الباحث القرآني
﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ ﴿ولَهُ الحَمْدُ في السَّماواتِ والأرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ أثَرُ ما بَيْنَ حالِ فَرِيقَيِ المُؤْمِنِينَ العامِلِينَ بِالصّالِحاتِ والكافِرِينَ المُكَذِّبِينَ بِالآياتِ وما لَهُما مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ، أرْشَدَ سُبْحانَهُ إلى ما يُنَجِّي مِنَ الثّانِي، ويُفْضِي إلى الأوَّلِ مِن تَنْزِيهِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ عَنْ كُلِّ ما لا يَلِيقُ بِشَأْنِهِ جَلَّ شَأْنُهُ، ومِن حَمْدِهِ تَعالى والثَّناءِ عَلَيْهِ ووَصْفِهِ بِما هو أهْلُهُ مِنَ الصِّفاتِ الجَمِيلَةِ والشُّؤُونِ الجَلِيلَةِ، وتَقْدِيمُ الأوَّلِ عَلى الثّانِي لِما أنَّ التَّخْلِيَةَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلى التَّحْلِيَةِ مَعَ أنَّهُ أوَّلُ ما يُدْعى إلَيْهِ الَّذِينَ كَفَرُوا المَذْكُورُونَ قَبْلُ بِلا فَصْلٍ، والفاءُ لِتَرْتِيبِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها، وظاهِرُ كَلامِهِمْ أنَّ (سُبْحانَ) هُنا مَنصُوبٌ بِفِعْلِ أمْرٍ مَحْذُوفٍ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: إذا عَلِمْتُمْ ذَلِكَ، أوْ إذا صَحَّ واتَّضَحَ حالُ الفَرِيقَيْنِ، ومَآلُهُما، فَسَبِّحُوا سُبْحانَ اللَّهِ إلَخْ، أيْ نَزِّهُوهُ تَعالى تَنْزِيهَهُ اللّائِقَ بِهِ عَزَّ وجَلَّ في هَذِهِ الأوْقاتِ، قالَ في الكَشْفِ: وفِيهِ إشْكالٌ، لِأنَّ سُبْحانَ اللَّهِ لَزِمَ طَرِيقَةً واحِدَةً لا يَنْصِبُهُ فِعْلُ الأمْرِ لِأنَّهُ إنْشاءٌ مِن نَوْعٍ آخَرَ، والجَوابُ أنَّ ذَلِكَ تَوْضِيحٌ لِلْمَعْنى، وأنَّ وُقُوعَهُ جَوابَ الشَّرْطِ عَلى مِنوالِ: إنْ فَعَلْتَ كَذا، فَنِعْمَ ما فَعَلْتَ، فَإنَّهُ إنْشاءٌ أيْضًا، لَكِنَّهُ نابَ مَنابَ الخَبَرِ، وأبْلَغَ، كَذَلِكَ هو لِإنْشاءِ تَنْزِيهِهِ تَعالى في الأوْقاتِ هَرَبًا مِن وبِيلِ عِقابِهِ، وطَلَبًا لِجَزِيلِ ثَوابِهِ، والشَّرْطُ والجَوابُ مَقُولٌ عَلى ألْسِنَةِ العِبادِ انْتَهى، وفي حَواشِي شَيْخِ زادَهْ أنَّ الأمْرَ بَلِ الجُمْلَةَ الإنْشائِيَّةَ مُطْلَقًا لا يَصِحُّ تَعْلِيقُها بِالشَّرْطِ، لِأنَّ الإنْشاءَ إيقاعُ المَعْنى بِلَفْظٍ يُقارِنُهُ، ولَوْ جازَ تَعْلِيقُهُ لَلَزِمَ تَأخُّرُهُ عَنْ زَمانِ التَّلَفُّظِ، وأنَّهُ غَيْرُ جائِزٍ، وإنَّما المُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ هو الإخْبارُ عَنْ إنْشاءِ التَّمَنِّي والتَّرَجِّي، وإنْشاءُ المَدْحِ والذَّمِّ والِاسْتِفْهامِ ونَحْوِها، فَإذا قُلْتَ: إنْ فَعَلْتُ كَذا غَفَرَ اللَّهُ تَعالى لَكَ، أوْ فَنِعْمَ ما فَعَلْتَ، كانَ المَعْنى: فَقَدْ فَعَلْتَ ما تَسْتَحِقُّ بِسَبَبِهِ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ تَعالى لَكَ أوْ أنْ تُمْدَحَ بِسَبَبِهِ إلّا أنَّ الجُمْلَةَ الإنْشائِيَّةَ أُقِيمَتْ مَقامَهُ لِلْمُبالَغَةِ لِلدِّلالَةِ عَلى الِاسْتِحْقاقِ، فَمَعْنى الآيَةِ إذا كانَ الأمْرُ كَما تَقَرَّرَ فَأنْتُمْ تُسَبِّحُونَ اللَّهَ تَعالى في الأوْقاتِ المَذْكُورَةِ، وهو في مَعْنى الأمْرِ بِالتَّسْبِيحِ فِيها انْتَهى.
ولَعَلَّهُ أظْهَرُ مِمّا في الكَشْفِ، بَلْ لا يَظْهَرُ ما ذُكِرَ فِيهِ مِن دَعْوى أنَّ الشَّرْطَ والجَوابَ مَقُولٌ عَلى ألْسِنَةِ العِبادِ.
ويُوهِمُ كَلامُ بَعْضِهِمْ أنَّ الكَلامَ بِتَقْدِيرِ القَوْلِ حَيْثُ قالَ: كَأنَّهُ قِيلَ: إذا صَحَّ واتَّضَحَ عاقِبَةُ المُطِيعِينَ والعاصِينَ فَقُولُوا: نُسَبِّحُ سُبْحانَ إلَخْ، والمَعْنى فَسَبِّحُوهُ تَسْبِيحًا في الأوْقاتِ، ولا يَخْفى ما فِيهِ، وكَأنِّي بِكَ تَمْنَعُ لُزُومَ سُبْحانَ طَرِيقَةً واحِدَةً، وهي الَّتِي ذُكِرَتْ أوَّلًا، ويَجُوزُ نَصْبُ فِعْلِ الأمْرِ لَها إذا اقْتَضاهُ المَقامُ وأشْعَرَ بِهِ الكَلامُ، ولَكِنْ كَأنَّكَ تَمِيلُ إلى اعْتِبارِ كَوْنِ الجُمْلَةِ خَبَرِيَّةً لَفْظًا إنْشائِيَّةً مَعْنًى، بِأنْ يُرادَ بِها الأمْرُ لِتَوافُقِ جُمْلَةِ ﴿لَهُ الحَمْدُ﴾ فَإنَّها وإنْ كانَتْ خَبَرِيَّةً إلّا أنَّ الإخْبارَ بِثُبُوتِ الحَمْدِ لَهُ تَعالى ووُجُوبِهِ عَلى المُمَيِّزِينَ مِن أهْلِ السَّماواتِ والأرْضِ كَما يُشْعِرُ بِهِ اتِّباعُ ذَلِكَ. (p-28)ذِكْرُ الوَعْدِ والوَعِيدِ، وتَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ بِالفاءِ في مَعْنى الأمْرِ بِهِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ عَلى ما صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الأجِلَّةِ، فَكَأنَّهُ حِينَئِذٍ قَدْ قِيلَ: فَسَبِّحُوا اللَّهَ تَعالى تَسْبِيحَهُ اللّائِقَ بِهِ سُبْحانَهُ في هَذِهِ الأوْقاتِ واحْمَدُوهُ، وظاهِرُ كَلامِ الأكْثَرِينَ أنَّ جُمْلَةَ ﴿لَهُ الحَمْدُ﴾ إلَخْ، مَعْطُوفَةٌ عَلى الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها، وأنَّ ( عَشِيًّا ) مَعْطُوفٌ عَلى ( حِينَ تُمْسُونَ ) بَلْ هم صَرَّحُوا بِهَذا، وعَلى ما ذُكِرَ يَكُونُ جُمْلَةُ ﴿لَهُ الحَمْدُ﴾ فاصِلَةً بَيْنَ المَعْطُوفِ والمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وما أشْبَهَ الآيَةَ حِينَئِذٍ بِآيَةِ الوُضُوءِ عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ أهْلُ السُّنَّةِ. وفي الكَشّافِ أنَّ ( عَشِيًّا ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾ .
{"ayah":"فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ حِینَ تُمۡسُونَ وَحِینَ تُصۡبِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











