الباحث القرآني
﴿وإنَّ مِنهم لَفَرِيقًا﴾ أيْ إنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ الخائِنِينَ لِجَماعَةٍ ﴿يَلْوُونَ ألْسِنَتَهم بِالكِتابِ﴾ أيْ يُحَرِّفُونَهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وقِيلَ: أصْلُ اللَّيِّ الفَتْلُ مِن قَوْلِكَ: لَوَيْتُ يَدَهُ إذا فَتَلْتُها، ومِنهُ لَوَيْتُ الغَرِيمَ إذا مَطَلْتُهُ (p-205)حَقَّهُ، قالَ الشّاعِرُ:
؎تُطِيلِينَ لَيّانِي وأنْتِ (مَلِيَّةٌ) وأُحْسِنُ يا ذاتَ الوِشاحِ التَّقاضِيا
وفِي الخَبَرِ: «”لَيُّ الواجِدِ ظُلْمٌ“،» فالمَعْنى يَفْتِلُونَ ألْسِنَتَهم في القِراءَةِ بِالتَّحْرِيفِ في الحَرَكاتِ ونَحْوِها تَغْيِيرًا يَتَغَيَّرُ بِهِ المَعْنى ويَرْجِعُ هَذا في الآخِرَةِ إلى ما قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَرِيبٌ مِنهُ ما قِيلَ: إنَّ المُرادَ يُمِيلُونَ الألْسِنَةَ بِمُشابِهِ الكِتابِ، والألْسِنَةُ جَمْعُ لِسانٍ، وذَكَرَ اِبْنُ الشِّحْنَةِ أنَّهُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، ونُقِلَ عَنْ أبِي عَمْرِو بْنِ العَلاءِ أنَّ مَن أنَّثَهُ جَمَعَهُ عَلى ألْسُنٍ، ومَن ذَكَّرَهُ جَمَعَهُ عَلى ألْسِنَةٍ، وعَنِ الفَرّاءِ أنَّهُ قالَ: اللِّسانُ بِعَيْنِهِ لَمْ أسْمَعْهُ مِنَ العَرَبِ إلّا مُذَكَّرًا ولا يَخْفى أنَّ المُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلى النّافِي؛ والباءُ صِلَةٌ أوْ لِلْآلَةِ أوْ لِلظَّرْفِيَّةِ أوْ لِلْمُلابَسَةِ، والجارُّ والمَجْرُورُ حالٌ مِنَ الألْسِنَةِ أيْ مُلْتَبِسَةٌ بِالكِتابِ.
وقَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ (يُلَوُّونَ) بِالتَّشْدِيدِ فَهو عَلى حَدِّ ﴿لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾، وعَنْ مُجاهِدٍ وابْنِ كَثِيرٍ (يَلُونَ) عَلى قَلْبِ الواوِ المَضْمُومَةِ هَمْزَةً ثُمَّ تَخْفِيفِها بِحَذْفِها وإلْقاءِ حَرَكَتِها عَلى السّاكِنِ قَبْلَها كَذا قِيلَ، واعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأنَّهُ لَوْ نُقِلَتْ ضَمَّةُ الواوِ لِما قَبْلَها فُحِذَفَتْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ كَفى في التَّوْجِيهِ فَأيُّ حاجَةٍ إلى قَلْبِ الواوِ هَمْزَةً، ورُدَّ بِأنَّهُ فُعِلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ عَلى القاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ بِخِلافِ نَقْلِ حَرَكَةِ الواوِ ثُمَّ حَذْفِها عَلى ما عُرِفَ في التَّصْرِيفِ، ونَظَرَ فِيهِ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ بِأنَّ الواوَ المَضْمُومَةَ إنَّما تُبَدَّلُ هَمْزَةً إذا كانَتْ ضَمَّتُها أصْلِيَّةً فَهو مُخالِفٌ لِلْقِياسِ أيْضًا، نَعَمْ قُرِئَ (يَلْؤُونَ) بِالهَمْزِ في الشَّواذِّ وهو يُؤَيِّدُهُ، وعَلى كُلٍّ فَفِيهِ اِجْتِماعُ إعْلالَيْنِ ومِثْلُهُ كَثِيرٌ، وأمّا جَعْلُهُ مِنَ الوَلْيِ بِمَعْنى القُرْبِ أيْ يُقَرِّبُونَ ألْسِنَتَهم بِمَيْلِها إلى المُحَرَّفِ فَبَعِيدٌ مِنَ الصَّحِيحِ قَرِيبٌ إلى المُحَرَّفِ.
﴿لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتابِ﴾ أيْ لِتَظُنُّوا أيُّها المُسْلِمُونَ أنَّ المُحَرَّفَ المَدْلُولَ عَلَيْهِ بِاللَّيِّ أوِ المُشابِهَ مِن كِتابِ اللَّهِ تَعالى المُنَزَّلَ عَلى بَعْضِ أنْبِيائِهِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقُرِئَ (لِيَحْسَبُوهُ) بِالياءِ والضَّمِيرُ أيْضًا لِلْمُسْلِمِينَ، ﴿وما هو مِنَ الكِتابِ﴾ ولَكِنَّهُ مِن قِبَلِ أنْفُسِهِمْ ﴿ويَقُولُونَ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ أيْ ويَزْعُمُونَ صَرِيحًا غَيْرَ مُكْتَفِينَ بِالتَّوْرِيَةِ والتَّعْرِيضِ أنَّ المُحَرَّفَ أوِ المُشابِهَ نازِلٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ ﴿وما هو مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ أيْ ولَيْسَ هو نازِلًا مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى، واَلْواوُ لِلْحالِ والجُمْلَةُ حالٌ مِن ضَمِيرِ المُبْتَدَأِ في الخَبَرِ، وفي جُمْلَةِ ﴿ويَقُولُونَ﴾ الخ تَأْكِيدٌ لِلنَّفْيِ الَّذِي قَبْلَها ولَيْسَ الغَرَضُ التَّأْكِيدَ فَقَطْ وإلّا لَما تَوَجَّهَ العَطْفُ بَلِ التَّشْنِيعُ أيْضًا بِأنَّهم لَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ التَّعْرِيضِ حَتّى اِرْتَكَبُوا هَذا التَّصْرِيحَ وبِهَذا حَصَلَتِ المُغايَرَةُ المُقْتَضِيَةُ لِلْعَطْفِ، والإظْهارُ في مَوْضِعِ الإضْمارِ لِتَهْوِيلِ ما قَدِمُوا عَلَيْهِ.
((واسْتَدَلَّ الجُبّائِيُّ والكَعْبِيُّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ فِعْلَ العَبْدِ لَيْسَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعالى وإلّا صَدَقَ أُولَئِكَ المُحَرِّفُونَ بِقَوْلِهِمْ ﴿هُوَ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ تَعالى لَكِنَّ اللَّهَ (ورَدَّ) بِأنَّ القَوْمَ ما اِدَّعَوْا أنَّ التَّحْرِيفَ مِن عِنْدِ اللَّهِ وبِخَلْقِهِ وإنَّما اِدَّعَوْا أنَّ المُحَرَّفَ مَنَزَّلٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ، أوْ [هُوَ] حُكْمٌ مِن أحْكامِهِ فَتَوَّجَهُ [اَلتَّكْذِيبُ] تَكْذِيبُ اللَّهِ تَعالى إيّاهم إلى هَذا الَّذِي زَعَمُوا)). والحاصِلُ أنَّ المَقْصُودَ بِالنَّفْيِ كَما أشَرْنا إلَيْهِ نُزُولُهُ مِن عِنْدِهِ سُبْحانَهُ وهو أخَصُّ مِن كَوْنِهِ مِن فِعْلِهِ وخَلْقِهِ، ونَفْيُ الخاصِّ لا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ العامِّ فَلا يَدُلُّ عَلى مَذْهَبِ المُعْتَزِلَةِ القائِلِينَ بِأنَّ أفْعالَ العِبادِ مَخْلُوقَةٌ لَهم لا لِلَّهِ تَعالى.
﴿ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ أيْ في نِسْبَتِهِمْ ذَلِكَ إلى اللَّهِ تَعالى تَعْرِيضًا وتَصْرِيحًا ﴿وهم يَعْلَمُونَ﴾ [ 78 ] أنَّهم كاذِبُونَ عَلَيْهِ سُبْحانَهُ وهو تَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِأنَّ ما اِفْتَرَوْهُ عَنْ عَمْدٍ لا خَطَأٍ، وقِيلَ: يَعْلَمُونَ ما عَلَيْهِمْ في ذَلِكَ مِنَ العِقابِ، رَوى الضَّحّاكُ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في اليَهُودِ والنَّصارى جَمِيعًا، وذَلِكَ أنَّهم حَرَّفُوا التَّوْراةَ والإنْجِيلَ وألْحَقُوا بِكِتابِ اللَّهِ تَعالى ما لَيْسَ مِنهُ، ورَوى غَيْرُ واحِدٍ أنَّها في طائِفَةٍ مِنَ اليَهُودِ، وهم كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ (p-206)ومالِكٌ وحُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ وأبُو ياسِرٍ وشُعْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الشّاعِرُ غَيَّرُوا ما هو حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّوْراةِ.
واخْتَلَفَ النّاسُ في أنَّ المُحَرَّفَ هَلْ كانَ يُكْتَبُ في التَّوْراةِ أمْ لا؟ فَذَهَبَ جَمْعٌ إلى أنَّهُ لَيْسَ في التَّوْراةِ سِوى كَلامِ اللَّهِ تَعالى وأنَّ تَحْرِيفَ اليَهُودِ لَمْ يَكُنْ إلّا تَغْيِيرًا وقْتَ القِراءَةِ أوْ تَأْوِيلًا باطِلًا لِلنُّصُوصِ، وأمّا أنَّهم يَكْتُبُونَ ما يَرُومُونَ في التَّوْراةِ عَلى تَعَدُّدِ نُسَخِها فَلا، واحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِما أخْرَجَهُ اِبْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أنَّهُ قالَ: إنَّ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ كَما أنْزَلَهُما اللَّهُ تَعالى لَمْ يُغَيَّرْ مِنهُما حَرْفٌ ولَكِنَّهم يَضِلُّونَ بِالتَّحْرِيفِ والتَّأْوِيلِ وكُتُبٍ كانُوا يَكْتُبُونَها مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ، ويَقُولُونَ: إنْ ذَلِكَ مِن عِنْدِ اللَّهِ وما هو مِن عِنْدِ اللَّهِ، فَأمّا كُتُبُ اللَّهِ تَعالى فَإنَّها مَحْفُوظَةٌ لا تُحَوَّلُ، وبِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقُولُ لِلْيَهُودِ إلْزامًا لَهُمْ: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فاتْلُوها إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ وهم يَمْتَنِعُونَ عَنْ ذَلِكَ فَلَوْ كانَتْ مُغَيَّرَةً إلى ما يُوافِقُ مَرامَهم ما اِمْتَنَعُوا بَلْ وما كانَ يَقُولُ لَهم ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأنَّهُ يَعُودُ عَلى مَطْلَبِهِ الشَّرِيفِ بِالإبْطالِ.
وذَهَبَ آخَرُونَ إلى أنَّهم بَدَّلُوا وكَتَبُوا ذَلِكَ في نَفْسِ كِتابِهِمْ واحْتَجُّوا عَلى ذَلِكَ بِكَثِيرٍ مِنَ الظَّواهِرِ ولا يَمْنَعُ مِن ذَلِكَ تَعَدُّدُ النُّسَخِ إمّا لِاحْتِمالِ التَّواطُؤِ أوْ فِعْلُ ذَلِكَ في البَعْضِ دُونَ البَعْضِ، وكَذا لا يَمْنَعُ مِنهُ قَوْلُ الرَّسُولِ لَهم ذَلِكَ لِاحْتِمالِ عِلْمِهِ ﷺ بِبَقاءِ بَعْضِ ما يَفِي بِغَرَضِهِ سالِمًا عَنِ التَّغْيِيرِ إمّا لِجَهْلِهِمْ بِوَجْهِ دَلالَتِهِ، أوْ لَصَرْفِ اللَّهِ تَعالى إيّاهم عَنْ تَغْيِيرِهِ، وأمّا ما رُوِيَ عَنْ وهْبٍ فَهو عَلى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ عَنْهُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ قَوْلًا عَنِ اِجْتِهادٍ، أوْ ناشِئًا عَنْ عَدَمِ اِسْتِقْراءٍ تامٍّ، ومِمّا يُؤَيِّدُ وُقُوعَ التَّغْيِيرِ في كُتُبِ اللَّهِ تَعالى وأنَّها لَمْ تَبْقَ كَيَوْمِ نَزَلَتْ - وُقُوعُ التَّناقُضِ في الأناجِيلِ وتَعارُضُها وتَكاذُبُها وتَهافُتُها ومُصادَمَتُها بَعْضُها بِبَعْضٍ، فَإنَّها أرْبَعَةُ أناجِيلَ: الأوَّلُ: «إنْجِيلُ مَتّى» وهو مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الحَوارِيِّينَ، وإنْجِيلُهُ بِاللُّغَةِ السُّرْيانِيَّةِ كَتَبَهُ بِأرْضِ فِلَسْطِينَ بَعْدَ رَفْعِ المَسِيحِ إلى السَّماءِ بِثَمانِي سِنِينَ، وعِدَّةُ إصْحاحاتِهِ ثَمانِيَةٌ وسِتُّونَ إصْحاحًا، والثّانِي: «إنْجِيلُ مُرْقُسَ» وهو مِنَ السَّبْعِينَ، وكَتَبَ إنْجِيلَهُ بِاللُّغَةِ الفِرِنْجِيَّةِ بِمَدِينَةٍ رُومِيَّةٍ بَعْدَ رَفْعِ المَسِيحِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وعِدَّةُ إصْحاحاتِهِ ثَمانِيَةٌ وأرْبَعُونَ إصْحاحًا، والثّالِثُ: «إنْجِيلُ لُوقا» وهو مِنَ السَّبْعِينَ أيْضًا، كَتَبَ إنْجِيلَهُ بِاللُّغَةِ اليُونانِيَّةِ بِمَدِينَةِ الإسْكَنْدَرِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وعِدَّةُ إصْحاحاتِهِ ثَلاثَةٌ وثَمانُونَ إصْحاحًا، والرّابِعُ: «إنْجِيلُ يُوحَنّا» وهو حَبِيبُ المَسِيحِ، كَتَبَ إنْجِيلَهُ بِمَدِينَةِ إقْسِسَ مِن بِلادِ رُومِيَّةَ بَعْدَ رَفْعِ المَسِيحِ بِثَلاثِينَ سَنَةً، وعِدَّةُ إصْحاحاتِهِ في النُّسَخِ القِبْطِيَّةِ ثَلاثَةٌ وثَلاثُونَ إصْحاحًا.
وقَدْ تَضَمَّنَ كُلُّ إنْجِيلٍ مِنَ الحِكاياتِ والقِصَصِ ما أغْفَلَهُ الآخَرُ، واشْتَمَلَ عَلى أُمُورٍ وأشْياءَ قَدِ اِشْتَمَلَ الآخَرُ عَلى نَقِيضِها أوْ ما يُخالِفُها، وفِيها ما تَحْكُمُ الضَّرُورَةُ بِأنَّهُ لَيْسَ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى أصْلًا، فَمِن ذَلِكَ أنَّ مَتّى ذَكَرَ أنَّ المَسِيحَ صُلِبَ وصُلِبَ مَعَهُ لِصّانِ أحَدُهُما عَنْ يَمِينِهِ والآخَرُ عَنْ شِمالِهِ، وأنَّهُما جَمِيعًا كانا يَهْزَآنِ بِالمَسِيحِ مَعَ اليَهُودِ ويُعَيِّرانِهِ، وذَكَرَ لُوقا خِلافَ ذَلِكَ، فَقالَ: إنَّ أحَدَهُما كانَ يَهْزَأُ بِهِ والآخَرَ يَقُولُ لَهُ: أما تَتَّقِي اللَّهَ تَعالى أمّا نَحْنُ فَقَدَ جُوزِينا وأمّا هَذا فَلَمْ يَعْمَلْ قَبِيحًا، ثُمَّ قالَ لِلْمَسِيحِ: يا سَيِّدِي اُذْكُرْنِي في مَلَكُوتِكَ، فَقالَ: حَقًّا إنَّكَ تَكُونُ مَعِي اليَوْمَ في الفِرْدَوْسِ، ولا يَخْفى أنَّ هَذا يَؤُولُ إلى التَّناقُضِ فَإنَّ اللِّصَّيْنِ عِنْدَ مَتّى كافِرانِ وعِنْدَ لُوقا أحَدُهُما مُؤْمِنٌ والآخَرُ كافِرٌ، وأغْفَلَ هَذِهِ القِصَّةَ مُرْقُسُ ويُوحَنّا.
ومِنهُ أنَّ لُوقا ذَكَرَ أنَّهُ قالَ يَسُوعُ: إنَّ اِبْنَ الإنْسانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ نُفُوسَ النّاسِ ولَكِنْ لِيُحْيِيَ، وخالَفَهُ أصْحابُهُ وقالُوا بَلْ قالَ: إنَّ اِبْنَ الإنْسانِ لَمْ يَأْتِ لِيُلْقِيَ عَلى الأرْضِ سَلامَةً لَكِنْ سَيْفًا ويُضْرِمُ فِيها نارًا، ولا شَكَّ أنَّ هَذا تَناقُضٌ، أحَدُهُما: يَقُولُ جاءَ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، والآخَرُ يَقُولُ: جاءَ نِقْمَةً عَلى الخَلائِقِ أجْمَعِينَ.
ومِن ذَلِكَ أنَّ مَتى قالَ: قالَ يَسُوعُ لِلتَّلامِيذِ الِاثْنَيْ عَشَرَ: أنْتُمُ الَّذِينَ تَكُونُونَ في الزَّمَنِ الآتِي جُلُوسًا عَلى اِثْنَيْ عَشَرَ (p-207)كُرْسِيًّا تَدِينُونَ اِثْنَيْ عَشَرَ سِبْطَ إسْرائِيلَ فَشَهِدَ لِلْكُلِّ بِالفَوْزِ والبِرِّ عامَّةً في القِيامَةِ ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ مَتّى وغَيْرُهُ وقالَ: مَضى واحِدٌ مِنَ التَّلامِيذِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وهو يَهُوذا صاحِبُ صُنْدُوقِ الصَّدَقَةِ فارْتَشى عَلى يَسُوعَ بِثَلاثِينَ دِرْهَمًا وجاءَ بِالشُّرَطِيِّ فَسَلَّمَ إلَيْهِمْ يَسُوعَ فَقالَ يَسُوعُ: الوَيْلُ لَهُ خَيْرٌ لَهُ أنْ لا يُولَدُ، ومِنهُ أنَّ مَتّى أيْضًا ذَكَرَ أنَّهُ لَمّا حُمِلَ يَسُوعُ إلى فِيلاطِسَ القائِدِ قالَ: أيُّ شَرٍّ فَعَلَ هَذا فَصَرَخَ اليَهُودُ وقالُوا: يُصْلَبُ يُصْلَبُ، فَلَمّا رَأى عَزْمَهم وأنَّهُ لا يَنْفَعُ فِيهِمْ أخَذَ ماءً وغَسَلَ يَدَيْهِ، وقالَ: أنا بَرِيءٌ مِن دَمِ هَذا الصِّدِّيقِ وأنْتُمْ أبْصَرُ، وأكْذَبَ يُوحَنّا ذَلِكَ فَقالَ: لَمّا حُمِلَ يَسُوعُ إلَيْهِ قالَ لِلْيَهُودِ: ما تُرِيدُونَ؟ قالُوا: يُصْلَبُ، فَضَرَبَ يَسُوعَ ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا يَطُولُ، فَإذا وقَعَ هَذا التَّغْيِيرُ والتَّحْرِيفُ في أُصُولِ القَوْمِ ومُتَقَدِّمِيهِمْ فَما ظَنُّكَ في فُرُوعِهِمْ ومُتَأخِّرِيهِمْ.
؎وإذا كانَ في الأنابِيبِ حَيْفٌ ∗∗∗ وقَعَ الطَّيْشُ في صُدُورِ الصِّعادِ
ويا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَنَبَّهَ اِبْنُ مُنَبِّهٍ لِهَذا أمْ لَمْ يَتَنَبَّهْ فَقالَ: إنَّ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ كَما أنْزَلَهُما اللَّهُ تَعالى سُبْحانَ اللَّهِ هَذا مِنَ العَجَبِ العُجابِ؟!.
{"ayah":"وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِیقࣰا یَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَـٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











