوْنُ التَّقْدِيرِ: ويُجْرِيَ الرِّياحَ لِيُذِيقَكم بَعِيدٌ، قِيلَ: أوْ عَلى جُمْلَةِ (ومِن آياتِهِ) إلَخْ، بِتَقْدِيرِ: ولِيُذِيقَكم أرْسَلَها أوْ فَعَلَ ما فَعَلَ، ولَمْ يَعْتَبِرْهُ بَعْضُهُمْ، لِأنَّ المَقْصُودَ انْدِراجُ الإذاقَةِ في الآياتِ، وقِيلَ: الواوُ زائِدَةٌ، ﴿ولِتَجْرِيَ الفُلْكُ﴾ في البَحْرِ عِنْدَ هُبُوبِها بِأمْرِهِ عَزَّ وجَلَّ، وإنَّما جِيءَ بِهَذا القَيْدِ، لِأنَّ الرِّيحَ قَدْ تَهُبُّ، ولا تَكُونُ مُواتِيَةً، فَلا بُدَّ مِنَ انْضِمامِ إرادَتِهِ تَعالى، وأمْرِهِ سُبْحانَهُ لِلرِّيحِ حَتّى يَتَأتّى المَطْلُوبُ، وقِيلَ: لِلْإشارَةِ إلى أنَّ هُبُوبَها مُواتِيَةً أمْرٌ مِن أُمُورِهِ تَعالى الَّتِي لا يَقْدِرُ عَلَيْها غَيْرُهُ عَزَّ وجَلَّ.
﴿ولِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾ بِتِجارَةِ البَحْرِ، ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ أيْ ولِتَشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ تَعالى فِيما ذَكَرَ.
{"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَن یُرۡسِلَ ٱلرِّیَاحَ مُبَشِّرَ ٰتࣲ وَلِیُذِیقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَلِتَجۡرِیَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











